الصيام فرصة لتنظيم الكوليسترول.. كيف ذلك؟
مع كلّ يوم من الصيام، يخوض جسمك رحلة داخلية لاستعادة توازنه، لا تقتصر على الجانب الروحي فحسب، بل تمتد إلى أدق تفاصيل صحتك. فبينما تظن أنّ الصيام مجرّد اختبار للصبر، فإنّه في الواقع فرصة ذهبية لجني فوائد صحية مهمة، خاصّة في تنظيم مستويات الكوليسترول.
فكيف يُمكن للصيام أن يُساعد في تنظيم الكوليسترول؟ وهل يكفي الصيام وحده لتحقيق هذه الفائدة؟..
ما هو الكوليسترول؟
الكوليسترول هو مادة شمعية شبيهة بالدهون يحتاجها الجسم لتكوين أغشية الخلايا، وعديد من الهرمونات، وفيتامين "د"، كما يلعب دورا مهما في الهضم، إذ يُستخدم لصنع الصفراء التي تساعد على هضم الدهون. وينتج الكبد ما يحتاجه الجسم من الكوليسترول، كما يمكن الحصول عليه من عديد من الأطعمة الحيوانية كاللحوم، والدواجن، والبيض، ومنتجات الحليب (الكوليسترول الغذائي).
والكوليسترول في حدّ ذاته ليس مادة ضارة، فكما ذكرنا أنّه ضروري لعمل الجسم بشكل طبيعي، ولكن الأمر يتوقّف على مستواه في الدم، إذ يرتبط ارتفاع الكوليسترول بعديد من المخاطر الصحية، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية.

وينتقل الكوليسترول في مجرى الدم على هيئة جزيئات كروية تُسمى البروتينات الدهنية Lipoproteins، وأشهر نوعيْن منها هما:
✅ الكوليسترول النافع (HDL - High-Density Lipoprotein): يُعرف باسم "الكوليسترول الجيّد" لأنّه يساعد في إزالة الكوليسترول الزائد من الدم وإعادته إلى الكبد ليتم التخلص منه. وارتفاع مستوياته يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب.
❌ الكوليسترول الضار (LDL - Low-Density Lipoprotein): يُعرف باسم "الكوليسترول السيئ" لأنّه يمكن أن يتراكم في جدران الشرايين، مكوّنا لويحات قد تؤدي إلى تصلب الشرايين وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وارتفاعه يرتبط بمشاكل القلب والأوعية الدموية.
وعندما ترتفع مستوياته في الدم، يبدأ الكوليسترول الضار بالتراكم على جدران الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى تكون اللويحات التي تضيق الشرايين. هذه العملية تُعرف بـ "تصلب الشرايين"، وقد تعرقل تدفق الدم إلى القلب، مما يزيد من احتمال الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية. لذلك، من الضروري مراقبة مستويات الكوليسترول الضار والعمل على تقليلها للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية.
وهناك أيضا البروتين الدهني منخفض الكثافة جدّا (VLDL)، الذي ينقل الدهون الثلاثية (Triglycerides) وقد يؤدّي أيضا إلى مشاكل القلب إذا ارتفع مستواه.
تأثير الصيام على الكولسترول (قناة العربية)
ما هي أسباب ارتفاع الكولسترول؟
ويُعتبر نمط الحياة غير الصحي من الأسباب الأكثر شيوعا لارتفاع الكوليسترول في الدم. وتشمل هذه الأسباب:
← عادات الأكل غير الصحية: مثل تناول كميات كبيرة من الدهون الضارة (المشبعة والمتحولة).
← قلة النشاط البدني والخمول: حيث يؤدي كثرة الجلوس وقلة ممارسة الرياضة إلى زيادة الكوليسترول الضار.
← التدخين وشرب الكحول: يؤدي كلاهما إلى زيادة مستويات الكوليسترول الضار وتقليل الكوليسترول الجيد.
← الحالات الطبية: مثل السمنة، داء السكري، أمراض الكبد أو الكلى، متلازمة المبيض المتعدد الكيسات، الحمل، وخمول الغدة الدرقية.
← بعض الأدوية: مثل حبوب منع الحمل ومدرات البول قد تساهم أيضًا في ارتفاع مستويات الكوليسترول.
كيف يُؤثّر الصيام على الكوليسترول؟
تكشف دراسة نشرتها مجلة "بلوس ون" العلمية أنّ الصيام في شهر رمضان يُسهم في تحسين مستويات الكوليسترول الجيّد، مقابل انخفاض نسبة الكوليسترول الضار لدى العديد من المرضى.
وتوصلت الدراسة إلى هذه النتيجة بعد إجراء اختبارات متعددة، أظهرت أنّ الصيام يساهم في تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية لدى مرضى الكوليسترول، مما يمثل فرصة مهمة لتحسين صحتهم واستعادة عافيتهم.
وأكد العلماء في الدراسة على ضرورة أن يلتزم المرضى بتوصيات الأطباء التي يجب اتباعها سواء في الأيام العادية أو خلال أيام الصيام.
صوموا تَصِحُّوا - رسول الله صلى الله عليه وسلّم
وتؤكّد منظّمة الصحة العالمية على أنّ الصيام له تأثيرات إيجابية على الصحة، حيث يساهم في تعزيز كفاءة الجهاز الهضمي وتحسين عمله. كما يُساعد في تنظيم مستويات السكر والدهون في الدم، مما يؤدي إلى خفض ضغط الدم والكوليسترول، وبالتالي تحسين صحة القلب.
وتشير المنظمة إلى أنّ فترة الصيام اليومية، الممتدة من الفجر إلى غروب الشمس، تُعد فرصة مثالية لإعادة ترتيب علاقة الشخص بالطعام. كما تعتبر هذه الفترة فرصة لتبني عادات صحية يمكن أن تُسهم في فقدان الوزن بشكل منتظم وتحسين الصحة العامة.
وفي نفس الوقت، تُشدد منظمة الصحة العالمية على ضرورة أن يقترن الصيام بنظام غذائي متوازن وصحي، مع تجنب العادات الغذائية السيئة التي قد تؤدي إلى مشكلات صحية مثل السمنة وسوء التغذية.

وتُوصي منظّمة الصحة العالمية بالاستفادة القصوى من الصيام خلال شهر رمضان للتخلص من الوزن الزائد وتعزيز الصحة بشكل عام، وذلك من خلال اتّباع عدد من الإرشادات أبرزها:
√ شرب السوائل قبل تناول الطعام، حيث يُنصح بشرب كميات وفيرة من الماء قبل وجبة الإفطار لتجنب الجفاف، ويمكن تناول العصير أو الحليب كخيارات إضافية.
√ تناول الحساء عند كسر الصيام، حيث يُعد الحساء خيارا ممتازا لبدء الإفطار لأنه يحافظ على الترطيب ويوفر العديد من الفيتامينات والمعادن.
√ يفضل اختيار الحساء الغني بالخضراوات والطماطم والعدس.
√ تناول الخضراوات التي تحتوي على كميات كبيرة من الفيتامينات والمعادن والألياف. السَّلَطات متعددة الألوان تعتبر أكثر صحة، حيث يشير كل لون إلى أنواع مختلفة من المغذيات.
وفيما يلي بعض الأطعمة التي يُفضّل تجنبها أو الحدّ منها نظرا لمخاطرها الصحية واحتوائها على مستويات عالية من الكوليسترول:
صوم رمضان يُعزّز الصحة الجسدية ويُخفض مستويات الكوليسترول الضار (قناة العربي)
• الأطعمة المقلية: تحتوي هذه الأطعمة على كميات كبيرة من الكوليسترول والدهون المتحولة، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسمنة والسكري، بالإضافة إلى ارتفاع السعرات الحرارية.
• الوجبات السريعة: تُعد الوجبات السريعة من أبرز العوامل التي تساهم في زيادة خطر الإصابة بحالات صحية مزمنة مثل أمراض القلب، السكري، والسمنة.
• اللحوم المصنعة: يُنصح بتقليل تناول اللحوم المصنعة مثل النقانق والبرجر، نظرا لاحتوائها على كميات كبيرة من الكوليسترول، وقد أظهرت الدراسات ارتباطها بأمراض مثل سرطان القولون وأمراض القلب.
• المخبوزات والحلويات: تحتوي المعجنات والكعك والآيس كريم والحلويات الأخرى على كميات كبيرة من الكوليسترول، إلى جانب السكريات المضافة، الدهون غير الصحية، والسعرات الحرارية التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأمراض المزمنة الأخرى.
لذا، يُوصى لمرضى الكوليسترول المرتفع بتناول الأطعمة قليلة أو منزوعة الدسم، واستخدام زيت الزيتون البكر الممتاز بدلا من الزبدة، واختيار اللحوم الحمراء قليلة الدهن، بالإضافة إلى تناول الدجاج منزوع الجلد. كما ينبغي الحدّ من الأطعمة المقلية والمعالجة، واختيار بياض البيض بدلا من الصفار.
بشكل عام، إذا تمّ اتباع الصيام بشكل صحيح مع نمط حياة صحي، فإنّ ذلك يُمكن أن يكون له تأثير إيجابي على مستويات الكوليسترول في الدم، مما يسهم في الوقاية من الأمراض القلبية وتحسين صحة الأوعية الدموية. ومع ذلك، من الضروري استشارة الطبيب قبل بدء أيّ نوع من أنواع الصيام، خصوصا لأولئك الذين يعانون من حالات صحية مزمنة.
أمل مناعي
إقرأ أيضاً:
جسمك ليس خزّانا للماء.. تجنّب هذا الخطأ الشائع بعد الإفطار!
تشعر بالتُخمة بعد الإفطار؟.. تمشَّى
السحور بركة وصحة.. لا تُهمل وجبتك الرئيسية الثانية خلال رمضان