languageFrançais

الفيروس المضخم للخلايا: عدو خفي قد يرتبط بمرض الزهايمر؟

الفيروس المضخم للخلايا: عدو خفي قد يرتبط بمرض الزهايمر؟

لا تزال العديد من الأمراض العصبيّة تُثير تساؤلات حول أسبابها وعوامل خطرها المحتملة، على رأسها الزهايمر الذي يعدّ أحد أكثر الحالات المعقّدة والمقلقة، حيث يتسبّب في تدهور الذاكرة والقدرات العقلية. 

ومع سعي الباحثين لفهم أسبابه بشكل أعمق، بدأت تظهر خيوط جديدة تربط بين هذا المرض وفيروس قد يبدو بعيدا تماما عنه، وهو الفيروس المضخّم للخلايا (CMV).

هذا الفيروس المعروف بتأثيره على الجهاز المناعي، تبيّن في دراسة حديثة أنّه قد يلعب دورا خفيا في تطوّر الزهايمر، من خلال التسبّب في التهابات تُؤثّر على خلايا الدماغ وتسرّع من تدهور الوظائف المعرفية.

فما طبيعة هذا الفيروس؟ وكيف يُمكن أن تكون له علاقة بمرض يُصيب الذاكرة؟..

يعيش معك في صمت وينتظر لحظة ضعفك ليتحرّك!

الفيروس المضخّم للخلايا (بالإنجليزية: Cytomegalovirus - CMV) هو التهاب فيروسي يُصيب الجسم في أيّ مرحلة عمرية، وينتمي إلى عائلة فيروسات الهربس، ومثله كمثل الفيروسات الأخرى في هذه العائلة، يظل كامنا في الجسم بعد الإصابة الأولية. ومع ذلك، يُمكن أن ينشط مرة أخرى في ظل ظروف معينة، مما يؤدّي إلى عدوى متكررة.

والفيروس المضخم للخلايا منتشر على نطاق واسع، ويتعرّض له معظم الناس في مرحلة ما من حياتهم. لكنّ المشكلة تظهر عندما يُصيب أشخاصًا لديهم جهاز مناعي ضعيف، مثل المرضى الذين خضعوا لزراعة أعضاء، أو المصابين بفيروس نقص المناعة، أو حديثي الولادة. 

وينتقل مرض عدوى الفيروس المضخّم للخلايا عن طريق التلامس المباشر مع سوائل جسم المصاب مثل البول، الدم، والعرق، والسائل المنوي، وقد ينتقل من الأم لطفلها خلال فترة الحمل أو عن طريق الرضاعة الطبيعية.

وسُمي بفيروس المضخم للخلايا لكونه يعمل على تضخيم الخلية المصابة، إذ يتكاثر ببطء داخل الخلية المصابة. 

 

وتُوجد أنواع مختلفة من الفيروس المضخّم للخلايا، وهي:

فيروس المضخم للخلايا الخلقي، والتي تنتج عن ولادة طفل مصاب بالمرض.

فيروس المضخم للخلايا الأوّلي أو الابتدائي، وهي المرة الأولى التي يُصاب بها الشخص بالفيروس، وعادة لا تظهر على المريض أيّ أعراض، ولكن في بعض الحالات قد تظهر أعراض مشابهة لأعراض داء التقبيل.

الفيروس المضخم للخلايا معاد التنشيط، بحيث تكون تمّت الإصابة بالفيروس من قبل، ثمّ تمّ إعادة تنشيطه في الجسم.

الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس تضخم الخلايا

والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمرض فيروس المضخم للخلايا هم: 

الأشخاص الذين يعانون من أمراض نقص المناعة: مثل مرضى الإيدز، أو مرضى السرطان أو من يتناولون الأدوية التي تخفض مناعة الجسم.

الأطفال.

البالغين، من هم على اتصال مباشر مع الأشخاص المصابين.

المرضى المحتاجين لنقل الدم بشكل مستمر.

أعراض الفيروس المضخم للخلايا: ماذا يحدث عندما ينشط؟

قد يصاب الشخص بهذا الفيروس دون وجود أعراض مرافقة له، وقد تظهر علامات وأعراض الإصابة بهذا المرض على النحو التالي:

أعراض الفيروس المضخم للخلايا لدى الأطفال الرضع: 

قد لا تظهر الأعراض على الأطفال الرضع الذين أصيبوا بالعدوى من الأم المصابة خلال الولادة، وقد تظهر الأعراض على النحو التالي:

اصفرار الجلد أو ما يسمى اليرقان / الولادة المبكرة / اضطرابات في النمو / صغر حجم الرأس / انخفاض وزن الطفل / قد يظهر طفح جلدي أرجواني اللون / التشنجات / فقدان السمع / تضخم الكبد والتهابه / تضخم الطحال / التهاب رئوي.

* تظهر هذه الصورة خليّة مصابة بالفيروس المضخم للخلايا *

أعراض الفيروس المضخم للخلايا لدى أصحاب المناعة المنخفضة: 

مثل مرضى الإيدز، ومرضى السرطان، تظهر أعراض فيروس CMV بشكل كبير وقوي، كالتالي: 

التهاب الحنجرة / صعوبة في البلع / فقدان الشهية / فقدان الوزن / إسهال / ألم البطن / آلام أسفل الظهر / ضعف في الساقين / عدم وضوح الرؤية / بقع سوداء متحركة في البصر / العمى / ضعف وتعب عام.

أعراض الفيروس المضخم للخلايا لدى الاصحاء: 

قد لا تظهر الأعراض لديهم ويبقى الفيروس خاملاً فترة زمنية طويلة، وإذا ظهرت الأعراض تظهر على النحو التالي: 

ضعف وتعب عام / تضخم الغدد الليمفاوية / ارتفاع درجات الحرارة / فقدان الوزن / ألم في الحلق / فقدان الشهية.

ومن مضاعفات الفيروس المضخم للخلايا ما يلي:

براز مصحوب بالدم / ألم البطن / عدم وضوح الرؤية / التهاب الكبد / التهاب الرئة / التهاب القولون / التهاب الدماغ / التهاب القلب / متلازمة غيلان باريه

الفيروس المضخم للخلايا والزهايمر.. علاقة خفية!

حسب ما نقلتته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، عن دراسة صدرت مؤخّرا، فإنّ الفيروس المضخم للخلايا، الذي يحمله نصف البالغين ويسبّب مرضا يشبه نزلات البرد، قد يؤدّي إلى الإصابة بالزهايمر.

وزعم علماء أمريكيون في دراستهم الحديثة، أنّ العدوى موجودة في ما يصل إلى 45% من حالات الزهايمر.

وقد يُصاب بعض الأشخاص المعرضين لهذا الفيروس بعدوى معوية مزمنة، مما يسمح له بدخول مجرى الدم والانتقال إلى الدماغ.

وهنا، يتم التعرف عليه بواسطة الخلايا المناعية في الدماغ - الخلايا الدبقية الصغيرة -، كما يقول الباحثون، مما يساعد على المساهمة في التغيرات البيولوجية المرتبطة بمرض الزهايمر.

ويأمل العلماء، الذين وصفوا النتائج بأنها "مثيرة"، أن يمهد البحث الطريق لتأكيد ما إذا كانت الأدوية المضادة للفيروسات الشائعة المستخدمة لعلاج CVM قد تساعد في منع هذا الشكل من المرض.

 

هل يُمكن الوقاية منه أو تقليل مخاطره؟

النظافة الشخصية الدقيقة هي أفضل طرق الوقاية من الفيروس المضخم للخلايا. ويمكنك اتّباع هذه التدابير:

اغسل يديك كثيرًا. اغسل يديك بالماء والصابون لمدة من 15 إلى 20 ثانية، خصوصًا إذا كنت تتعامل مع الأطفال الصغار أو لمست حفاضاتهم أو لعابهم أو غيره من الإفرازات الفموية. ويكون هذا ضروريًا بشكل خاص إذا كان الأطفال يذهبون إلى مراكز رعاية الطفل.

تجنّب ملامسة الدموع واللعاب عند تقبيل الطفل. يمكنك تقبيل الطفل على جبهته بدلاً من تقبيله على شفتيه على سبيل المثال. وتزداد أهمية ذلك إذا كنتِ حاملاً.

تجنّب مشاركة الطعام أو الشراب من الكوب نفسه مع الآخرين. يمكن أن تؤدي مشاركة الأكواب وأدوات المطبخ إلى نشر الفيروس المضخم للخلايا.

توخَّ الحذر عند استخدام الأدوات القابلة للاستخدام مرّة واحدة. عند التخلص من الحفاضات والأنسجة وغيرها من الأغراض الملوثة بسوائل الجسم، فاغسل يديك جيدًا قبل لمس وجهك.

نظّف الألعاب والأسطح، ونظف أيّ أسطح تلامس بول الأطفال أو لعابهم.

احرص على سلامتك أثناء ممارسة الجنس. ارتدِ الواقي الذكري أثناء الاتّصال الجنسي لمنع انتشار الفيروس المضخّم للخلايا عبر السائل المنوي والسوائل المهبلية.

 

إذن الفيروس المضخم للخلايا هو فيروس شائع قد يبقى كامنا في الجسم لفترات طويلة دون أن يلاحظ الشخص وجوده، لكن تأثيراته قد تصبح خطيرة في حالات معينة، خصوصًا عندما يضعف الجهاز المناعي. ورغم أن الأبحاث ما زالت جارية لفهم العلاقة بين هذا الفيروس ومرض الزهايمر بشكل كامل، تشير الدراسات إلى أن CMV قد يلعب دورًا في تعزيز تطور المرض عن طريق تأثيره على خلايا الدماغ.

ومن خلال الوقاية المبكرة والعناية بالجهاز المناعي، يمكن تقليل مخاطر الإصابة بالمضاعفات المرتبطة بهذا الفيروس. وبينما لا يزال الأمر يتطلب المزيد من الأبحاث العلمية لتحديد كيفية الوقاية بشكل أفضل، يبقى الحفاظ على صحة الجسم والمناعة هو أول خطوة نحو تقليل هذه المخاطر.

في النهاية، الوقاية دائمًا خير من العلاج، ومع الوعي الكافي، يمكننا حماية أنفسنا والحد من تأثير هذا الفيروس على صحتنا..

إعداد: أمل مناعي