بطلات يُقاومن عدوّا غير مرئي.. ملاحم لمريضات ''سرطان الثدي''
هي قصة نساء برتبة بطلات بمقاومتهنّ كل يوم مرض "سرطان الثدي".. هنّ بطلات حياة بأسرها ويتربعن على عرش القوة والصبر والثبات والعزيمة..
عادت بنا رجاء السوسي إلى عشرة أعوام مضت، حين اكتشفت لأول مرة وبمحض الصدفة مرضها بسرطان الثدي. وقالت في مداخلة لـ"حكاية منّا" ببرنامج "على كل لسان"، إنها كانت تقوم بفحص روتيني عادي فطلب منها الطبيب تحاليل من بينها تحاليل تقصي السرطان وكانت النتيجة إيجابية.. فكانت "الصدمة" بالنسبة إليها بسبب عدم توقعها هذه النتيجة لأنها لم تكن منتبهة لأي ألام أو تكيّسات في ثدييها، حسب تعبيرها.
انطلقت رحلة علاج طويلة لـرجاء، بدأتها بالعلاج الكميائي ثم عملية استئصال ثدي تلتها متابعة مستمرة ودورية.
في بداية الأمر، غمرت رجاء مشاعر الحزن واليأس واهتزّت ثقتها في نفسها وفي "أنوثتها"، حين تساقط شهرها بمفعول العلاج الكيميائي وحين فقدت أحد ثدييها في عملية الاستئصال، فصارت تتحاشى النظر لجسدها في المرآة.
لكن إحاطة الزوج والعائلة والأصدقاء مهمة جدا لكل إمرأة تعاني هذا المرض، وانطلقت في الرحلة العلاجية الصعبة. وأشارت رجاء إلى أهمية دعم الأسرة والمحيطين بالمريضة لرفع المعنويات وتقوية الإرادة من أجل المواصلة.
وقد أرادت رجاء مٌشاركة تجربتها مع نساء أخريات من مرضى سرطان الثدي، وانخرطت في ''الجمعية التونسية لرعاية مرضى سرطان الثدي'' لتتقاسم معهنّ رحلتها مع السرطان وتتبادل معهنّ كواليس هذه التجربة التي لم تكن سهلة بالنسبة إليها.
ثم تحوّل حبّ مشاركة التجربة لدى رجاء، إلى توق للعمل الجمعياتي التطوعي بإسداء النصيحة من خلال ما عاشته منذ اكتشافها مرضها إلى رحلة علاجها مرورا بكل التفاصيل...
وقد غاصت محدّثتنا في تجربة جمعياتية تٌعنى بمجال يعني لها الكثير. وفي الأثناء، شهد وضعها الصحي تحسنا ملحوظا، إلى أن تقلّدت منصب الكاتبة العامة للجمعية التونسية لرعاية مرضى سرطان الثدي لتستقبل النساء وتساندهنّ، ومن بينهن جاءت محبوبة، المرأة التي قصدت الجمعية وهي تزاول علاجها، وقاسمتنا بدورها جانبا من قصتها مع هذا المرض.
البداية لم تكن مختلفة كثيرا عن رجاء، إذْ أن اكتشاف إصابتها بسرطان الثدي مثّل صدمة لها أيضا وتسبب في شعورها باليأس وباقتراب نهايتها، وفق تعبيرها.
وتابعت محبوبة، "اليأس رافقني منذ لحظة اكتشاف إصابتي إلى أن جاءت لحظة فارقة غيّرت مسار إحساسي بالحزن والخوف". وروت كيف صادفت نساء ينشطن في جمعية رعاية مرضى سرطان الثدي خلال حصة علاجها الثانية، وكانت حينها منهارة، لكنّ مشهد عضوات الجمعية وهنّ يتحدثن للنساء اللاتي يزاولن علاجهن والموجودات بالقسم، جذب انتباهها خاصة حين شاهدت بعض الأنشطة الترفيهية على غرار الموسيقى والرقص.
واعتزمت محبوبة بعد استكمال حصتها التوجه لهذه الجمعية، ومنذ ذلك الحين تغيّرت رؤيتها لهذا المرض وصار الأمر تحديا ورفضا للهزيمة أمامه متسلحة بكل ما لديها من قوة وإيمان وإصرار على الانتصار، حتى نسيت أنها مريضة وصارت تنصح المريضات بعدم الخوف وخوض غمار العلاج دون تردد مردّدة: "اضحك وحِب الدِّنيا وعِـيش".
رجاء ومحبوبة هما مثال يعكس قوة المرأة في التغلب على أي عائق مهما كان صعبا، وهما تدعوان كل امرأة إلى عدم الرضوخ للمرض والمُضيّ قدما في العلاج مع المحافظة على معنويات مرتفعة "فنصف العلاج معنويات".
وحسب إحصاءات وزارة الصحة، فإن عدد المصابات بسرطان الثدي إلى حدود 2020 بلغ 3515 امرأة أي بنسبة 58.7 بالمائة لكل 100 ألف ساكن.. و"حكاية منّا" اختارت أن تكرّم اليوم كل امرأة مريضة بسرطان الثدي وتقدّم وردة لكل بطلة منهن.
غفران العكرمي