القصرين: ''أم هاني'' ورحلة كفاح في حقول الحلفاء
تنطلق "أم هاني"( 50 سنة)، بخطواتها الواثقة بين مرتفعات "قرعة العطش" المحاذية لجبل سمامة في حقول تعرف تفاصيلها كما تعرف منزلها، وسط رحلة شاقة أجبرتها الجغرافيا على الارتباط بنبتة الحلفاء منذ أكثر من ثلاثين سنة.
طالما ارتبط اسم القصرين بالحلفاء التي بقيت مورد رزق للآلاف من متساكني المناطق الجبلية بالسباسب العليا وخصوصا منذ أكثر من نصف قرن مع بعث الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق التي كانت السوق الوحيدة لجامعي الحلفاء بالجهة.
تعطل الإنتاج في "معمل الحلفاء" لهذه السنة لم يمنع "أم هاني" من مواصلة رحلة كفاحها في حقول ممتدة تعتبرها مصدر كرامتها الوحيد.
"أنا أقوم بجني الحلفاء منذ عقود واليوم أشرف على تكوين ناشطين على اقتلاع الحلفاء ثم تحويلها إلى أدوات منزلية عبر صناعات تقليدية عوضت سوق معمل الحلفاء المتذبذبة، وأتمنى أن يقمن بتعليمي القراءة والكتابة بعد تعلمهن لكل ما يدور في فلك نبتة الحلفاء". هذا ما قالته "أم هاني" وهي منغمسة في جمع الحلفاء التي تزين الحقول المؤدية إلى مرتفعات القصرين.
نبتة الحلفاء لا تقتلع إلا بالأيادي التي أدمتها على امتداد عقود، وتعتمد على تقنيات محددة لكي تكون مادة أولية ذات قيمة لمنتوج قد لا يراعي ثمنه قيمة تضحيات جامعيه.
تقول "أم هاني" أن الخوف من الجبال التي باتت مرتعا للمجموعات الإرهابية وشقاء المهنة لم يمنعاها هي ونسوة المنطقة من مواصلة نضالهن من أجل مهنة فُرضت عليها منذ طفولتها كسبيل وحيد لتحقيق كرامتهن.
"أم هاني" مكلفة اليوم، بتكوين مربين وناشطين بالمجتمع المدني على اقتلاع الحلفاء وتحويلها إلى مواد منزلية، حتى لا تندثر بمفعول التقادم هذه الحرف التي قد تنبعث لها آفاق أخرى عبر إيجاد فرص تسويق جديدة، وفق ما صرح به مدير المركز الثقافي الجبلي بسمامة عدنان الهلالي المشرف عن حلقة التكوين التي من دورها تثمين نبتة القصرين المهملة.
تعود "أم هاني" بعد رحلة نضالها في الحقل محملة بما اقتعت من حلفاء علمتها معنى المثابرة والصمود. نبتة لو تكلمت سياسة لتحدثت عن هامش يجتر عقودا من الهشاشة والنسيان.
برهان اليحياوي.