languageFrançais

اضطرابات النوم.. مخاطرها وكيف تتخلّص منها؟

اضطرابات النوم.. مخاطرها وكيف تتخلّص منها؟

يعاني بعض الأشخاص من اضطراب النوم (Sleep disorders) وهي حالة تؤثر على القدرة على النوم بشكل منتظم وجيّد، ممّا قد يؤدي إلى مشاكل صحية جسدية ونفسية.

يتم تصنيف هذه الاضطرابات إما عند الإفراط في النوم مما يعني النعاس أثناء النهار أو النوم ليلاً لفترة طويلة، أو الأرق وهو فقدان القدرة على النوم. هناك أنواع مختلفة من اضطرابات النوم، اضطرابات النوم داخلية المنشأ واضطرابات النوم خارجية المنشأ.

فقدان القدرة على النوم ليلا

تتعدد الحالات الصحية والأمراض التي تتسبب في المعاناة من اضطراب النوم، والمحتمل أن تتطور الحالة مع مرور الوقت وتتفاقم.

الحساسية ومشكلات الجهاز التنفسي: قد تؤدي بعض أنواع الحساسية ونزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي العلوي إلى المعاناة من صعوبة التنفس في الليل، وذلك قد يكون كفيلًا لمواجهة بعض الصعوبات في النوم.

كثرة قضاء الحاجة: قضاء الحاجة الليلي وكثرتها قد يؤثر بشكل ملحوظ على النوم نظرًا للاستيقاظ بشكل مستمر ومتكرر في الليل، حيث تساهم الاختلالات الهرمونية وأمراض المسالك البولية في تطور هذه الحالة أحيانًا، وبذلك تُعد أحد أسباب اضطراب النوم، ويجب التواصل مع طبيب مختص بشكل فوري في حال ملاحظة هذه الأعراض.

الآلام المزمنة: إن الشعور بالألم المستمر قد يجعل من النوم أمرًا صعبًا، إذ يتسبب بالاستيقاظ حتى بعد أن الاستغراق بالنوم العميق، ومن الأسباب الأكثر شيوعًا للإصابة بالآلام المزمنة هي التهاب المفاصل، متلازمة التعب المزمن، التهاب الأمعاء، الصداع المستمر،  آلام أسفل الظهر المستمرة والشديدة. 

كما لا بدّ من التنويه إلى نقطة مهمة وهي أن بعض الآلام المزمنة قد تتفاقم بسبب اضطرابات النوم، حيث بيّن بعض الأطباء أن تطور الألم العضلي الليفي ناجمًا عن ارتباطه بإحدى مشكلات النوم المختلفة.

التوتر والقلق: قد يكون أحد أسباب اضطراب النوم الشعور المستمر بالقلق والتوتر، إذ من الصعب النوم أو البقاء نائمًا إذا كان هنالك أمر ما يقلقك، حيث تؤدي الكوابيس أو التحدث أثناء النوم، أو السير خلال النوم إلى معاناتك من صعوبة الخلود إلى النوم بالشكل المريح. 

متلازمة تململ الساقين: هي حالة عصبية تشعر فيها برغبة ملحة ولا يمكن السيطرة عليها لتحريك ساقيك، وعادة ما تنجم عن شعور بعدم الراحة في الساق. ويحدث ذلك عادة حين تكون جالسًا أو مستلقيًا في المساء ما يؤدي بالبعض إلى المعاناة من اضطراب النوم.

أسباب أخرى قد تؤدي إلى اضطرابات على غرار لاكتئاب، أمراض القلب، أو الاضطرابات العصبية، أحد الآثار الجانبية لبعض الأدوية، الاستهلاك المفرط للمشروبات الكحولية والكافيين، انخفاض مستويات بعض المواد الكيميائية أو المعادن في الدماغ.

تشمل اضطربات النوم أيضا الحالات التي تعاني من صعوبة البقاء نائما والاستيقاظ في وقت أبكر من المطلوب ويسمى بـ''أرق الحفاظ على النوم''، حيث لا يستطيع الأشخاص المصابون بهذا النوع من الأرق النوم عادة، ولكنهم يستيقظون بعد عدة ساعات، ولا يتمكنون من العودة إلى النوم مجددًا بسهولة.

ويكون أرق الحفاظ على النوم أكثر شيوعا بين البالغين الأكبر سنًا بالمقارنة مع الفئة الأصغر سنًا. وقد يحدث هذا النوع من الأرق عند الأشخاص الذين يستخدمون مواد محددة.

العادات السيئة المتعلقة بالنوم، قد تكون سبابا في هذه الاضطربات، على غرار عدم انتظام مواعيد النوم، استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم والتواجد في بيئة نوم غير مريحة مثل الضوضاء أو الإضاءة الزائدة.

النعاس المفرط في أثناء النهار

اضطرابات النوم لا تتوقف عند عدم القدرة على النوم المسترسل في الليل ولكنها تشمل أيضا النعاس المفرط أثناء النهار، والمتأتية من حالات داخل أو خارج الجسم، فيما يعاني بعض الأشخاص من هذه الحالة دون سبب صحي واضح، وقد يكون للعوامل الجينية دور أيضا. وتشير الإحصائيات إلى أن حَوالى 80٪ من المصابين بالاكتئاب يعانون من الأرق وفرط النعاس أثناء النهار.

المتخصصة في أبحاث النوم البروفيسورة كنيجينيا ريشتر عدّدت العواقب الوخيمة لاضطرابات النوم، من بينها الشعور بالتعب المستمر والإرهاق وضعف التركيز واعتلال المزاج، وأخطرها، الاكتئاب والوقوع في فخ إدمان الخمر والمخدرات.

اضطرابات النوم في أرقام...

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ 30% من سكان العالم يعانون من اضطرابات النوم، بما في ذلك الأرق، فيما يعاني حوالي 10 % منهم من أرق مزمن يؤثر على حياتهم اليومية. من جانبها كشفت الجمعية الأمريكية لطب النوم أنه من 50 إلى 70 مليون أمريكي يعانون من اضطرابات النوم المزمنة، وأنّ 35% من البالغين في الولايات المتحدة ينامون أقل من 7 ساعات يوميًا، وهي المدة الموصى بها للبالغين.

مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها يقول إنّ 1 من كل 3 بالغين في الولايات المتحدة لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم، ويعاني حوالي 4% من البالغين من استخدام حبوب النوم الموصوفة طبيًا.

في أوروبا، يعاني ما بين 10 و20% من السكان من الأرق المزمن، وفي آسيا، تشير الدراسات إلى أن  30% من السكان يعانون من اضطرابات النوم.

وأفادت دراسة نشرت في مجلة ( The Lancet Respiratory Medicine) أنّ توقف التنفس أثناء النوم يؤثر على حوالي 1 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، فيما تصيب متلازمة تململ الساقين من بين5 و10% من البالغين في أمريكا الشمالية وأوروبا. أما النوم القهري فهو يصيب حوالي 1 من كل 2000 شخص في العالم.

ووفقًا لدراسة أجرتها ''RAND Corporation''، تكلف اضطرابات النوم الاقتصاد الأمريكي حوالي 411 مليار دولار سنويًا، بسبب فقدان الإنتاجية والحوادث المرتبطة بقلة النوم.

أما الوطن العربي، فتشير الدراسات إلى أنه ما بين 20 و30% من السكان في المنطقة العربية يعانون من اضطرابات النوم، خاصة الأرق.

ماذا عن تونس؟

في تونس، تُعتبر اضطرابات النوم من المشكلات الصحية التي تؤثر على جودة حياة العديد من الأشخاص، وتشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من التونسيين يعانون من أحد أشكال اضطرابات النوم، مثل الأرق أو انقطاع النفس أثناء النوم. وتؤكّد نائب رئيس الجمعية التونسية لطبّ النوم سنية معالج غياب إحصائيات حول عدد المصابين بمرض النوم في تونس، مشيرة إلى أن اضطرابات النوم ومن بينها نقص النوم أو الإفراط في النوم ما فتئت اليوم تزداد انتشارا، لدى التونسيين، وفق ما أظهرته دراسة أنجزتها الجمعية التونسية لطبّ النوم.

وأكدّت في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنّ الصحّة الجسدية والنفسية للفرد مرتبطة بطبيعة نومه، مشددة على ضرورة مراجعة مختص في المجال، باعتبار ان اضطرابات النوم يمكن أن تكون سببا للإصابة ببعض أمراض القلب والشرايين، أو السكري أو السمنة أو الاضطرابات العقلية. وطب النوم هو اختصاص تمّ إدراجه منذ سنة 2006 ضمن برامج كليات الطب في تونس، للبحث عن إشكاليات النوم وعلاجاتها.

كيف تنام نوما صحيا وهانئا:

يحظى النوم الصحي بأهمية كبيرة للجسد والذهن على حد سواء، حيث يساعد على الراحة والاسترخاء ليلا بعد يوم طويل وشاق، وشحن مخزون الطاقة لليوم التالي من ناحية، ويقي من متاعب الظهر والعمود والفقري من ناحية أخرى.

وفي تقرير نشرته وكالة الأنباء الألمانية، أوضح جراح العظام الألماني البروفيسور برند كلادني أن فوائد النوم الصحي لا تقتصر على التمتع بحالة ذهنية ومزاجية جيدة والقدرة على بذل المجهود فحسب، بل إنه يعمل أيضا على حماية الظهر والعمود الفقري والفقرات العنقية من الآلام والتشوهات.

من جانبه، أكد رئيس الجمعية الألمانية لطب النوم وأبحاث النوم البروفيسور بيتر يونج على أهمية النوم على سرير ذي مرتبة ووسائد تدعم الوضعية الطبيعية للعمود الفقري والفقرات العنقية وتتسم بالراحة، أي لا تتسبب في الشعور بآلام أثناء النوم ولا تجبر المرء على اتخاذ وضعية نوم معينة.

توفير بيئة هادئة للنوم: احرص على أن تكون إضاءة غرفتك خافتة أو استخدم قناعاً للنوم، كما احرص على أن تكون الغرفة خالية من الضوضاء أو مصادر الإزعاج.

تحسين عادات النوم: احرص على النوم في الوقت نفسه قدر الامكان كلّ يوم حتى في أيّام العطل، فذلك يحسّن من روتينك اليومي ويخفّف من تقطّع النوم.

ممارسة اليوغا: مارس بعض الأنشطة البدنية التي تساعدك على الإسترخاء والراحة مثل اليوغا.

عدم استخدام الهاتف قبل النوم: حاول ألا تستخدم هاتفك في الفراش أو أي جهاز إلكتروني، وحاول إبعادها عن السرير.

تجنّب التدخين والأكلات الدسمة: ابتعد عن التدخين قبل ساعات من موعد النوم، ولا تتناول وجبة دسمة أو وجبات سريعة قبل موعد النوم بثلاث ساعات.

تجنّب الكافيين: إذا كنت تشرب الكثير من الكافيين مثل القهوة والشاي، أو تشربها في أوقات متأخرة، فعليك التوقف عن فعل ذلك لتحسين نمط نومكم.

تناول الأعشاب: يمكنك اللجوء إلى شرب أنواع من الأعشاب قبل موعد النوم، ما يساعد على الإسترخاء والنوم مثل اليانسون، البابونج، جذور الناردين.

إذا أصبحت مشاكل النوم مزمنة، وأصبحت تؤثّر على حياتك اليومية، لتصبح هذه المشاكل صحية وجسدية ونفسية، فقد يكون من الأنسب استشارة طبيب متخصص في طب النوم.

*أميرة عكرمي