دراسة: نساء البرباشة في رحلة البحث عن أمل داخل صناديق القمامة
نساء "البرباشة" في تونس، هنّ أيقونات صبر وكفاح، يبحثن يوميا عن بقايا أمل في صناديق القمامة.. يقضين ساعات طويلة في التنقيب عن مواد بلاستيكية أو معدنية قابلة لإعادة التدوير، يكسبن منها قوت يومهن بصعوبة.
تراهنّ يحملن الأكياس الكبيرة بأحلام صغيرة إلا أنهن يواجهن تحديات كبرى، بدءا من غياب الحماية الاجتماعية وظروف العمل الصحية، وصولا إلى نظرة المجتمع التي غالبا ما تفتقر إلى التقدير أو الفهم..
هذا الواقع الصعب بكلّ تفاصيله تُعريه دراسة أنجزها الاتحاد الوطني للمرأة حول "واقع النساء البرباشة وآثار العنف الاقتصادي والاجتماعي المسلط عليهن والحلول الممكنة لادماجهن اقتصاديا واجتماعيا".
وبيّنت عضو المكتب التنفيذي للاتحاد، مهى البرقاوي، خلال استضافتها في برنامج "ميدي إيكو"، الخميس 12 ديسمبر 2024، أنّه وفقا لهذه الدراسة التي شملت عيّنة 116 امرأة من ولايات تونس الكبرى فقط (تونس، بن عروس، أريانة، منوبة)، فإنّ امرأتين على ثلاث من "البرباشة" تتراوح أعمارهن بين 40 إلى 80 عاما، مشيرة إلى أنّ مهنة "البرشاشة" قطاع غير منظّم وبالتالي لا معطيات مسجّلة حول العاملات به، ونسبة كبيرة من هنّ لا يتمتّعن بالتغطية الاجتماعية ولا يملكن دفتر علاج.
%60 من النساء "البرباشة" يجمعن القوارير البلاستيكية |
---|
%44 من النساء "البرباشة" يحملن الأكياس على ظهورهن |
%60 من النساء "البرباشة" يعملن دون قفازات |
22 بالمائة من النساء "البرباشة" لا يملكن بطاقة علاج |
ووفق هذه الدراسة التي شملت 116 امرأة من الناشطات في هذا القطاع في تونس الكبرى، فإنّ 62% من النساء "البرباشة" يُمارسن هذا النشاط كامل الوقت، وأنّ جمع وفرز ورسكلة النفايات هو مورد الرزق الوحيد لحوالي 77 في المائة منهن، فضلا عن أن 39 في المائة من النساء المستجوبات يُمارسن هذا النشاط يوميا لأكثر من 7 ساعات.
62 بالمائة من النساء "البرباشة" يمارسن النشاط بشكل كامل |
---|
77 بالمائة من النساء "البرباشة" يعتمدن عليه كمصدر دخل وحيد |
39 بالمائة من النساء "البرباشة" يعملن يوميا لأكثر من 7 ساعات |
مهنة "البرباشة"
"البرباشة" هي مهنة ظهرت في السنوات الأخيرة، خاصّة في المدن إذ يقوم العاملون والعاملات بها بجمع المواد القابلة للرسكلة خاصة البلاستيك والألومنيوم ويبيعونها للشركات التي تقوم بتدوير ورسكلة هذه النفايات. وينقسم عمل البرباشة إلى نوعين:
* برباشة المصبات المراقبة أو العشوائية إذ يقومون بفرز النفايات داخل المصبات بعد جمعها من قبل البلديات.
* برباشة الأحياء الذين يقومون بجمع وفرز القوارير البلاستيكية أو الألومينيوم داخل الأحياء في الأنهج أو في حاويات النفايات.
شهادة حية لإحدى النساء العاملات في قطاع النساء "البرباشة" / ديسمبر 2024
وشهدت ظاهرة "البرباشة" نموا هاما في السنوات الأخيرة تزامن مع استفحال الأزمة المركبة وتفاقم ظواهر البطالة والفقر والهشاشة. وصاحب هذا النمو تطورا ملحوظا لعدد النساء المشتغلات في هذا القطاع.
ويستقبل مركز الاستماع والتوجيه للنساء ضحايا العنف الاقتصادي والاجتماعي بمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، دوريا، العديد من النساء اللاتي يمتهن هذه المهنة، حيث يلجأن إلى المركز بحثا عن المساعدة والاسناد في مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي تواجههن وبالخصوص المشاكل الصحية.
وتكشف حصص الاستماع والانصات لهن حجم المعاناة التي يعشنها مما دفعهن للبحث عن الاسترزاق في هذه المهنة الشاقة رغم المصاعب التي تواجههن وحالة الاذلال والانهيار النفسي التي تعانينها.
الكثير منهن تعرّضن في حياتهن إلى انتكاسات ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية مثل الترمل والطلاق والعنف الأسري والطرد التعسفي والاغتصاب والتحيل وغيرها.. ووراء كلّ واحدة منهنّ حكاية تشهد عن عمق الأزمة الاجتماعية التي نعاني منها مجتمعيا، خاصّة في علاقة بالعنف المسلط على النساء والانتهاك المستمر لحقوقهن في كل المستويات وفي كلّ مراحل العمر.