أستاذا قانون دستوري: مغالطات في مشروع دستور يؤسس لنظام رئاسوي
استضاف برنامج ميدي شو اليوم الجمعة 1 جويلية 2022 أستاذي القانون الدستوري عبد الرزاق المختار والصغير الزكراوي لتقديم قراءة أولى في مشروع الدستور المقترح على الاستفتاء يوم الاثنين 25 جويلية.
وقال عبد الرزاق المختار إنّ التوطئة ليس نصا للتاريخ أو التأريخ بل تتضمّن القيم الكبرى والمحطات الهامة "لكن الملاحظ ان توطئة مشروع الدستور الجديد أنها غير تاريخية بل كتبت على طريقة رئيس الجمهورية إرضاء لأهوائه".
وأضاف "التوطئة فيها جانب تُستمد منه الاحكام على غرار الدستور الفرنسي وتوطئات الدساتير تعد مرجعية ولها وزن وليس فقط الفصول.. لكن ما جاء في توطئة الدستور شعبنة لتأريخ لحظة الرئيس وليس الشعب".
"تم التخلي عن مدنية الدولة"
وأكّد المختار "هذه التوطئة غير مسبوقة في العالم ولا تحترم قواعد الكتابة القانونية"، مشيرا إلى أن التركيز على مجتمع تطبيق القانون والحديث عن قيام الشعب بإنفاذ القانون والتصدي لكل من يتجاوزه أو يحاول الاعتداء عليه مما يحيل على عدالة الشوارع والسحل في الساحات.
ولفت ضيف ميدي شو إلى أنّه تمت تجزئة الفصل الأول القديم ليصبح في خمسة فصول دون حفظ أحد أهم العناصر وهي مدنية الدولة والمحافظة على الموازنة التونسية المتمثلة في أن الإسلام هو دين البلاد، متابعا "تم التخلي عن مدنية الدولة ووضع جسور لإضفاء طابع ديني على الدولة.. لسنا إزاء دولة مدنية بل أمام مفهوم المقاصد لدستور ارتدادي يعود للوراء".
كما اعتبر أستاذ القانون الدستوري أن الصياغة لا تستجيب لصرامة الصياغة القانونية ما جعله دستورا أقرب للترضيات ولكسب جمهور النهضة "لأنه يرغب في سحب البساط من هذا الحزب والتأكيد أنه محافظ " وفق تعبيره.
"الرئيس احتكر السلطة التنفيذية والتشريعية"
وفي سياق متصل، أقرّ عبد الرزاق المختار أن النظام الذي يتحدث عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد ليس رئاسي بل رئاسوي لأنه لا فقط يحتكر السلطة التنفيذية بل أيضا يمارس دور المشرع الأصلي لمبادراته التي أصبح لها أولوية النظر وله الحق في الاستفتاء التشريعي وفي ممارسة الحق في السلطة الترتيبية العامة "فهو ينتهك مجال السلطة التشريعية التي لا تمارس دورا كاملا".
وفي سؤاله عن المجلس الوطني للأقاليم والجهات الذي اقترحه مشروع الدستور الجديد، كشف المختار أنّ سعيّد وضع هندسة مؤسساتية لإحداث تنافس بين مجلس نواب الشعب والمجلس الإقليمي "الأمر الذي سيخلق مجلسين متوازيين التفوق فيه لمجلس الأقاليم".
وتابع "تم تفريغ سلطة مجلس النواب وسحب الوكالة منه لكن لا يمكن سحبها من مجلس الجهات والاقاليم وتم تمكين البرلمان من وسائل رقابية مضحكة في المقابل سحبت منه
وفي ختام مداخلته، شدّد عبد الرزاق المختار على أن الكاتب الرئيسي والحقيقي للدستور هو قيس سعيد واللجان كالنت فقط مستكتبة، حسب تعبيره.
"إدراج مغالطات في توطئة الدستور"
من جانبه أكّد الصغير الزكراوي أن بصمة رئيس الجمهورية قيس سعيد كانت واضحة في توطئة الدستور الجديد وظهر بالكاشف أنه سجين التراث وغير منفتح، وفق تعبيره.
واستغرب من إدراج مغالطات في التوطئة من ذلك التنصيص على مشاركة مئات الآلاف من المواطنين في الاستتشارة "وهو أمر غير مقبول لأن الاستشارة فشلت بشكل ذريع" وفق تعبيره.
كما أشار إلى أنّ التوطئة تضمنت أيضا إحالات تاريخية مطولة والعودة للقرن 17 مع استعمال مصطلحات غريبة عن المواطن التونسي، متابعا "رئيس الجمهورية أدرج شهواته ونزواته في الدستور وجعل مرجعيته مرجعية لكل التونسيين".
وفي السياق ذاته، اعتبر الصغير الزكراوي أنّ هناك "نزعة غريبة للتجريم" في فصول الدستور حيث نصّ الفصل 15 أنّ التهرب الضريبي جريمة وكذلك التمييز بين المواطنين في الإدارة.
وأشار إلى أنّ النظام السياسي للرئيس أصبح حجز الزاوية واستأثر بجميع الصلاحيات "ويريد ان يوحي ان السلطة التنفيذية برأسين لكنه هو من يرسم السياسة العامة والحكومة تساعد فقط في التنفيذ.. الرئيس تغوّل وأصبح هو المشرع إذ لم تكفه صلاحياته كسلطة تنفيذية ليأخذ صلاحيات مجلس الشعب".
"الدستور لن يعمّر طويلا"
وشدّد الزكراوي على أن "مشروع الدستور يكرّس لنظام رئاسوي لا علاقة له بالنظام الرئاسي لان سعيّد استأثر بجميع الصلاحيات الى درجة انه وضع يده على كلّ السلط".
وقال ضيف "ميدي شو'' إنّ مشروع الدستور إنّ حظي بالأغلبية في الاستفتاء فلن يعمر طويلا "لأنه مكتوب على المقاس وسينتهي بمجرد خروج الرئيس".