languageFrançais

توجّهات وطنية جديدة في التغذية.. نحو تقليل الملح في الخبز

توجّهات وطنية جديدة في التغذية.. نحو تقليل الملح في الخبز

بلغت نسبة زيادة الوزن لدى الأطفال دون سنّ الخامسة في تونس إلى 17 بالمائة، علما أن ثلث الأطفال الذين سنهم بين 6 و12 عاما مصابون بمرض السمنة، أما نسبة لدى المراهقين المتراوحة أعمارهم بين 15 و18 سنة فهي في حدود 10%، وفق أحدث تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف – مكتب تونس".

أبرز أسباب السمنة لدى الأطفال والمراهقين

وفي شرحٍ لأسباب زيادة الوزن لدى الأطفال والمراهقين في تونس، قالت الأستاذة الجامعية في التغذية ورئيسة قسم "ج" بالمعهد الوطني للتغذية والتكنولوجيا الغذائية فايقة بن مامي في تصريح لموزاييك اليوم الأربعاء 5 مارس 2025 إن أبرز هذه الأسباب تتمثل في تغيّر نمط العيش والتغذية، والاعتماد المتزايد على الوجبات السريعة المتكونة خاصة من الدهون والسكريات، إلى جانب تراجع النشاط البدني.

وأضافت أن الأطفال اليوم يقضون وقتًا أطول أمام الشاشات، سواء التلفاز أو الكمبيوتر أو ألعاب الفيديو، بدلًا من ممارسة اللعب والحركة كما كان الحال سابقًا.

كما بيّنت أن العوامل الوراثية قد يكون لها دور في السمنة، لكنها ليست العامل الأساسي، حيث لا تمثل سوى 30% من الأسباب، في حين أن العوامل البيئية ونمط الحياة تمثل النسبة الأكبر.

ما هي مخاطر السمنة؟

أكدت المختصة في التغذية بالمعهد الوطني للتغذية أن السمنة تُعدّ مرضًا في حد ذاتها لما تسبّبه من مضاعفات صحية خطيرة، موضحة أنها تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية، مشيرة إلى أن انتشار السكري من النوع الثاني أصبح ملحوظًا حتى لدى الفئات الأصغر سنًا، وهو أمر نادر في الماضي.

وأضافت أن السمنة تزيد أيضًا من خطر الإصابة بأمراض المفاصل وبعض أنواع السرطانات، إضافة إلى ارتفاع نسبة الدهون في الدم وتراكم الدهون في الكبد، فضلا عن تكوّن الحصى بالمرّارة ومشاكل في الجهاز الهضمي.

وبيّنت بن مامي أنّ السمنة لا تؤثر فقط على الصحة العامة، بل تشكل خطرًا حتى في بعض الإجراءات الطبية، حيث قد تزيد من تعقيدات التخدير أثناء العمليات الجراحية، مما يجعل التدخلات الطبية أكثر صعوبة وخطورة.

كيف يمكن الوقاية من السمنة لدى الأطفال؟

شددت المختصة في التغذية بالمعهد الوطني للتغذية فايقة بن مامي، في تصريحها لموزاييك، على أهمية دور الأولياء في توجيه الأطفال نحو التغذية السليمة، معتبرة أن الأهل يجب أن يكونوا قدوة في هذا المجال. وأوضحت أن اتباع نظام غذائي صحي منذ الصغر لا يسهم فقط في النمو السليم، بل يحمي الأطفال من خطر السمنة والمضاعفات الصحية المرتبطة بها، مثل السكري وأمراض القلب، وبالتالي من الضروري اتباع نظام غذائي يعتمد على تناول الخضروات والفواكه، إلى جانب ممارسة النشاط البدني بانتظام.

وأكدت أن التغذية المتوازنة داخل العائلة تلعب دورًا أساسيًا في ضمان صحة جيدة للأطفال، مشيرة إلى ضرورة ضبط كميات السعرات الحرارية اليومية بما يتناسب مع احتياجات الطفل، لتفادي الإفراط في الأكل الذي قد يؤدي إلى زيادة الوزن.

وأوصت المختصة بتجنب استهلاك الوجبات السريعة الغنية بالأملاح والخمائر والسكريات، نظراً لدورها في زيادة الوزن لدى الأطفال، إضافة إلى الحد من تناول الأطعمة التي تحتوي على الدهون المشبعة.

توجه نحو تقليل نسبة الملح في الخبز

أكدت المختصة في التغذية أن هناك توجهًا حاليًا لتقليل نسبة الملح في الخبز، في إطار الجهود المبذولة لمكافحة ارتفاع ضغط الدم.

وأوضحت أن المعهد الوطني للتغذية يعمل على خفض نسبة الملح في الخبز تدريجيًا، لما له من تأثير مباشر على تقليل أمراض القلب والشرايين.

وأشارت إلى أن معدل استهلاك الملح في تونس يصل إلى حوالي 12 غرامًا يوميًا، وهو أعلى بكثير من الحد الذي دعت إليه منظمة الصحة العالمية التي توصي بأقلّ من 5 غرامات يوميا من استهلاك الملح للفرد.

وعبّرت عن أملها في أن تشمل هذه الخطوة مستقبلاً تقليل نسبة السكر خاصة المستخدَم في البسكويت والمنتجات الغذائية التي يستهلكها الأطفال بكثرة، بهدف الحفاظ على صحتهم وحمايتهم من الأمراض المرتبطة بالاستهلاك المفرط للسكر والملح.

ويشار إلى أن مكتب تونس لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، أكد في تقرير أصدره بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السمنة، أهمية وضع سياسات صحية مناسبة ومراجعة الأطر القانونية، وتحسين جودة خدمات التغذية، فضلاً عن تعزيز العادات الغذائية السليمة.

وأبرزت المنظمة الحاجة إلى تغيير السلوكات الغذائية للحد من نسب الإصابة بالسمنة وتحسين صحة الأجيال القادمة، مشيرة إلى أن تحقيق هذه الأهداف يستوجب تعاوناً وثيقاً بين مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمؤسسات التعليمية والمنظمات غير الحكومية، مع ضرورة إدراج استراتيجيات فعالة للوقاية من السمنة ضمن السياسات الصحية الوطنية.

غفران العكرمي