ملّولش: أستاذة وكورونا فـ''شاحنة قمامة''.. واقع طفا على السطح
أياما قليلة بعد مغادرتها الحقل التربوي واحتفاء تلامذتها بها في حفل تكريم أقيم على شرفها داخل أسوار معهد ملولش من ولاية المهدية، غادرت الأستاذة والمربية 'ساسية الكوني' الحياة، لكن وداعها هذه المرة كان في صورة مخزية ومؤلمة.
فقد احتجّ بالأمس العشرات من أهالي مدينة ملولش في وقفة أمام مقر البلدية، استنكارا للموكب المُهين للذات البشرية الذي نقل فيه جثمان الأستاذة التي أنهى فيروس كورونا اللعين حياتها. فقد نُقل نعش الأستاذ على متن ''شاحنة نقل القمامة'' وفق تأكيد الأهالي، وهي وسيلة النقل الوحيدة التي وفّرتها بلدية الجهة..
من جانبها، وفي ردّها على ما حدث، قالت إيمان بلحاج عمر رئيسة بلدية ملولش في تصريح لموزاييك، إن الشاحنة التي ظهرت في الصورة ''ليست شاحنة نقل قمامة بل شاحنة أشغال تابعة للبلدية''، ولعلّه العذر الأقبح من الذنب.. وأرجعت المتحدثة التجاء البلدية إلى هذه الشاحنة ''لنقص الإمكانيات وعدم توفّر شاحنة نقل موتى لدى البلدية''.
وقالت رئيسة البلدية ''نحن مطالبون بضرورة التقيد بالبروتوك الصحي في دفن ضحايا فيروس كورونا.. الصورة التي تم تناقلها مسيئة ومؤلمة والراحلة أستاذتي ودرّستني.. لكننا خيّرنا العائلة بين نقل الجثمان على حسابها الخاص أو بالوسائل المتاحة للبلدية''، وتابعت ''من جهتي، سأسعى إلى طرح مقترح على المجلس البلدي لتوفير اعتمادات لاقتناء سيارة نقل الموتى حتى لا يتكرر هذا المشهد''.
وختمت إيمان ''أعتذر لروحها الطاهرة نيابة عن نفسي وعن كل من قصّر في حقها...''.
''شاحنة القمامة'' ليست الحيف الوحيد
وملولش لمن لا يعرفها، معتمدية صغيرة تنتمي إداريا إلى ولاية المهدية، وتقع جغرافيا على بعد كيلومترات قليلة من ولاية صفاقس، ولكنها في النهاية لم تحظ لا بنعم الساحل ولا الخصائص الصناعية لعاصمة الجنوب.
لا بدّ أن الأستاذة الراحلة التي فقدت حياتها بسبب الجائحة ودُفنت بتلك الطريقة المسيئة، كانت قد طالتها منذ أسابيع غير كثيرة رائحة الغاز المسيل للدموع الذي أغرق أعوان الأمن به المعتمدية الصغيرة، حين احتجّ فلاحو ملولش على غلاء أسعار الأعلاف. ويحتفظ الأهالي بعبوات الغاز الفارغة كتذكار لما ووجهت به احتجاجاتهم، واليوم قد تهديهم الدولة ''سيارة لنقل الموتى''، فيما تبدو مطالب التشغيل والتنمية بعيدة المنال.
أمل الهذيلي