ذهب إلى المدرسة في 'برويطة':تلميذ على كرسي ينجح في الباكالوريا
في الوقت الذي رسب فيه كثيرون من الذين توفرت لهم كل أسباب وضروف النجاح، نجح فرج رغم الفقر مدقع والإعاقة الجسدية والصعوبات والعراقيل..
قصة فرج بن عمار تلميذ الباكالوريا برجيم معتوق من ولاية قبلي مع التحدي، بدأت منذ ولادته حاملا لإعاقة جسدية تمنعه من التحرك، وإنطلقت مسيرة كفاحه مع دخوله التعليم الإبتدائي ومنذ سنته الأولى، ومع درب المدرسة كان لا يقطعه في كرسي متحرك أوعربة، بل على متن "برويطة" مهترئة لم يستطع والداه تدبير غيرها وسيلة لنقله !
هذا الوضع اللاإنساني جعل معلمه يتحرك في غياب تام للدولة ومؤسساتها، واستطاع أن يوفّر له كرسيا متحركا يعفيه ركوب "البرويطة". لكن المخجل بعد كل ذلك، أن هذا الكرسي رافق التلميذ المجتهد طوال سنوات دراسته وصولا إلى الباكالوريا شعبة آداب التي استطاع –في ما يشبه المعجزة- أن يجتازها بنجاح في الدورة الرئيسية !
ولئن تُعتبر قصة نجاح فرج الإستثنائية درسا وعبرة لغيره من المتهاونين والكسالى، إلا أنها مخجلة لنظام تعليمي بأسره. فد أضطرّ فرج للتوجّه إلى شعبة الآداب غصبا لأن "معهده يفتقد إلى شعبة العلوم التجريبية" التي أرادها. والأدهى، أنه درس الآداب ونجح في عامه الأول، ليتم إعلامه في آخر السنة بأن المعهد يفتقد إلى سنة ثالثة من التعليم الثانوي لشعبته، وأن عليه أن يتنقل إلى معهد في الفوار الذي يبعد عن مسكنه 75 كيلومترا ! وهو ما حرمه من سنة دراسية قضاها مكتئبا وملازما للبيت، في انتظار السنة التي تلتها ومع توفّر قسم لهذه الشعبة في معهده..
القصة لم تنته هنا، بل عانى فرج خيبة وحيفا آخر، مع اجتيازه الباكالوريا للمرة الأولى، ومع تقهقر حالته الجسدية وفقدانه القدرة على الكتابة بوضوح.. الأمر الذي تسبب في رسوبه.
هذه السنة، أعاد فرج –الذي استحق لقب "أسد الصحراء" عن جدارة- اجتياز الاختبار الوطني بالإصرار الذي قطع به كل هذا الدرب، بعد أن تدبّر أمره في مُرافِقة تولت الكتابة عنه.. ونجح بمعدل 10.02. لكن أحلام هذا الفتى الصبور لم تنته هنا، وهو يطمح اليوم إلى دخول الجامعة، رغم فقر عائلته المدقع وعائقه الجسدي. وهو فوق كل هذا يأبى التسول أو الاستجداء، ولم يطلب شيء من "الدولة" غير محل "أنترنات" يوفّر له مصاريف دراسته الجامعية التي يحلم بإستكمالها عن بعد أو عبر المراسلة..