languageFrançais

كفى مبالغة.. للزيوت النباتية منافع!

كفى مبالغة.. للزيوت النباتية منافع!

تتزيّن طاولة رمضان في كلّ بيت تونسي بأشهى الأكلات والشهوات، مطهية كانت أو مقلية، لكن الأكيد أنّ الزيت مادة لا غنى عنها في المطبخ التونسي.

لا يخفى على أحد أنّ للأطعمة المقلية مضار عديدة، وأنّ استعمال الزيت بصفة عامة له تأثيرات مفيدة وضارة أيضا على الصحة لا سيما لمن يعانون من بعض الأمراض، ولذا سنحاول في هذا المقال التعرّف معا عن هذه الفوائد والمضار والكميات التي يحتاجها جسم الإنسان من زيوت وبما يمكننا استبداله في المطبخ.

تحذيرات استعمال الزيوت لا تتوقّف!.. ولكن

لا تتوقف تحذيرات خبراء الصحة والأطباء من الاستعمال المفرط للزيوت النباتية، لكن هل الأمر فعلا بهذه الخطورة، أم أنّ الإشكال يرتبط أساسا بطبيعة النظام الغذائي؟

يقول تقرير نشره موقع 'سكاي نيوز'، نقلا عن موقع 'أكسيوس' الأمريكي أنّ مضار الزيوت ترتبط في النهاية بالاستعمال المفرط له في الأطعمة المقلية أو المصنّعة وحتّى المطهية، كما ترتبط المضار بالعادات الغذائية للشخص.

ونقل التقرير عن خبراء تغذية أمريكيين، أنّ المخاوف من الزيوت مبالغ فيها، أو تفتقر إلى السياق وأنّه لا بُدّ من التحديد أن الاستعمال المفرط لها أو تناولها يوميا هو ما يحولها إلى مواد ضارة، مشدّدين على ضرورة التوضيح بأنّ بعض الزيوت تتميز بفوائد لا حصر لها للذين يهتمون بالصحة مثل تعزيز صحة القلب والدماغ، والبعض الآخر يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، فكيف ذلك؟

 

 

يقول بعض خبراء في التغذية إنّ زيوت البذور مثلا آمنة للاستهلاك، دون مبالغة طبعا، وقد تكون مرتبطة بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان ومرض السكري من النوع 2، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، والتي أفادت بأنّ هذه الزيوت أكثر صحة من مصادر دهون أخرى، مثل الزبدة وشحم اللحوم.

تتكون زيوت البذور من الدهون غير المشبعة، وهي غنية بأحماض أوميغا 6 الدهنية الصحية للقلب ومنخفضة في أحماض أوميغا 3 الدهنية.

"العديد من الأطعمة فائقة المعالجة أقل كثافة في العناصر الغذائية، لكن الزيت نفسه تمت شيطنته حقا" تقول جودي سيمون، أخصائية التغذية مسجلة في المركز الطبي بجامعة واشنطن، لموقع "فيري ويل هيلث، وتضيف: "أوميغا 6 ليس ضارا بالصحة ولكن الاستهلاك المفرط منه هو الضار''.

أفضل طريقة لاستخدام الزيوت

تقول اختصاصية التغذية رنا بو سعيد في حوار لها مع قناة الجزيرة، إنّ أفضل طريقة لاستخدام الزيوت لتبقى صحية هي تناولها طازجة، قبل أن يتم تسخينها على النار.

وشرحت أنّ تعرض الزيوت للتسخين يجعلها أسوأ حيث تتحول لزيوت مهدرجة سيئة، وهذا ينطبق على جميع أنواع الزيوت، واقترحت أن يتم تناولها نيئة، كأن توضع في السلطة أو تضاف للطعام في نهاية الطبخ.

وشددت الاختصاصية على أهمية الاعتدال في تناول المقليات، لأنه قد يكون من الصعب الامتناع عن الأغذية المقلية تماما.

من جانبه، يرى خبير التغذية الروسي توم ساندرز (له دراسات عديدة عن الزيوت) أنّ معلومات مغلوطة منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي حول مخاطر الزيوت النباتية، مشيرا إلى ضرورة الاعتماد على الأدلة العلمية الموثوقة.

مضار القلي وكيف نقلّل منها؟

للقلي مضار عديدة أيضا، فهو يتسبّب في خسارة وجبة الطعام لغالبية الفوائد والفيتامينات، كما يزيد القلي من حجم الطعام بنسبة 20% إلى 40%، وبالتالي يزيد من السعرات الحرارية، وتشرّب الدهون والزيوت.

وللتقليل من مضار القلي، بالإمكان استبدال عملية القلي بالفرن، كما ينصح الخبراء بعدم قلي الطعام قبل أن يصبح بدرجة حرارة الغرفة، وتجنّب قليه بالزيوت المخصصة للطبخ. كما يجب تغيير الزيت عند تغير لونه أو ظهور رائحة فيه، ومن الأفضل استبدال طرق القلي التقليدية بالقلاية الهوائية من أجل تقليل كمية الزيوت في الطعام.

 

زبدة أم زيت.. أيّهما أفضل؟

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة هارفارد، نشرتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، تأثيرات مهمة لأنماط تناول الدهون المختلفة على صحة الإنسان.

وحلل الباحثون الأنظمة الغذائية لأكثر من 221 ألف شخص في الولايات المتحدة على مدى 50 عاما، ما سمح بفهم تأثير استهلاك الزبدة والزيوت النباتية على صحة القلب والعمر المتوقع.

وأوضحت الدراسة أن استبدال الزبدة بأي نوع من الزيوت النباتية قد يقلل من خطر الوفاة بنسبة 20% تقريبا كما بيّنت الدراسة ذاتها أنّ الأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة من الزبدة يواجهون خطر الوفاة بنسبة 15% أكثر مقارنة بمن يتناولون كميات أقل.

وأشارت الدراسة إلى أن كل زيادة يومية بمقدار 10 غرامات من الزيوت النباتية تقلل خطر الوفاة بالسرطان بنسبة 11% وتخفض خطر الوفاة بأمراض القلب بنسبة 6% كما سبق ووضحنا ذلك في أعلى المقال.

وفي المقابل، فإن زيادة استهلاك الزبدة بالكمية نفسها ترفع خطر الوفاة بالسرطان بنسبة 12%.

وقال خبير التغذية الروسي توم ساندرز إنّ الزبدة تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة وبعض الأحماض الدهنية المتحولة، بينما تعدّ الزيوت النباتية وزيت الزيتون أكثر فائدة لصحة القلب نظرا لاحتوائها على الدهون غير المشبعة.

الدهون المشبعة لها تأثير سلبي على مستويات الكوليسترول، حيث تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب من خلال تراكم الدهون في الأوعية الدموية، ما يرفع احتمالية الإصابة بالسكتة الدماغية. كما أن الإفراط في استهلاكها يساهم في زيادة الوزن، وهو أحد العوامل الرئيسية للإصابة بالسكري من النوع الثاني.

في الختام، بالإمكان استخدام الزيوت النباتية باعتدال في طهي والوجبات الصحية بالمنزل، ويبقى الضرر في تناول الوجبات السريعة والأطعمة المصنعة بنسب عالية لمدد طويل، وهنا تنطبق عبارة ''لا إفراط ولا تفريط '' على كل شيء في هذه الحياة وحتى في المطبخ.

*أميرة عكرمي

share