الرموش 'الدائمة'.. جمال قد يُكلفكِ صحة عينيكِ!
نظرة واحدة قد تروي ألف حكاية، فالعيون هي مرآة الروح وسرّ الجاذبية والجمال. فمنذ القدم، كانت النظرة الساحرة رمزا للقوة والجمال، وكان للكحل دورٌ أسطوري في إبراز هذا السحر.
ففي الحضارات القديمة، مثل مصر الفرعونية، استخدمت النساء والرجال الكحل لتزيين العيون وحمايتها من أشعة الشمس الحارقة. وبدأ هذا التقليد منذ أكثر من 3500 عام قبل الميلاد، لكنّه لم يكن مجرد موضة عابرة، وبَقي هذا الطقس التجميلي خالدا على مرّ العصور.

ومع تطور أدوات التجميل، ظهر الماسكارا، في العصور الحديثة، لتمنح الرموش طولا وكثافة. لكن هوس الجمال لم يتوقف عند هذا الحد، فقد شهد عالم التجميل قفزة جديدة مع تقنية الرموش الدائمة، التي أصبحت خيارا شائعا للباحثات عن إطلالة مبهرة تدوم طويلا دون عناء.
ورغم الإقبال الواسع عليها، تثار تساؤلات حول مكوناتها وتأثيرها على صحة الرموش الطبيعية والعينين..
فهل تمنح الجمال بلا ثمن، أم أنّ لها أضرارا خفية يجب الحذر منها؟
إذا كنتِ تستخدمين الرموش "المستعارة" أو تفكرين في ذلك، فمن الضروري أن تدركي أهمية رموشكِ الطبيعية، فهي ليست مجرد عنصر جمالي، بل تلعب دورًا أساسيًا في حماية العين من تدفق الهواء المفرط، ومنع تسرب العرق، بالإضافة إلى تصفية أشعة الشمس.
وإدخال جسم غريب بالقرب من العين قد يُشكّل خطرًا صحيًا يختلف تأثيره من امرأة لأخرى، وذلك وفقًا لعوامل متعددة، مثل نوع المواد المستخدمة في التثبيت والإزالة، ومدة بقاء الرموش، وغيرها من العوامل.

فرغم الإطلالة الجذابة التي توفّرها الرموش الدائمة، إلاّ أنها لا تخلو من الأضرار، حيث تُحذّر الأكاديمية الأمريكية لطب العيون من مخاطر استخدام الرموش الدائمة، التي قد تؤثّر على رموشك الطبيعية وعينينك، نظرا لأضرارها المحتملة من بينها:
التهاب القرنية والملتحمة: عادة ما يظهر التهاب القرنية والملتحمة كحكة في العين، تهيج، واحمرار في الملتحمة. وقد تؤدي تمديدات الرموش إلى التهاب القرنية والملتحمة بسبب انتشار المواد الكيميائية على سطح العين. وقد ينتقل الصمغ الذي يحتوي على الفورمالديهايد مباشرة إلى سطح العين أثناء الإجراء أو بعد ساعات من ذلك. وقد يدخل الصمغ إلى العين إذا غسل المريض جفونه، أو قد يتبخر بسبب درجة حرارة الجسم أو الرطوبة.
التهاب الجفن التحسسي وانتفاخ الجفن: يظهر التهاب الجفن التحسسي عادة كاحمرار، تهيج، حكة، دموع وانتفاخ في الجفون، وذلك يؤثر على كلا العينين (على الرغم من أن جانبًا واحدًا قد يتأثر بشكل أكبر من الجانب الآخر). وقد لا تحدث الأعراض إلا بعد ساعات أو أيام من تطبيق تمديدات الرموش. ويُعتقد أن الفورمالديهايد في الصمغ وأشرطة تثبيت الجفن هي المسببة لهذه التفاعلات التحسسية. كما يُقترح أن الرصاص وحمض البنزوئك، الموجودين بتركيزات متفاوتة في أنواع الصمغ المختلفة، قد يسببان الحساسية لبعض المرضى.
عيوب القرنية وتآكل الملتحمة: تشمل أعراض عيوب القرنية وتآكل الملتحمة الاحمرار، الألم، الدموع، والشعور بوجود جسم غريب. وقد يؤدي اختلال توازن سطح العين وانخفاض كمية الدموع إلى تقصير زمن تفكك الدموع وزيادة خطر حدوث عيوب في القرنية. ويمكن أن يحدث تآكل الملتحمة نتيجة التهيج الميكانيكي الناتج عن أشرطة تثبيت الجفن.
النزيف تحت الملتحمة: غالبًا ما يظهر المرضى الذين يعانون من نزيف تحت الملتحمة بعين حمراء حادة. وقد يحدث ذلك بسبب الضغط عند إزالة تمديدات الرموش.
تساقط الشعر: هي الحالة التي يفقد فيها الشعر الطبيعي نتيجة الشد الناتج عن الرموش الاصطناعية. وقد يؤدي ذلك إلى المزيد من الضرر لبصيلات الرموش، مما يتسبب في توقف نمو الشعر.
ونتيجة الحمل الكبير الذي تُسبّبه الرموش الدائمة على الرموش الأساسية، والمادة اللاصقة التي تسبب انسداد مسام الجلد، تزداد فرص تساقط الرموش وعدم نموها، وهو ما تلاحظه المرأة عند التخلص من الرموش الصناعية.

ووفقا لإحدى الدراسات، أبلغت أكثر من 60% من النساء المشاركات عن التهاب القرنية والملتحمة، وهي حالة تنطوي على التهاب في كلّ من القرنية والملتحمة في الوقت نفسه، بعد وضع لاصق الرموش في أعينهن. وأفادت الدراسة نفسها بأنّ 40% من المشاركات لديهن رد فعل تحسسي تجاه الغراء.
وفي واحدة من أكثر حالات سوء التطبيق إثارة للصدمة، التصقت جفون إحدى النساء ببعضها البعض بعد استخدام الغراء لوضع وصلات رموشها.
واختبرت إحدى الدراسات 37 غراء رموش استهلاكية واحترافية بحثا عن مادة الفورمالديهايد، وهي مادة كيميائية مسببة للسرطان.
الفورمالديهايد وغيرها.. ماذا تخفي مواد تثبيت الرموش؟
تحتوي العديد من المواد اللاصقة المستخدمة في تطبيق قلب الرموش على مادة حافظة من الفورمالديهايد، وهو عبارة عن مركب كيميائي يمكن أن يسبب رد فعل تحسسي في عينك وكذلك على الجلد حول العين.
إضافة إلى ذلك، قد تحتوي المادة اللاصقة المستخدمة في تركيب الرموش الصناعية الدائمة على مواد كيميائية ومركبات ضارة، مثل:
- اللاتكس (Latex).
- السليلوز (Cellulose).
- الغراء السريع.
- حمض البنزويك (Benzoic acid).
- الفورمالديهايد (Formaldehyde) بتركيزات منخفضة للغاية.
كما تحتوي مزيلات الرموش أيضًا على مواد أخرى ضارة مثل:
- الفورمالديهايد.
- البروبيلين غليكول (Propylene glycol).
- جيرانيول (Geraniol).
ووجد الباحثون، في الدراسة التي أشرنا إليها سابقا، أنّ 75% من 20 نوعا من الغراء تم اختبارها أطلقت الفورمالديهايد وأن أربعة من 17 غراء تحتوي أيضا على المادة الكيميائية. وبعض المواد اللاصقة التي تحتوي على مادة الفورمالديهايد لم يُصرح عنها في مكوناتها.
ويمكن للمواد الحافظة الموجودة في الغراء أن تسبب التهاب الملتحمة السام وتآكل الملتحمة، عندما تتفكك طبقة الخلايا الموجودة على سطح القرنية، والتي تسمى الظهارة، من الطبقة الموجودة تحتها. وهذه الحالة مؤلمة ويمكن أن تؤثر على البصر.
ومع ذلك، فإن المضاعفات الأكثر شيوعا هي التهاب أو تهيج الجفون. ويمكن أن تؤدي التغييرات في الرموش الطبيعية إلى حدوث دمل، حيث أن تراكم الغراء أو البكتيريا يمكن أن يمنع إفرازات الجريبات (التجاويف التي ينمو منها الشعر).

لا شك أنّ الرموش الدائمة تمنح مظهرا جذابا وساحرا، لكن قد يكون لذلك ثمنا باهظا على صحة عينيكِ ورموشكِ الطبيعية. فالمواد الكيميائية المستخدمة، مثل الفورمالديهايد، قد تشكل مخاطر لا يمكن تجاهلها، ناهيك عن احتمالية التعرض للحساسية والالتهابات.
لذلك، قبل اتخاذ قراركِ، احرصي على معرفة جميع الجوانب، واتبعي الإرشادات اللازمة للحفاظ على سلامة عينيكِ. وتذكري أن الجمال الحقيقي لا يكمن فقط في المظهر، بل في العناية بصحتكِ واتخاذ قرارات تجميلية واعية وآمنة.
أمل مناعي