languageFrançais

كيف كسب السبسي المعركة الديبلوماسية أمام اسرائيل في مجلس الأمن

كيف كسب السبسي المعركة الديبلوماسية أمام اسرائيل في مجلس الأمن

في غرة أكتوبر من سنة 1984 تمكّنت تونس من استصدار قرار عدد 573 من مجلس الأمن الذي يدين إسرائيل و يندد بعدوانها على مدينة حمّام الشط  التي شهدت قصف المربع الأمنيّ  الذي يضمّ مكاتب "منظمة التحرير الفلسطينية" ومقر اقامة رئيسها أبو عمار، من قبل طائرة عسكرية اسرائيلية  مخلفا عشرات الشهداء من الفلسطينيين والتونسيين.

وأشرف على صياغة نصّ القرار وزير الخارجية انذاك الباجي قايد السبسي الذي كان متواجدا في نيويورك للمشاركة في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة. 

وكتب السبسي في مذكراته التي تحمل عنوان الأهم والمهم ً: "كان الشيء الأساسي بالنسبة إلينا هو الحصول على قرار يدين صراحة الاعتداء، وكان هامش المناورة ضيقاً للغاية بين هذا الهدف والحدّ الذي يسمح به الوفد الأميركي. وكانت صياغة مشروع القرار محل نقاشات بين ست دول أعضاء في المجلس من دول عدم الانحياز، مع مشاركة تونسية متواصلة بالإضافة إلى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية زهدي التارزي. كانت الصياغة الأولى لمشروع القرار جاهزة صباح يوم 2 أكتوبر منذ انطلاق أشغال المجلس. وكانت الصيغة المعتمدة تدين إسرائيل باعتبارها معتديةً وبسبب ممارستها إرهاب الدولة".


وكشف قايد السبسي عن محاولة واشنطن الدخول في محادثات فردية مع الجانب التونسي حول صياغة مشروع القرار وتهديدها برفع الفيتو عن طريق مندوبها في مجلس الأمن آنذاك فيرنون والترز حيث اعترض الجانب الأمريكي على عبارة "إرهاب الدولة"، ليتم تأجيل جلسة التصويت إلى يوم 4 أكتوبر.


وبهذا الخصوص قال الباجي قايد السبسي: "أعدتُ التفكير في الاعتراضات التي أثارها السفير والترز. ورأيت أنني مطالب بتحقيق نتائج، لا بالتشبث بمجرد مصطلحات. وإذا كان الفيتو الأميركي مرهوناً بمجرّد تحوير شكليّ، فإن إدانة إسرائيل تمكن إعادة صياغتها. أخذت على عاتقي مسؤولية تعديل نصّ مشروع القرار في نقطتين: فبدلاً من عبارة "ندين إسرائيل" وضعت "ندين العمل العدواني المسلح الذي ارتكبته إسرائيل"، وحذفت من جهة أخرى عبارة "إرهاب الدولة". 

وأبدى ممثل "منظمة التحرير" في الأمم المتحدة  تحفظات حول هذه التعديلات، ليقوم قايد السبسي بالإتصال بفاروق القدومي (ممثّل منظّمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة حينها) الذي كان  متواجد في نيويورك، وأخذ منه تعليمات لممثله بالالتزام الكامل بقرارات الوفد التونسي.

وحول عملية التصويت على نصّ القرار النهائي كتب قايد السبسي: "مرّ القرار 573 (1985) بـ14 صوتاً مقابل صفر، وكانت المفاجأة السيئة من نصيب بنيامين نتنياهو، رئيس الوفد الإسرائيلي، إذ أن تعديل القرار الأميركي في وقت قصير كهذا لم يترك له أية فرصة لشنّ هجوم مضاد. ولما علم في آخر لحظة بتحول موقف وفد الولايات المتحدة، هاجم والترز شخصياً بإمساكه من سترته وهو جالس على مقعد رئاسة مجلس الأمن. لقد استشاط غضباً لما أدرك أنه لم يعد لديه متسع من الوقت للتأثير على واشنطن كي تعود لاستعمال الفيتو. ولو كان القرار الأميركي قد عُدل قبل يومٍ واحد فقط لكانت تدخلات فورية قوية قد بُذلت لدى الرئيس ريغان، وربما أدت إلى العودة لاستعمال حق النقض".

* عن صواب.نت

share