تغيرات مناخية وبذور أصلية ونقص الأسمدة.. رهانات تواجه قطاع الحبوب
سجّل الميزان التجاري الغذائي خلال شهر جانفي 2025 فائضا بقيمة 4,174 مليون دينار مقابل فائض بقيمة 2,469 مليون دينار خلال نفس الفترة من السنة الفارطة، حيث بلغت نسبة تغطية الواردات بالصادرات 125% مقابل 192.8% خلال جانفي 2024.
وسجلت قيمة الصادرات الغذائية تراجعا بنسبة 6,10% مقابل ارتفاع الواردات بنسبة 9,37%، وذلك وفق أخر الإحصائيات التي نشرها المرصد الوطني للفلاحة .
وتعود أسباب تقلص الفائض بشكل أساسي إلى تراجع قيمة صادرات زيت الزيتون بنسبة -14.7% والتمور بنسبة -2.7 % ومنتجات الصيد البحري بنسبة -54.4 % مقابل ارتفاع واردات الحبوب بنسبة +32.2 % وواردات السكر بنسبة + 65.1 %.
أكثر من 250 ألف فلاح يتعاطون زراعة الحبوب في تونس
وكان رئيس ديوان وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري هيكل حشلاف قد صرح مؤخرا بأن قطاع الحبوب يمثّل 50 %من قيمة الواردات الغذائية و9 %من قيمة الإنتاج الفلاحي و يستغلّ مساحة جملية تقدّر بـ 1.2 مليون هكتار من ضمنها نسبة 30 % مساحة مروية كما أن حوالي 250 ألف فلاح يتعاطون زراعة الحبوب.
وكانت نتائج الموسم الفارط 2023/2024 قد بينت أن المساحة المبذورة بلغت 972 ألف هكتار و المساحة المحصودة 717 ألف هكتار وبلغت قيمة التجميع 6.7 مليون قنطار88% منها قمح صلب.
وقد بلغت المساحات المزروعة لموسم 2024/2025 حوالي 1.2 مليون هكتار أي بزيادة 228 ألف هكتار مقارنة بالموسم الفارط تنقسم إلى 856 ألف هكتار في ولايات الشمال مقابل 812 ألف هكتار في الموسم الفارط و317 ألف هكتار في ولايات الوسط والجنوب مقابل 160 ألف هكتار في الموسم الفارط.
وفيما يتعلق بالبذور فقد وفرت وزارة الفلاحة 300 ألف قنطار من البذور الممتازة مقابل 210 ألف في الموسم الفارط منها 40 ألف قنطار بذور الأساس و261 ألف قنطار من البذور المثبتة فيما تبلغ كمية بذور الشعير العادية والمراقبة 160 ألف قنطار مقابل 207 ألف في الموسم الفارط.
50 % من الحجم الجملي للواردات الغذائية حبوب
وفي هذا الصدد بين وزير الفلاحة السابق عز الدين بالشيخ أن حاجيات الاستهلاك الوطني من الحبوب تبلغ سنويا 36 مليون طن كما أن لهذا القطاع تأثير على الميزان التجاري الغذائي حيث تمثل الحبوب الموردة 50 % من الحجم الجملي للواردات الغذائية.
وأشار الوزير كذلك إلى وجود إرتباط وثيق بين مستوى الإنتاج والعوامل المناخية إذ يتراوح معدل الإنتاج بين أكثر من 20 مليون قنطار خلال ''السنوات الطيبة'' وإلى حدود 15 مليون قنطار في المواسم المتوسطة لينخفض إلى حدود 5 ملايين قنطار خلال المواسم الصعبة.
وللإشارة فان الموسم الفلاحي 2023/2024 شهد انطلاقة حسنة لكن انحباس الأمطار بداية من النصف الثاني من شهر مارس 2024 وارتفاع درجات الحرارة أثرا سلبا على الحالة العامة للزراعات مما تسبب في تراجع الإنتاج، وذلك وفق ما بينته معطيات قدمتها وزارة الفلاحة خلال ندوة صحفية بتاريخ الأربعاء 11 سبتمبر 2024.
التغيرات المناخية ونقص الأسمدة عوائق قطاع الحبوب
وفي الخصوص أكد رئيس ديوان وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري هيكل حشلاف أن التغيرات المناخية ببلادنا وبلدان شمال إفريقيا هي حقيقة ملموسة يجب العمل على الحد منها والتأقلم معها منذ الآن لضمان مستقبل الأجيال القادمة قائلا "من المتوقع حسب السيناريوهات والدراسات أن ترتفع درجات الحرارة إلى حوالي درجتين سنة 2050 و 3 درجات خلال 2100 كما أن كميات الأمطار المسجلة سنويا ستشهد نقصا يصل إلى حدود 9 % سنة 2050 و 18 % سنة 2100.
من جهته، اعتبر المستشار الاقتصادي لاتحاد الفلاحين فتحي بن خليفة في تصريح لموزاييك الجمعة 20 سبتمبر أن ما تم الإعلان عنه هو ما تتم برمجته سنويا لزراعة أي نحو 1.2 ألف هكتار من الحبوب مضيفا أن برمجة هذا الرقم لا معنى له ويجب مصاحبته بوضع ما وصفها بلوحة قيادة توضح المساحات المخصصة لذلك في كل ولاية ومعتمدية لان الاعتماد على رقم فقط غير كاف والدليل أن المساحة المحصودة السنة الماضية لم تتجاوز ال 75 ألف هكتار مؤكدا على أهمية توفير الأسمدة الضرورية للفلاحين في الوقت المناسب.
وضاف بن خليفة "يجب وضع كافة عناصر الإنتاج للحديث بثقة كاملة للحديث عن رقم إنتاج محدد خاصة في ظل تأخر تزويد الفلاحة بالبذور والأمونيتر والتمويل في الموعد المحدد لذلك وهو مايجعلنا لانتجاوز بين 5 أو 6 % من حاجياتنا من الموسم الزراعي من الحبوب سنويا ووذلك ما يدفع تونس لتوريد 75 % من حاجياتها من الحبوب.
وفيما يتعلق بكميات الأسمدة المبرمجة للموسم الزراعي 2024/2025 فقد بينت أرقام وزارة الفلاحة أنه تمت برمجت 120 ألف طن د أ ب المكيس والسائب و30 ألف طن سوبر 45 مكيس وسائب و220 ألف طن أمونيتر مكيس..
كما تم الإعلان عن توريد كمية لا تقل عن 70 ألف طن من الأمونيتر باعتبار تعهد المجمع الكيميائي التونسي بتوفير 150 ألف طن مع إقرار المحافظة على أسعار الأسمدة الكيميائية الأساسية أي 620 دينار للطن من الامونيتر الزراعي المكيس كسعر جملة و720 دينار للطن كسعر البيع بالتفصيل و690 دينار للطن من ثاني فسفاط الامونيا كسعر بيع بالجملة و790 دينار للطن بالتفصيل و600 دينار للطن لثلاثي فسفاط الرفيع كسعر بيع بالجملة و700 دينار بالتفصيل.
وتم كذلك إقرار المحافظة على أسعار البذور الممتازة المراقبة لتكون 160دينار للقنطار من القمح الصلب و130د للقمح اللين و120 دينار للتريتيكال.وبالنسبة للبذور التجارية العادية المراقبة فقد تم إقرار 110 دينار للقنطار من الشعير.
الحل في حوار وطني شامل
وفي إطار البحث عن حلول لاشكاليات قطاع الحبوب في تونس شدد فتحي بن خليفة على ضرورة التفاف أهل المهنة والإدارة والباحثين على طاولة حوار لطرح هدف محدد وواضح وهو إيقاف نزيف التوريد معتبرا انه يجب طرح الحبوب كملف حوار وطني شامل تحت إشراف أعلى هرم السلطة رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة والبرلمان خاصة وأننا نورد بما قيمته نحو 3 مليار دينار .
وبيّن أن وضع خارطة طريق محددة زمنيا وعلى مستوى الأهداف سيمكننا من تحقيق سيادة غذائية، معتبرا انه حان الوقت للعودة لبذورنا الأصلية 100% التي تتلائم مع التغيرات المناخية بالتالي يجب تفصيل سلاسل القيمة ووضع الدولة آليات إصلاح لوقف نزيف التوريد للقمح والشعير وغيرهما .
بشرى السلامي