اعتقالات ومنع التجمّعات في إسطنبول.. ماذا يحدث في تركيا؟
أثار اعتقال السلطات التركية لرئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي يعتبر المنافس الأقوى للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تفاعلا واسعا وحركات احتجاجية ومظاهرات في عدة مدن تركية، مساء أمس الأربعاء.
واعتقل أكرم إمام أوغلو، في إطار تحقيقات في قضايا ''فساد ومساعدة جماعة إرهابية، والاشتباه في قيادة منظمة إجرامية"، في خطوة أدانتها المعارضة ووصفتها بـ"دوافع سياسية"، كما اعتُقل نحو 100 شخص، بينهم سياسيون وصحفيون ورجال أعمال كجزء من التحقيق.
وكان إمام أوغلو، أحد أكثر الشخصيات السياسية شعبية في تركيا، ويمثّل ''التهديد الرئيسي'' لأردوغان الذي مدد حكمه لعقد ثالث بعد فوزه في انتخابات رئاسية حاسمة عام 2023، ليضمن بذلك ولاية ثانية إلا أن حزبه لم يتمكن من السيطرة على مدينة إسطنبول الرئيسية، التي كان رئيسًا لبلديتها قبل أن يصبح رئيسا، والتي لا تزال في أيدي منافسه إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر رجال الشرطة يرتدون زي مكافحة الشغب وعشرات السيارات الأمنية خارج منزل رئيس بلدية إسطنبول، إمام أوغلو.
وأدان رؤساء بلديات عدد من العواصم والمدن الأوروبية الكبرى "بشدة" الأربعاء إيقاف أكرم إمام أوغلو، ودعوا إلى إطلاق سراحه.

منع التجمعات في إسطنبول وتقييد الوصول لمنصات تواصل
وكان والي إسطنبول قد أصدر أمرا، صباح أمس بحظر التجمعات والتظاهرات في المدينة التركية لمدة 4 أيام،
ومن جهة أخرى، قالت منظمة مراقبة الإنترنت )نت بلوكس( إن تركيا قيدت الوصول إلى العديد من منصات التواصل الاجتماعي، ومنها "إكس"، و"يوتيوب"، و"إنستغرام"، و"تيك توك"، الأربعاء.
اعتقال إمام أوغلو جاء أياما، قبل إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة في تركيا، حيث كان من المقرر أن يختار حزب الشعب الجمهوري مرشحه للرئاسة، يوم الأحد، ويعد إمام أوغلو الشخص الأوفر حظا ليكون مرشح حزبه لخوض السباق الانتخابي.
وقال إمام أوغلو، في مقطع فيديو سجله بينما كانت الشرطة تداهم منزله: "لا يمكن إسكات إرادة الشعب"، متعهداً بالوقوف بحزم من أجل الشعب التركي، وكل من يتمسك بالديمقراطية والعدالة في جميع أنحاء العالم.

جامعة إسطنبول تُلغي شهادة إمام أوغلو
هذه الأحداث تأتي بعد يوم واحد من إلغاء جامعة إسطنبول، شهادة إمام أوغلو بسبب ''مخالفات مزعومة''، وهو قرار من شأنه، في حال تأييده، أن يمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية.ووفقاً للدستور التركي، يجب أن يكون الرؤساء قد أكملوا تعليمهم العالي لتولي المنصب.
ووصف إمام أوغلو هذه الخطوة بأنها لا أساس لها من الصحة من الناحية القانونية، مضيفاً أن الجامعات يجب أن تظل مستقلة وبعيدة عن التدخلات السياسية ومكرسة للمعرفة.
من جانبه، قال حزب الشعب الجمهوري، الذي ينتمي إليه إمام أوغلو، أن "التدخلات الأخيرة ضد أوغلو هي محاولة انقلابية، لمنع الشعب من تحديد الرئيس القادم".
وكتب رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل على موقع إكس، أن اتخاذ القرارات نيابة عن الشعب واستبدال إرادته، أو استخدام القوة لمنعه، يرقى إلى مستوى الانقلاب.

واتهم نائب رئيس الحزب، إلهان أوزغال، الحكومة باستخدام الاعتقال كأداة لترهيب المعارضة التركية. وقال لبي بي سي إن حزبه قلق للغاية، بشأن حالة الديمقراطية في تركيا، بشكل عام.
وتفيد وسائل إعلام تركية موالية للحكومة أن إمام أوغلو يواجه اتهامات بـ''الابتزاز والاحتيال، ومساعدة حزب العمال الكردستاني''.
ونشر الحساب الرسمي لإمام أوغلو، على موقع "إكس"، رسالة بخط يده، بعد ساعات من اعتقاله، جاء فيها : "سترد أمتنا بكل قوة على المؤامرات والفخاخ والأكاذيب، وعلى منتهكي حقوق الشعب، وعلى من يسلبون إرادة الشعب".
من هو إمام أغلو؟
واجه إمام أوغلو البالغ من العمر 54 عاما، والذي يمكن القول إنه أقوى وأشهر سياسي معارض في تركيا، العديد من الاتهامات منذ توليه منصب رئيس البلدية في عام 2019، ليس أقلها إعادة الانتخابات البلدية قسريا بعد أن قال حزب العدالة والتنمية الحاكم إنها مسروقة.
ولد إمام أوغلو بالقرب من مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود في عام 1971، وقد أثير الكثير خلال الحملة الانتخابية لعام 2019 حول أصوله التي تعكس جزئياً أصول أردوغان الذي ولد في إسطنبول، رغم أن والديه من المنطقة نفسها.

كانت المنطقة التي نشأ فيها محافظة وداعمة للأحزاب اليمينية، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية. حضر إمام أوغلو دورات لتعليم القرآن في سن الرابعة وتعلم قراءة القرآن باللغة العربية. وفي حين أنه التزم في حياته اللاحقة بالعلمانية، إلا أن تنشئة إمام أوغلو الدينية وإعلانه الإيمان في العلن سيُشار إليه لاحقا كعامل في فوزه برئاسة بلدية إسطنبول.
بعد تخرّجه من مدرسة طرابزون الثانوية، سافر إمام أوغلو لدراسة الهندسة المدنية في شمال قبرص، ثم انتقل إلى كلية إدارة الأعمال في جامعة إسطنبول وتخرج منها عام 1994. انضم إلى أعمال البناء الخاصة بالعائلة وتزوج في عام 1995.
وفي عام 2008، انضم إمام أوغلو إلى حزب الشعب الجمهوري. لم يكن حزب مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك قد حظي بنفحة من السلطة الحقيقية منذ منتصف التسعينيات، على الرغم من أنه حشد الناخبين الكماليين العلمانيين ليصبح المعارضة الرئيسية.
في السنوات الأخيرة، واجه إمام أوغلو تحقيقات قضائية عدة، وفُتحت بحقه ثلاث قضايا جديدة هذا العام. وفي 2023، منع من الترشح للرئاسة بسبب إدانته بتهمة "إهانة" أعضاء اللجنة الانتخابية العليا.