المشهد الحزبي بعد 25 جويلية: تحالفات وتموقعات جديدة..
بدأت في الاونة الاخيرة تطفو على سطح الاحداث صور جديدة لتشكلات المشهد السياسي بعد اقرار رئيس الجمهورية قيس سعيد الاجراءات الاستثنائية في 25 من جويلية 2021، واعلانه تواصل العمل بها الى اجل غير مسمى في خطابه للشعب التونسي الاثنين الماضي من ولاية سيدي بوزيد.
خطاب اعقبه لقاء جمع الامين العام لاتحاد الشغل برؤساء والامناء العامين لاحزاب التيار الديمقراطي والتكتل من اجل العمل والحريات والحزب الجمهوري وحزب افاق تونس، وهي الاحزاب التي اظهرت خطابتها مؤخرا تقاربا كبيرا في المواقف وتطابقا في وجهات النظر.
الكتلة الديمقراطية والشرح العميق
فبعد ان كان التيار الديمقراطي في تماه شبه تام مع قرارات رئيس الجمهورية على غرار حركة الشعب قبل 25 جويلية 2021، احتدت مؤخرا مواقفه، لترتفع أصوات قياداته بشكل لافت، رافضة ومعارضة لأي خطوة ينوي رئيس الجمهورية قيس سعيد القيام بها، خصوصاً بتعليق العمل بالدستور أو تعديله بشكل أحادي وذهابه في نظام رئاسي دون مشاركة الطيف السياسي والمجتمعي.
واكد امين عام التيار الديمقراطي غازي الشواشي عقب لقائه وعدد من زعماء الاحزاب بأمين عام اتحاد الشغل الشغل الاثنين الماضي أن الأمناء العامين للأحزاب عبروا لمضيفهم عن "قلقهم البالغ إزاء استمرار الغموض والدفع بالأوضاع نحو مزيد التصعيد والتشنج، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى تعاط هادئ مع تداعيات الأزمة التي باتت تهدد مؤسسات الدولة بالشلل التام".. مشددا على "رفضه لكل الدعوات الصريحة والمقنعة لتعليق العمل بالدستور، أو لتمديد العمل بالتدابير الاستثنائية دون أفق، بما يكرس الحكم الفردي، ويهدد بعودة الاستبداد".
من جانبها اعتبرت القيادية في التيار الديمقراطي سامية عبو في حوار لجريدة الصباح ان "التاريخ سيذكر ان الرئيس قيس سعيد ضيع على التونسيين فرصة للعيش بكرامة لانه انشغل بمشروعه السياسي على حساب تطلعات الشعب".
مواقف تؤشر الى تعميق الشرخ والهوة داخل مكونات الكتلة الديمقراطية بالبرلمان المجمدة اختصاصاته، حيث تمترس التيار بمعارضة خطوات قيس سعيد، فيما واصلت حركة الشعب مساندتها المطلقة لقيس سعيد وقراراته، حيث عبر امين عام حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح لموزاييك الاثنين عن تبنّي حزبه لكل ما جاء في كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيّد اول أمس من مقر ولاية سيدي بوزيد، معتبرا أنّ ما جاء على لسان سعيّد يندرج ضمن باب الإصلاحات السياسية وأن الفترة الحالية هي تصحيح للمسار الثوري الذي انطلق يوم 17 ديسمبر2010، مضيفا "اليوم تونس تتنفس الصعداء في انتظار تشكيل حكومة للانطلاق في ديناميكية جديدة والبدء في الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة".
البرلمان.. ومطالب الحل
حركة الشعب لم تختر مساندة سعيد منفردة، بل تماهت مواقفها الى حد كبير مع مواقف حركة تونس إلى الأمام التي يقودها النقابي السابق عبيد البريكي الذي قال في وقت سابق لموزاييك ان "الرئيس أقدم على خطوة مهمة جدا في تصحيح المسار الثوري، ومن سوء حظ النواب أنهم إزاء أستاذ قانون دستوري".. واضاف في تدوينة نشرها على حسابه على فايسبوك قائلا "نحن مع كل القرارات".. مضيفا في تصريح اذاعي ان "البرلمان هو سبب دمار البلاد"، مشددا على "ضرورة حله، خاصة وأنه كان السبب الرئيسي للفساد المالي والإداري والسياسي الذي أدى بتونس إلى حالة من التدهور" وفق تقديره.
موقف حركة تونس الى الامام يتقارب الى حد ما مع مواقف حزب التيار الشعبي الذي اعتبر امينه العام زهير حمدي إن الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية بمدينة سيدي بوزيد "ضبط ملامح المرحلة، في انتظار تحويل ما اعلنه الى اجراءات ملموسة".
مساندة نقدية
مساندو قرارات سعيد، بعضهم اختار المساندة المطلقة على غرار حركتي الشعب وتونس الى الامام، غير ان البعض الاخر اختار موقع المساندة النقدية او المشروطة على غرار الحزب الدستوري الحر الذي اعتبرت رئيسته ان حزبها مهد الطريق لرئيس الجمهورية لاتخاذ قرار تجميد البرلمان بل اعلن الحزب في بلاغ أنّه وضع إمضاءات نواب الكتلة على ذمة رئاسة الجمهورية لتسهيل أي آلية دستورية لحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة في الآجال القانونية.
واوضحت رئيسة الحزب ان حزبها يساند قرارات قيس سعيد غير انه يختلف مع رئيس الدولة في الاليات التي يجب المضي فيها، فالحزب الدستوري الحر يقدم نفسه على انه الممثل الاكبر للمعارضة ما قبل وما بعد 25 جويلية ويطرح نفسه بديلا للحكم امام فشل منظومة ما بعد 14 جانفي 2011 التي قادتها حركة النهضة من خلال فترة حكمها ومشاركتها في الحكم طيلة العشرية الماضية في تحقيق طموحات الشعب التونسي.
النهضة وحيدة.. بعد انفراط عقد حزامها
اما حركة النهضة التي عولت على حزام سياسي متحرك في عملها البرلماني ومساندتها وتمسكها وقلب تونس بحكومة هشام المشيشي التي اوصلت البلاد الى هذا المأزق الخطير وفق تقييمات رئيس الجمهورية، وجدت نفسها منفردة ما بعد 25 جويلية عقب انفراط عقد حزامها وخروج قلب تونس ليعلن مواقف لا تعارض اقرار الاجراءات الاستثنائية لكنها لا تساندها بشكل مطلق.
فالنهضة ذلك الحزب الاغلبي في البرلمان المجمدة اختصاصاته، بعد ان انتفض فجر 25 جويلية 2021 رفضا للاجراءات، ودعا رئيسها ورئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي الانصار الى الخروج والتعبير عن رفض ما سماه بـ "الانقلاب" وجدت نفسها وحيدة امام موجة شعبية رافضة لمنظومة حكمها، ولم تظهر الى الان احزاب اخرى سواء من الحلفاء القدامى او اصحاب المواقف الجديدة تشاركها المسير في الطريق الذي فرض عليها الى الان.
الحبيب وذان