languageFrançais

الغنوشي يستعدّ لربطة عنق.. رئاسية؟

الغنوشي يستعدّ لربطة عنق.. رئاسية؟

يبدو أن رئيس حركة النهضة، يمهّد بسلاسة لإعلان ترشحه إلى الإنتخابات الرئاسية 2019، وهو وإن لم يُعلن ذلك صراحة إلى الآن، إلاّ أن مؤشرات عدّة تجعل الفرضية ممكنة، وتُمهّد إلى إنتخابات قادمة شديدة التنافس.


الشيخ السبعيني، سيكون خلال موعد الإنتخابات الرئاسية القادمة، قد أتم 78 سنة، قضى من بينها ما يقارب النصف قرن في العمل السياسي، ليصبح ترشحه المحتمل قد حان وقته، بل قد يكون تأخر بما يكفي أيضا.


الغنوشي فهم وتمرّس الشأن السياسي التونسي جيدا خلال السنوات السبع الأخيرة وبعد أن أتيحت له فرص لم تكن متوفرة في السابق، ليفهم بذلك الدولة ودواليبها، ويتعمّق أكثر في المجتمع التونسي ويفهم توجهاته وتركيبته الثقافية. وهو ما يفسّر نزعته الأخيرة إلى تسويق صورة متحضرة مدنية بعيدة كل البعد عن التشدد أو الرجعية، وإطلالته الأخيرة بربطة عنق ربما تكون علامة ظاهرية على ذلك، لكن تصريحاته أيضا بدت مفاجئة لمتابعيه، وصادمة ربما "لصقور الحركة".


وقد بدا الغنوشي واضحا في حواره الأخير مع قناة نسمة، في حسم حركته مع "الإسلام السياسي" وتأكيده على أن حركته "حزب تونسي وطني يعمل في إطار الدستور التونسي ولا سلطة عليه من الخارج ومن أي بلد في العالم" وذلك ردا على الإتهامات التي لطالما وُجّهت إلى النهضة بتلقيها تمويلات من دول أخرى.


"أساس الدولة هو البراغماتية وأساس الايدولوجيا هو الدوغما لذلك تتسم العلاقة بينهما بالتوتر المستمر، وتتحول الايدولوجيا إلى طائفة عندما تتخذ زيا خاصا يميزها عن بقية المجتمع" هذا ليس طرحا فلسفيا ولا تصريحا لمحلل سياسي، بل هي تدوينة حديثة للمستشار السياسي للغنوشي لطفي زيتون، أتت ساعات بعد تداول صورة رئيس الحركة بربطة عنق لأول مرة. ويتابع زيتون"ارتداء رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي لما يعتبره التونسيون زيا رسميا (بدلة وربطة عنق) هو مغادرة منه لمربع الطائفة وخطوة منه نحو الدولة". هذا التصريح هو إشارة واضحة، إلى أن الغنوشي يجهز إلى نقلة هامة من رئيس لحركة "إسلامية"  إلى منصب في الدولة، ولا منصب يسع الرجل غير كرسي قرطاج.


الأمر يبدو أوضح، حين نجد الغنوشي يخرج أيضا عن صمته وتصريحاته الديبلوماسية المعتادة حول رئيس الحكومة يوسف الشاهد ودعمه له، ليقول له صراحة "أدعوك إلى إعلان تعهدك بعدم الترشح لانتخابات 2019". فالشاهد، الشاب عمرا وتاريخا، بدأ يفتكّ الأضواء من بقية الوجوه السياسية "بحربه ضد الفساد" وتجرّئه على "رؤوس" أينعت منذ زمن طويل ولم يتجرأ أحد عليها سابقا.


وتبعا لذلك، لا بدّ للغنوشي أن لا يدخل غمار انتخابات طال انتظاره لها بمنافس ذو حظوظ وافرة، وهو بدا "كمن ينظف الطريق أمامه ويكنس منافسيه".


إن صدقت هذه التلميحات والمؤشرات، فإن الإنتخابات الرئاسية القادمة ستكون أشد احتداما ومنافسة من سابقاتها، وقد تعرف تونس بنتائجها نقلة لم تشهدها طوال تاريخها.

 

أمل الهذيلي
 

share