نضوب المياه والتغيرات المناخية يعصفان بجهود فلاحات سيدي بوزيد
باتت الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي تشهدها البلاد التونسية منذ سنوات بسبب معاناة النساء الفلّاحات والعاملات في القطاع الفلاحي بجهة سيدي بوزيد حيث عبر عدد منهن لموزاييك عن خسارة الكثير من موارد رزقهن رغم إمتلاك بعضهنّ لأراض فلاحية خصبة ولأنشطة متنوعة ترتبط بها مثلت المصدر الرئيسي لرزقهن .
إيمان طاهري، فلّاحة في العقد الرابع من عمرها، أصيلة منطقة "بوعطوش" الفلاحيّة بمعتمدية السوق الجديد التابعة لولاية سيدي بوزيد سجلت خلال العقد الأول من القرن الجاري نجاحات كبيرة في زراعة القمح و الشعير و العناية بما توفر في حقلها من أشجار الزيتون و اللوز والتين بطريقة تقليدية وبالإعتماد على الغيث النافع من جهة و مياه بئر سطحية و ما لديها من وسائل تقليدية من جهة أخرى، لكن تراجع المنتوج الفلاحي وتقلصت المداخيل بسبب إرتفاع كلفة الانتاج من اسعار الأدوية والمواد الفلاحية واليد العاملة من ناحية والتقلبات المناخية وما رافقها من جفاف مدقع و إرتفاع في درجة الحرارة و كثرة الأمراض من ناحية ثانية.
إيمان أكدت لموزاييك أنها لم تعد اليوم قادرة على حماية غراساتها من الجفاف خاصة و أن البئر التي كانت تتزود منها بالماء أصبحت في حاجة ماسة إلى الصيانة و هي غير قادرة على توفير الأموال اللازمة لذلك، وتنتظر مساعدة الجهات المسؤولة وخاصة الفلاحية لتتمكن من حماية أشجارها من الضياع و الإندثار.
وما تعاني منه الفلاحة إيمان هو عينة عن معاناة عديد الفلاحات في ييدي بوزيد، فبشرى ساكري أكدت بدورها لموزاييك أن لها حقل يمسح حوالي 8 هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة ورثتها عن زوجها و بئر سطحية ، وكانت هذه الارض مصدر رزقها رغم اعتمادها على وسائل فلاحية تقليدية، وازدهرت أرضها في السنوات السابقة بغراسات وزراعات سقوية شملت اللوز و الزيتون و الفستق والخضر الموسميّة كالفلفل والطماطم والفول.. لكن نضوب المياه ( هروب المائدة ) من الآبار السطحية بسبب إنتشار وكثرة الآبار العميقة والتغيرات المناخية وإرتفاع درجة الحرارة التي شهدتها الجهة منذ سنوات مما تسبب في فقدان المواد الأوّلية الضرورية في الأنشطة الفلاحية وحتى المرعى.
و من جهتها قالت حسيبة بلغيث رئيسة مشروع "فينا كليمة: الجندرة والتمويل المناخي" أن سيدي بوزيد عامة تعاني من الشح المائي والعديد من مناطقها لا تتزود بمياه الشرب إلى حد الآن لذلك فإن المشروع الذي تترأسه سيسعى إلى إيصال أصوات النساء الفلّاحات و العاملات في القطاع الفلاحي إلى الجهات المسؤولة حتى تكون على بينة من ذلك، ويبحث في إطار مناصرة عن حلول تعمل الدولة على إقرارها وطرحها بإعتبار ان مشكلة التغيرات المناخية ليست ظرفية بل هي حالة متواصلة، وهو ما يؤثر سلبا على المرأة العاملة في القطاع الفلاحي و التي تمثل في جهة سيدي بوزيد حوالي 70 % من جملة العاملين في القطاع الفلاحي. وما يزيد من قساوة وضعية النساء الفلاحات العمل في إطار غير منظم عموما رغم المجهودات التي تبذلها الدولة من حيث التأطير و التوعية من جهة وفي علاقة بتمكين النساء إقتصاديا لمجابهة تغيّر المناخ من جهة أخرى.
محمد صالح غانمي