قراءة متأنّية في تحوير وزاري جزئي
بعد طول انتظار توصّل رئيس الحكومة الحبيب الصيد اليوم الأربعاء 6 جانفي 2016 إلى إعادة تشكيل فريقه الحكومي على نحو مختلف من حيث العدد والتركيبة وتمثيلية الأحزاب الأربعة المشاركة في الحكومة.
في مستوى الشكل والهيكلة فقد قلّص حبيب الصيد من العدد الضخم لفريقه الحكومي بالتخلي عن الحقائب المسندة لكتاب الدولة البالغ عددها 14 خطة موزعة على عدد من الوزارات إلى جانب الحقائب الوزارية البالغ عددها 24 حقيبة وزارية أي 83 عضوا إلى جانب الوزراء المستشارين المعتمدين لدى رئيس الحكومة في القصبة.
هيكلة جديدة
وبعد تحوير اليوم أصبح الفريق الحكومي يضمّ 26 وزيرا بعد أن كان عدد الوزراء 24 وزيرا بإضافة وزارتين جديدتين وهما الشؤون المحلية التي أسندت إلى القيادي في حزب نداء تونس يوسف الشاهد بعد أن كان يشغل خطة كاتب دولة لدى وزير الفلاحة مكلفا بالصيد البحري.
أمّا الوزارة الثانية فهي وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد التي أسندت إلى المهندس كمال العيادي الوجه المستقل الذي انتمى خلال سنة 2014 إلى حزب نداء تونس ثم انسلخ عنه ليتفرغ للنشاط ضمن النسيج الجمعياتي في مجال مكافحة الفساد والحوكمة.
وجوه جديدة وأخرى قديمة
التحوير الوزاري الجزئي جاء بوجوه جديدة على رأس وزارات السيادة بالخصوص حيث اختار حبيب الصيد القاضي عمر منصور ليشغل خطة وزير للعدل بعد أن كان يشغل خطة وال على ولاية أريانة وقبل تعيينه في سلك الولاة كان عمر منصور عميدا لقضاة التحقيق ثم وكيلا للجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس2.
كما اختار الصيد خميس الجهيناوي المستشار الديبلوماسي لدى رئيس الجمهورية والسفير السابق على رأس وزارة الخارجية خلفا للطيب البكوش القيادي في حزب نداء تونس الذي قد يتم تعيينه قريبا على الأمانة العامة للاتحاد المغاربي خلفا للوزير المخضرم حبيب بن يحيى، وجدد الثقة في شخص فرحات الحرشاني على رأس وزارة الدفاع.
الداخلية وزارة للأمن فقط
وشمل التحوير الوزاري وزارة الداخلية بتعيين هادي المجدوب كاتب الدولة السابق للجماعات العمومية المحلية على رأس الداخلية وإفراد الشؤون المحلية والجماعات العمومية والمحلية بوزارة مستقلة وتعيين يوسف الشاهد القيادي في نداء تونس على رأسها لتصبح وزارة الداخلية وزارة للشؤون الأمنية دون غيرها.
وفي التحوير الوزاري الجزئي تم تعيين القيادي في حزب نداء تونس خالد شوكات وزيرا للعلاقة مع مجلس نواب الشعب وناطقا رسميا باسم الحكومة ليشغل مكان لزهر العكرمي الذي استقال خلال الأشهر القليلة الماضية.
توسيع تمثيلية الأحزاب الحاكمة
في المستوى الحزبي أعاد الحبيب الصيد توزيع الحقائب الوزارية على الأحزاب الأربعة الحاكمة وهي حزب النهضة وحزب النداء وحزب آفاق وحزب الاتحاد الوطني الحرّ.
ورغم إلغاء خطط كتاب الدولة والتقليص من التمثيلية الحزبية عدديا إلاّ أنّ أحزاب النداء والنهضة والاتحاد الوطني الحر استفادت من التحوير الوزاري، فالنهضة أصبحت ممثلة بوزيرين في الفريق الحكومي وهما زياد العذاري على رأس وزارة التشغيل ونجم الدين الحمروني الذي عين وزيرا مستشارا لدى رئيس الحكومة مكلفا باليقظة والاستشراف بعد أن كان يشغل خطة كاتب دولة لدى وزير الصحة.
أمّا حزب نداء تونس فتوسعت تمثيليته في الفريق الحكومي حيث أصبح ماسكا بحوالي 9 وزارات وهي الخارجية وعلى رأسها خميس الجهيناوي ووزارة النقل وعلى رأسها أنيس غديرة ووزارة المالية وعلى رأسها سليم شاكر ووزارة السياحة وعلى رأسها سلمى اللومي ووزارة الصحة وعلى رأسها سعيد العايدي والشؤون الاجتماعية وعلى رأسها محمود بن رمضان ووزارة التربية وعلى رأسها ناجي جلول ووزارة الشؤون المحلية وعلى رأسها يوسف الشاهد إلى جانب خالد شوكات وزيرا للعلاقة مع مجلس نواب الشعب وناطقا رسميا باسم الحكومة.
كما استفاد الاتحاد الوطني الحر من التحوير الوزاري حيث ارتفعت تمثيليته في الحكومة من 3 حقائب وزارية إلى 4 حقائب بتعيين محسن حسن على رأس وزارة التجارة خلفا لرضا لحول إلى جانب وزارات البيئة والشباب والرياضة وأملاك الدولة.
أمّا حزب آفاق فقد حافظ على تمثيليته الحزبية في الفريق الحكومي بالمحافظة على الحقائب الوزارية الثلاث وهي وزارات التنمية والاستثمار والتعاون الدولي وتكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي والمرأة والأسرة والطفولة.
تقشف وسخاء
وإجمالا فإنّ التحوير الوزاري الجزئي الذي أجراه حبيب الصيد اليوم مكّن الأحزاب السياسية الثلاث (النداء والنهضة والاتحاد الوطني الحر) الحاكمة من تدعيم حضورها في التركيبة الحكومية بعدد يصل إلى حوالي 18 وزيرا من مجموع 26 وزيرا وبذلك يكون الصيد قد توخى سياسة التقشف بالتقليص في العدد الجملي لأعضاء حكومته من 38 إلى 26 وزيرا وتخلى تماما عن كتاب الدولة لاعتبارات مالية غير أنّه كان سخيا مع أحزاب الائتلاف الحاكم وخصوصا أحزاب النداء والاتحاد الوطني الحر والنهضة.