languageFrançais

حسان العرفاوي: وعود اليمين المتطرف الانتخابية في ملف الهجرة غير واقعية

قال الخبير في مجال الثقافة والإعلام ومؤسس المجلة العلمية لمعهد العالم العربي بباريس MARS "العالم العربي في البحث العلمي"، حسان العرفاوي، في برنامج ''ميدي شو'' اليوم الاثنين 1 جويلية 2024، أنّ اليمين المتطرّف استطاع أن يفرض نفسه كفاعل أساسي "طبيعي" في المشهد السياسي الفرنسي الراهن.

وبيّن أنّ نسبة كبيرة من الفرنسيين يعتبرون اليوم أنّ اليمين المتطرف مقبول، بل ومطلوب، لممارسة السلطة في فرنسا، معتبرا أنّ مقبولية حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف ''تطورت بشكل كبير ومفزع'' على مدى العشرين سنة الماضية.
ففي 21 أفريل 2002، وهو تاريخ زلزال سياسي يتمثل في صعود جون ماري لوبان مؤسس هذا التنظيم المتطرف، الى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، شهدت فرنسا مظاهرت عارمة شارك فيها ما يزيد على المليون وثلاثمائة ألف شخص، منهم أربعمائة ألفا في العاصمة باريس وحدها، مطالبين بتكوين جبهة جمهورية لمنع اليمين المتطرف من الوصول إلى سدة الحكم. وهذا ما حدث بالفعل ومكن جاك شيراك حينئذ من الفوز بسدة الرئاسة بنسبة تفوق 82 بالمائة. أما في 2024، فلقد تم تنظيم مظاهرات تطالب بتشكيل تحالف جمهوري في مواجهة نفس هذا اليمين المتطرف لمنعه من الحصول على الاغلبية في الانتخابات التشريعية الحالية، إلا أن عدد المشاركين في هذه المظاهرات لم يتجاوز المائتين وخمسين ألفا منهم خمس وسبعين ألفا فقط في العاصمة باريس. وتدل هذه الأرقام، التي تفصلها ما بينها 22 سنة، عن مدى تطور مقبولية هذا الحزب أوأقله، عن تفشي اللامبالاة حيال وصوله للسلطة.

ويعد هذا الواقع الجديد انتصارا لشقّ رئيسة الحزب ماري لوبان ''التي افتكت السلطة من والدها سنة 2018 لتحويل تنظيم "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف من حركة احتياجية  إلى حزب يطرح نفسه بديلا جديا يطمح لممارسة السلطة.


وقال حسان العرفاوي : ''اليمين المتطرف يطرح حلولا شبه سحرية للمشاكل الفرنسية وفي بعضها نوع من التذاكي لأنها تأتي ردا على سياسات الرئيس ماكرون التي يصفها الكثير من الفرنسين بأنها "ليبرالية متطرفة''. 
 ويرى حسان العرفاوي أنّ الناخبين فقدوا الثقة في الأحزاب السياسية التقليدية التي يعدونها في قطيعة تامّة مع الطبقات الشعبية وتفتقر للمصداقية فالتجأوا إلى اليمين المتطرف للتعبير عن إحباطهم وغضبهم وأرادوا منحه فرصة من أجل تنفيذ وعوده الانتخابية المبالغة في السخاء.

الخوف من الهجرة والعولمة دفع بالناخبين الفرنسيين إلى اللجوء نحو اليمين المتطرف


كما دفع الخوف من الهجرة والعولمة بالناخبين الفرنسيين إلى اللجوء نحو اليمين المتطرف الذي ''لمس فيهم هوس الهوية''، يقول ضيف ميدي شو. 


وبيّن محدثنا أن العمليات الإرهابية التي قام بها الإسلامويون المتطرفون ساعدت اليمين المتطرف على تقديم الجاليات ذوات الأصول العربية والإسلامية على أنها ''الطابور الخامس''، الذي يهدد الديمقراطية والهوية والثقافة والامن الفرنسي.

وأبرز أنّ دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى ''تكوين تحالف ديمقراطي جمهوري واسع'' يراها البعض متأخرة ومفتقدة للمصداقية بعد انحدار شعبيته لدى الطبقات الشعبية التي تعتبره مسؤولا على تعميق مصاعبها الاجتماعية والاقتصادية.

وبيّن محدّثنا أنّه من الصعب التكهّن بالسيناريوهات المقبلة، اعتبارا لأنّ مواقف ناخبي مكونات الجبهة الشعبية الجديدة غير متناسقة ولأن بعض الاحزاب روجت لبعض أفكار اليمين المتطرف ظنا منها أنها تسحب منه البساط إلا أن الناخبين يفضلون عادة الأصل عن النسخة.


''وهناك من يعتبر أنّه لابد من استغلال فرصة إضعاف اليمين المتطرف عبر تركه يمارس السلطة في وضع معقّد حتى لا يستطيع تمرير برنامجه، ووضعه في موقف صعب قبل الانتخاب الرئاسية المقبلة''. ويُضيف ضيف ميدي شو : '' يظل سيناريو أن  يهتدي الجميع لتكوين جبهة جمهورية تقطع الطريق أمام اليمين المتطرف قائما بشدة''.

أيّ تداعيات لصعود اليمين المتطرف إلى السلطة على ملف الهجرة؟

أما بخصوص تداعيات صعود اليمين المتطرف إلى السلطة على ملف الهجرة، أوضح ضيفنا أنّه سيطبق سياسة أكثر تشدّدا قد تكون لها تداعيات اقتصادية في غير صالح فرنسا، في حالة تقليصها أعداد المهاجرين اعتباطيا، اعتبارا لأنّ عائدات دافعي مختلف الأداءات والضرائب من قبل مختلف الشرائح المنحدرة من الهجرة في اقتصادها يقدر ب60 مليار أورو سنويا، مقابل صرف جانب يسير منها على الخدمات الاجتماعية التي تتلقاها هاته الشرائح.

ويرى حسان العرفاوي أنّ الواقع عنيد، يستعصي على الوعود الانتخابية، إذ يفرض حقائق التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا والتبادل الاقتصادي والثقافي ولا يكترث بالوعود الانتخابية التي لا تلزم غير المؤمنين بها وفق تعبيره، وتابع: ''وفق ما نشرته عدة صحف، فإن بعض الأجهزة الأمنية حذّرت من إقصاء مزدوجي الجنسية من بعض المناصب اعتبارا للدور الكبير الذي لعبوه في حرب البلاد على الإرهاب، حيث تم التعويل عليهم لثقافتهم العربية الاسلامية وتمكنهم من اللغة وقد تمكنت فرنسا بفضلهم من إحباط العديد من العمليات الإرهابية''