جراي:المعاملة الحسنة للمعروفين فقط.. والفلقة مازالت في الإيقاف والسجون
تحدّث فتحي الجراي رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في برنامج ميدي شو اليوم الاثنين 27 جوان 2022 عن آخر المعطيات المتعلقة بملف التعذيب في تونس وآليات التوقي من ذلك في 'الجمهورية الجديدة'.
وكشف أنّ الإفلات من العقاب وراء تواصل التعذيب في بلادنا والأمن لم يتحرر من الذهنية القديمة ولم يتطور نحو أمن جمهوري حقيقي وهو مخزون ثقيل لم نستطع التخلص منه.
وبيّن فتحي الجراي أنّ المطلب الأساسي هو احترام الضمانات الأساسية التي تضمنتها كل القوانين والمعاهدات والمحددة بشكل واضح "لكن عند زيارة مقرات الشرطة العدلية والأمنية وعند ملاحظة السجلات نكتشف خرقا واضحا لهذه الضمانات التي يكفلها القانون على غرار حضور المحامي مع الموقوف وأيضا العرض على الفحص الطبي" وفق تعبيره.
التعذيب ممارسة يوميّة لم تتغير
وتابع "إلى اليوم يقع تسجيل اعتداءات على الموقوفين والمساجين ووضعهم بالغرف الانفرادية في ظروف قاسية جدا وهي وضعيات لا تتماشى مع دولة تسير نحو تكريس الديمقراطية كما أن هذه الممارسات يومية ولم تتغير".
وشّدد ضيف "ميدي شو" على أن عون الأمن مطالب بتطبيق القانون دون أن يقوم بانتهاك حقوق الإنسان ولا يمكن تبرير بعض التصرفات بنقص الإمكانيات والتعب وثقل المسؤولية، مستدركا "لكن أمام غض الطرف والإفلات من العقاب سيتواصل الاعتداء على المواطنين الذين يجدون أنفسهم دائما الحلقة الأضعف".
وأشار رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب إلى أن الوضع في 2022 لم يتغير عن السنوات الماضية والاعتداءات متواصلة رغم أن عدد الإشعارات قليل جدّا ولا يتجاوز الثلاثة أسبوعيا وهو رقم بعيد عن الواقع، وفق قوله.
كل الحكومات نفت وجود التعذيب الممنهج.. لكنه موجود
كما تحدّث الجراي عن الحملات التحسيسية والتوعوية التي قامت بها الهيئة خاصة في السجون "لكن الانتهاكات موجودة ومتكررة ومتشابهة رغم أننا نرى أحيانا حسن معاملة للشخصيات العامة والمعروفة وإذ نثمن هذا التصرف لكن يجب أن يكون مع كل المواطنين لأنهم متساوون أمام القانون".
وفي سياق متصّل، لفت إلى أن الاكتظاظ في السجون يعدّ ظرفا يخلق بيئة معادية للكرامة البشرية والحرمة الجسدية مما يتسبب في احتكاك وتلاسن بين المساجين ويؤدي إلى التعذيب الذي لا يمكن اعتباره معزولة بل هو ظاهرة لانه عام ومنتشر ومتكرر.
واعتبر "أنّ كل الحكومات نفت وجود التعذيب الممنهج وأنكرت وجود سجناء رأي وسياسيين لكن واقعيا العكس هو الصحيح.. "الفلقة" على سبيل المثال مازالت موجودة في مراكز الإيقاف والسجون.. صحيح أنها ممارسات لا ترتكب مع الجميع لكنها موجودة".
السجون لا تملك قانونا داخليا
وقال فتحي الجراي إن العقوبات في السجون تمر على لجنة تأديب لا يتمكّن فيها السجين من الدفاع عن نفسه أو حتى الحديث ثم يوضع في العزل التأديبي ويعاقب من 3 إلى 10 ايام يحرم خلالها من القفة والزيارة ويفقد الاتصال بالعالم الخارجي وعندما يعود بعد إنتهاء العقوبة فلا يجد سريره ويتمّ تحويله إلى غرفة أخرى وأحيانا يتمّ نقله من السجن لينتظر 6 أشهر أخرى للحصول على سرير وتصبح متاهة لا تنتهي، وفقا لتعبيره.
وأكّد أن السجون لا تملك قانونا داخليا وكل الإجراءات المعمول بها هي ملحوظات داخلية ومناشير ولا وجود لضمانات وقوانين واضحة تضمن حقوق السجين ونفس الشيء في الإيقاف الذي لا يعمل وفق معايير مضبوطة.
وعن تعامل السلطة التنفيذية مع الهيئة، أقرّ فتحي الجراي أنه لاحظ مؤخرا شدّ فرامل وتراجع في التعاون مقابل التركيز على الإجراءات البيروقراطية مما يضيع الكثير من الوقت والجهد وأيضا يتسبب في تعقيد بعض المسائل مما يضعف نسق التعاون "والخاسر في النهاية هو المواطن".
وكشف أن التعذيب تواصل بعد 25 جويلية "ولا شيء تغير فقط هناك أشكال أخرى من الحرمان من الحرية مثل الوضع تحت الإقامة الجبرية واستدعاء نصوص قانونية قديمة والاعتداء على التجمعات والمسيرات".
المواطن هو الحلقة الأضعف وعليه معرفة حقوقه
وفي ختام مداخلته، قال ضيف "ميدي شو" إنّ كل شخص معرض للإيقاف ولهذا فجميع المواطنين مطالبون بمعرفة حقوقهم وممارستها في كنف الاحترام وفي حال التعرض للاعتداء لا يجب اللجوء للتصعيد لانّ الموقوف هو الحلقة الأضعف آنذاك وعليه أن لا يرتكب الأخطاء التي قد تعقد وضعيته.
وتابع "من حقّ الموقوف المطالبة بإعلام عائلته بمكان تواجده ومعرفة سبب إيقافه ويمكنه المطالبة بحضور محامي وإن لم يتمكن من ذلك فالقانون يمكنه من إعانة قضائية ومساعدة عدلية، إلى جانب ذلك من حقّه أن يُعرض على الفحص الطبي وأن يتحصل على أدويته في حال كان مصابا بمرض مزمن".