قيس سعيّد أنهى الأزمة أم استثمر فيها لكسب التأييد ؟
طرح برنامج ميدي شو اليوم الجمعة 27 ماي 2022 نقاشا حول مدى قدرة مسار رئيس الجمهورية قيس سعيّد المتعلق بالحوار الوطني وبصياغة مشروع دستور جديد على إخراج البلاد من الأزمة الراهنة.
وأكّد رابح الخرايفي الباحث في القانون الدستوري أنّه مع استعمال الفصل 80 من الدستور "لأن درجة التسيب والفوضى التي بلغتها مؤسسات الدولة لم يكن من الممكن إيقافها إلا بتوحيد السلطة التنفيذية لتصبح بيد رئيس الجمهورية".
وقال إنّ الخطر الداهم كان يتمثّل في مجلس نواب الشعب الذي انحرف عن مهامه الأساسية التشريعية وأصبح خطرا على الدولة ومكانا لتبادل العنف، مضيفا أنّ الفصل 80 فرضته ضرورة توحيد الدولة وانقاذها.
وتابع الخرايفي "نحن اليوم لا نتحدث عن دستور بل عن مسودة وعندما تنشر تصبح مشروع دستور ولا يمكن الحديث عن دستور الا بعد الموافقة عليه"، مقرا أنه غير متشائم لأنه تم اختيار الاستفتاء الذي يعدّ من أرقى أشكال الديمقراطية.
سعيّد أنهى الأزمة
ولفت الباحث في القانون الدستوري إلى أن تونس كانت تعيش صراعا بين رأسي السلطة التنفيذية (رئاسة الحكومة والجمهورية) والتنازع بينهما أدى الى التنصل من تحمل المسؤولية في مناسبات عديدة الأمر الذي ساهم في تعطل مؤسسات الدولة، وفق تعبيره.
وبيّن ضيف "ميدي شو" أن السلطة التشريعية عوض أن تقوم بمهامها التشريعية الأساسية وتركيز المحكمة الدستورية وانتخاب أعضائها الأربع التي لم تنتخب منهم سوى عضو واحد خلال ستّ سنوات، انشغلت في الصراعات وتبادل العنف والاتهامات.
مسودة الدستور ستكون مقتضبة ومفهومة
ورجّح رابح الخرايفي أن تكون مسودة الدستور مقتضبة وواضحة الألفاظ بشكل يسهل استيعابها ولن يتطلب ذلك الكثير من الوقت، قائلا " نحن في مسار الحلّ الذي سينهي الأزمة الراهنة".
كما تطرّق إلى عدم تشريك الأحزاب في المسار الحالي، مؤكدا أن ذلك لا يزعجه "لأن اكثر من 230 حزبا لم تنجز مؤتمراتها ولم تقدم رؤاها ولم تقدم حتى مقترحاتها للجنة الرئيس.. إن كانت هذه الأحزاب رافضة للمسار يمكنها القيام بحملة لمقاطعة الاستفتاء والدعوة للعودة لدستور 2014".
رئيس الجمهورية استثمر في الأزمة
من جانبها قالت شيماء عيسى ممثلة مبادرة مواطنون ضد الانقلاب إنّ "من كان يتحدث عن وجود مخاوف من تفكك الدولة فإنها تفككت بالفعل بسبب مسار 25 جويلية".
واعتبرت أن "رئيس الدولة كان موجودا في الحكم منذ سنة 2019 وتابع كل الازمات وكان يمكنه إيقاف النزيف منذ البداية لكنه استثمر في أزمة كورونا ولم يتدخّل لجلب التلاقيح ليتحرك ليلة 26 جويلية لغاية واضحة" حسب تعبيرها.
وشدّدت عيسى على أن اللحظة كان مدبّر لها وتم استثمارها مع سابقية الإضمار وأن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان قادرا على طرح مشاريع قوانين في البرلمان للمصادقة عليها وليس حله وغلقه، معتبرة أنه ساهم أيضا في تعطيل تركيز المحكمة الدستورية في عدة مناسبات.
خيارات الرئيس ستقوض المستقبل
وأكدت ضيفة ''ميدي شو'' أن الوضع الحالي يعدّ إهانة للتونسيين وللطبقة السياسية بسبب الغموض الذي فرضه رئيس الدولة الذي قام بإقصاء كلّ الأحزاب ونعته من يعارضونه بالخفافيش والسكارى والمخربين وشيطنتهم، متسائلة "كيف سيشاركون والحال انهم مقصيّون.. ما نعيشه اليوم أشبه بالظلام الدامس".
وشدّدت ممثلة مبادرة مواطنون ضد الانقلاب على أنّ الأزمة التي تمرّ بها تونس لا يمكن حلّها من طرف رئيس الجمهورية بمفرده بل تستوجب اعتماد الحوار مع تشريك الجميع ومحاسبة من أجرم في حقّ البلاد واتباع سياسة المصالحة، قائلة إنّ خيارات الرئيس ستقوض المستقبل والمسار الحالي بخطواته وقراراته سيتسبب في كارثة.
قيس سعيّد خلق الأزمة لكسب االتأييد
بدوره أكّد أحمد ادريس مدير معهد تونس للسياسة أنه كان سيقبل بتفعيل الفصل 80 من الدستور "لو لم يكن رئيس الجمهورية طرفا في المعادلة ومساهمته في مزيد تأزيم الوضع"، قائلا "لو حملنا المسؤولية لكل الطراف ستكون اختيارات الرئيس في المقدمة خاصة فيما يتعلق باختياره لرؤساء الحكومات''.
وأوضح أنّ قيس سعيّد "حضّر كل الظروف لتأزيم الوضع وحتى يتم قبوله من طرف الشعب وليظهر كأنه المنقذ.. وخلق اللحظة لكسب المزيد من الشعبية ولتسهيل تمرير قراراته ولا يمكن إغفال أنه المسؤول الأول عن الوضع والأزمة الراهنتين".
وتساءل أحمد ادريس "10 اشهر مرّت ولم نلاحظ أي تغيير في الوضع.. هو صاحب القرار لكنه لم يقم بشيء فهل يديه مكبلة ام أنه يتعمّد ذلك لمواصلة استثمار الازمة".
المناخ ليس متاحا للقيام بالاستفتاء
واعتبر مدير معهد تونس للسياسة أن الاستفتاء هو شكل راق من الديمقراطية عندما يكون المناخ ديمقراطيا والتشاركية موجودة وكل الآراء مسموعة والأحزاب السياسية مشاركة وغير مقصية "ولكن الوضع مختلف في تونس .. اليوم نعيش نوعا من العبث ولا وجود لأي نص مطابق لما قبله فالأمر مخالف للمرسوم المخالف بدوره للدستور''.
وقال "نحن نبني ثقافة وضع النصوص التي لا تطبق وما يحدث مستحيل أن يساهم في بناء دولة القانون"، مشدّدا على أن المسار إن لم يكن تشاركيا فسيكون هناك مأزق حقيقيّ، حسب تعبيره.
وطالب أحمد ادريس رئيس الجمهورية "بتقديم ضمانة واضحة في حال قرر خوض لعبة الاستفتاء ألا وهي اعتماد عتبة 50+1 على السجل الانتخابي ككلّ فان كانت الأغلبية مع تنقيح الدستور فله ذلك وان كانت ضدّ هذا القرار عليه إعادة الأمور الى نصابها أو أن يستقيل".