languageFrançais

حين يصبح القانون ساحة للغرائب: زواج أشباح.. وسيدة تملك الشمس

حين يصبح القانون ساحة للغرائب: زواج أشباح.. وسيدة تملك الشمس

هل تخليت يوما أن يقف خنزير، بعد أن ألبسوه زيا بشريا، أمام قاض في المحكمة للنظر في قضيته؟ أو شخصا حيّا يعقد قرانه على شبح؟ أو إنسانا يزعم امتلاك الشمس ويسعى لبيع أشعتها للبشرية؟ قد يبدو الأمر وكأنه مزحة ثقيلة أو مشاهدا من فيلم خيال علمي، لكنه في الواقع جزء من أغرب التقاليد والقضايا القانونية التي شهدها التاريخ. في هذا المقال، سنأخذك في رحلة عبر أغرب القوانين والممارسات التي بدت كأنها إحدى أوجه السخرية، لكنها حدثت بالفعل! ومنها ما يطبّق إلى اليوم..

محاكمة الحيوانات أمام محاكم البشر!

في العصور الوسطى، انطلاقا من القرن الخامس ميلادي، وهي فترة شهدت تغيرات سياسية واجتماعية عميقة،  ميّزها النظام الاقطاعي وهيمنة الكنيسة الكاثوليكية، وإلى حدود القرن  التاسع عشر، شهدت عددا من الدول في، أروبا، محاكمات للحيوانات أمام قضاة وبحضور محامين، باعتبار "انتشار معتقد خضوع كل الكائنات إلى القوانين الإلهية في أروبا"، في تلك الحقبة الزمنية.

وكانت الحشرات، والحيوانات صغيرة الحجم، عادة، تحاكم، أمام المحاكم الكنسية، من أجل "جرائم" عديدة، أهمها نقل الفيروسات، وغيرها، فيما تحاكم بقية الحيوانات، في محكمة علمانية، أمام قضاة، بعد "الاحتفاظ بهم في الإيقاف"، أحيانا، من أجل "تهم"، أهمها القتل واتلاف المحصول. وتقضي المحكمة بحكمها، وهي الإدانة والقتل في أغلب الأحوال، بعد تقديم المحامين لمؤيداتهم في الدفاع عن الحيوان، والاستماع للشهود...(1)

محاكمات دخلت التاريخ، بعد أن شملت الكلاب من أجل السرقة، والبقر من أجل اتلاف المحصول، والقردة من أجل السحر. وتبقى القضية الأشهَر، محاكمة أنثى خنزير في نورمنداي الفرنسية.

ففي سنة 1398، ألبسوا أنثى الخنزير ملابسا بشرية، وحملوها نحو المحكمة، بعد اتهامها بمهاجمة رضيع يبلغ من العمر 3 أشهر، مما أدى إلى مصرعه.

وبعد سماع الشهود من قبل القضاة، والمداولات في حيثيات القضية، أدينت أنثى الخنزير  في "الجريمة"، وأصدرت المحكمة حكمها بإعدام "المتهمة" شنقا. لينفّذ الحكم في ساحة عامة، داخل المدينة، أمام حشود من رواد السوق! (2)

زواج أموات فيما بينهم وأحياء من الأموات!

وبعيدا عن الحيوانات، وفي عالم البشر، ظهر قانون غريب آخر، مازال يطبق إلى حدود الآن، يتمثل في الزواج من الأموات. ففي فرنسا يتم بموجب المادة عدد 171 من القانون المدني الفرنسي، زواج شخص على  قيد الحياة بشخص متوفى. وتعود جذور هذا القانون إلى الحرب العالمية، عندما فقد عدد كبير من الأشخاص أحبابهم، فسُمح لهم، بعدها، بزواج الأحياء منهم بالأموات القتلى.

ويخضع هذا الزواج الذي تجاوز حدود الحياة والموت، إلى شروط صارمة، أهمها إثبات نية الزواج قبل موت المتوفى، وعادة ما تتمثل في خطوبة أو موافقة عائلية، فضلا عن موافقة رئيس الجمهورية على الزواج. (3)

ويتواصل زواج الأحياء بالأموات، في فرنسا إلى اليوم، وآخر هذه الزيجات التي هزت الرأي العام، كانت في 30 ماي 2017، عندما عُقد قران بين إيتيان كارديل وشريكه المتوفى اكسافيي جوغيلي، وهو ضابط الشرطة الفرنسية الذي قُتل في هجوم إرهابي في الشانزليزي، في أفريل 2017. وحضر المراسم الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، ووزير الداخلية، وقتها، جيرار كولومب. (4)

ولم يقتصر زواج الأموات على فرنسا، ففي الصين، ظهر منذ 3000 عام، ما بات يسمى "زواج الأشباح". وإيمانا من مجتمعه بأن "المتوفى الأعزب يبقى وحيدا في الآخرة"، يُزوّج الراحل الوحيد هناك من ميّت آخر، لتأمين صحبة أزلية له في العالم الآخر، وفق معتقدهم.

ورغم مكافحة الحكومات الصينية لهذه التقاليد، خصوصا، بعد انتشار ظاهرة سرقة الجثث لتزويجها، فإن "زواج الأشباح" ما زال يُسمع عنه بين الفينة والأخرى، في عدد من المناطق.

ولا يقتصر هذا النوع العجيب من الزواج على فرنسا والصين فحسب، بل شمل أيضا عددا من الدول الأوربية والإفريقية، ودوافعه بالأساس روحانية ومجتمعية. (5)

سيدة تستغل ثغرة قانونية وتمتلك الشمس، ثم تحدد التعريفة ونسب الأرباح!

أما سنة 2010، فقد أعلنت الإسبانية أنخيليس دوران، عن امتلاكها الشمس، بعد قيامها بالإجراءات القانونية اللازمة في الغرض. وحصلت على وثيقة رسمية في ذلك، إثر دراسة وموافقة عدد من الخبراء لتصبح "المالكة القانونية للشمس"، استنادا على كون "الاتفاقيات الدولية تمنع  الدول والمؤسسات من امتلاك مثل هذه الأجرام، لكنها لا تنص على حظر امتلاكها من قبل الأفراد!"

وتقول دوران، وفق موقع روسيا اليوم، "لقد فعلت كل شيء بطريقة صحيحة، أنا على دراية بالقانون، ولست بلهاء. يمكن أن يفعل ذلك أي شخص، لكن الفكرة خطرت لي قبل الجميع. إذا لم يكن أحد مؤهلا لإبداع وسائل للحصول على النقود وتحسين أوضاع البشرية فلماذا لا أقوم أنا بذلك؟".

وقررت "مالكة الشمس" ضبط تعريفة لكل "مستهلكي الطاقة الشمسية في العالم"، على أن توزع عائداتها على النحو التالي: 50% للحكومة الإسبانية، 20% لصندوق التقاعد، 10% للبحث العلمي، 10% لمكافحة الجوع، و10% لفائدتها! (6)

ادعاء أثار جدلا كبيرا حول الجوانب القانونية والأخلاقية للمسألة، ورسّخ في التاريخ واحدة من أغرب القضايا عبر العصور.

في الختام: أي غرائب قانونية قد يحملها المستقبل؟

عزيزتي القارئة، عزيزي القارئ، قد تبدو هذه القضايا لوهلة كأنها جزء من رواية عبثية أو  فيلم بسيناريو وحبكة درامية، لكنها في الحقيقة تعتبر مجموعة شواهد على طرافة التاريخ البشري وتعقيداته القانونية. ومن محاكمة الحيوانات في العصور الوسطى إلى زواج الأحياء بالأموات، ومن محاولة امتلاك الشمس إلى عقود زواج الأشباح، يثبت الواقع دائما أنه أكثر غرابة من الخيال.

أمثلة بيّنت كيف  للقانون والمعتقدات المجتمعية أن يتداخلا ليشكّلا أحداثا تبدو غير منطقية في عصرنا، لكنها كانت وما زالت تجد لها مكانا في الأنظمة القانونية لبعض الدول. وفي الوقت الذي تتغير فيه المجتمعات وتتطور القوانين، يبقى السؤال مفتوحا: ما هي التقاليد القانونية الغريبة التي قد يأتي بها المستقبل؟

برهان اليحياوي

المصادر:

1-مصادر تاريخية وإعلامية عامة.

2-العربية وعربي بوست.

3-مصار عامة.

4- تاي آف 1.

5-مصادر عامة مختلفة.

6-روسيا اليوم.

الصور المضمّنة في المقال مولّدة بالذكاء الاصطناعي

الكلمات المفاتيح :قانونغرائب