العلا: هكذا إجتمع الفقر والمرض الذهني على ''تقي'' فأفقداه إنسانيته
في صورة مؤلمة، وقف ''تقي'' على قدم واحدة فيما كُبّلت الأخرى بسلسلة حديدية موثوقة بزاوية ما يشبه الكوخ المصنوع من "الطوب"، وهو يصيح مرددا كلمة "يا تومية " وهو إسم أمه الذي حفظه منذ ولادته..
هذه وضعية الشاب " تقي غديفي " ذو الـ32 سنة بعد أن أجبر والده على شدّ وثائقه في سفح جبل "مغيلة" في منطقة صيادة الجنوبية التابعة لمعتمدية العلا من ولاية القيروان، أين يعيش منذ نعومة أضافره حياة غير آدمية، دون أبسط مقوّمات العيش وبلا علاج يُذكر لمرضه الذهني الحاد، ولم ينل من رعاية سوى قليل من المسكنات وبعض الأدوية المخدرة لتهدئته والحد من صراخه..
وقد وجّهت والدته تومية نداء استغاثة إلى السلطات المعنية من أجل انقاذ حياة إبنها بعد أن نفد صبرها ونفد دواؤه المهدىء بسبب جائحة كورونا، ليحتدّ عنفه ويشكّل خطرا حقيقيا على باقي أفراد عائلته.. وبعد أن اعتدى على ابنة شقيقه وتتسبب لها في جروح بليغة استوجبت علاجها داخل المستشفى الجهوي بالقيروان الذي يبعد العشرات من الكيلومترات عن هذه المنطقة..
أما والده فقد عبّر عن عجزه عن توفير مصاريف التنقل نظرا لظروفه الاجتماعية القاسية وقلة ذات اليد. يذكر أن قسم الأمراض النفسية بالمستشفى الجهوي ابن الجزار بالقيروان أصبح غير قادر على استيعاب كل المرضى النفسانيين الوافدين عليه من ثلاث ولايات (قفصة و القصرين و القيروان) خاصة أن عدد الأسرة لا يتجاوز الـ30 سريرا..
" تقي" يعاني تخلفا ذهنيا حادا لا يصنّف بالمرض النفسي، ويتطلب علاجا متواصلا داخل أحد مراكز الإيواء والتأهيل غير المتوفرة في المناطق الداخلية..
*خليفة القاسمي