سنة مرّت على رحيله ...
سنة مرّت على وفاة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي بعد أن لبّى نداء ربّه تعالى يوم الخميس 25 جويلية 2019 عن سن تناهز الـ93 سنة وذلك بعد تعرضه إلى وعكة صحية حادّة.
قايد السبسي الذي عايش ولادة الجمهورية الأولى اختار الرحيل يوم عيد الجمهورية، تاركا تاريخا حافلا ومسيرة سياسيّة هامّة، وخلّد اسمه كرجل دولة تركا أثرا من الصادقيّة إلى قصر قرطاج.
نبذة عن مسيرته
ولد الباجي قايد السبسي أو محمد الباجي بن حسونة قايد السبسي في سيدي بوسعيد، 29 بتاريخ نوفمبر 1926 وهو سياسي ومحامي ومؤسس حزب نداء تونس.
زاول دراسته بمعهد الصادقية بتونس العاصمة ثم أكمل الجزء الثاني من الباكالوريا بديجون سنة 1948 ، وفي 1949 تحول إلى باريس ليواصل الدراسات العليا في الحقوق.
عاد السبسي إلى تونس سنة 1952 والتحق بمكتب المحامي فتحي زهير، وتم تكليفه بالدفاع عن الوطنيين الذين مثلوا أمام المحكمة العسكرية.
مهام ومناصب عدة
ناضل الباجي قايد السبسي في الحزب الحر الدستوري الجديد منذ شبابه وبعد الاستقلال عمل كمستشار للزعيم الحبيب بورقيبة ثم كمدير إدارة جهوية في وزارة الداخلية.
تمت دعوته بتاريخ 28 أفريل 1956، من قبل الوزير الأول الحبيب بورقيبة إلى ديوانه وتم تكليفه بمتابعة ملف الشؤون الاجتماعية، وفى جويلية 1956، التحق بديوان كاتب الدولة للداخلية الطيب المهيرى وعين مديرا للإدارة المحلية والبلدية.
وفي 1962 تم تكليفه من قبل الرئيس الحبيب بورقيبة بمهمة تتعلق بالتنظيم المستقبلي للسياحة والصناعات التقليدية فأصبح مديرا للسياحة.
سنة 1969، تم تعيينه سفيرا بواشنطن، لكن بعد تقبل أوراق اعتماده من قبل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، تم الاحتفاظ به في تونس ليترأس القائمة الانتخابية للحزب بدائرة تونس. تم انتخابه نائبا بالبرلمان بتاريخ 2 نوفمبر 1969، كما تم تعيينه في الحكومة المكونة من قبل الباهى الأدغم في 7 نوفمبر 1969 وزيرا للدفاع الوطنى في رتبة وزير دولة.
و1970 تم تعيينه سفيرا لتونس بباريس وخلفه بوزارة الدفاع الوطنى حسيب بن عمار، بعد مشاركته في مؤتمر الحزب في أكتوبر 1971، وتم تعيينه عضوا باللجنة المركزية للحزب لكنه قرر الاستقالة من منصبه كسفير وأوضح في مقال نشره بصحيفة 'لوموند' الفرنسية بتاريخ 1972 أنه لاحظ أن إرادتي الإصلاح والانفتاح الديمقراطي لم يقع احترامهما صلب الحزب.
وبعودته إلى تونس، استأنف نشاطه بمكتب المحاماة وواصل نضاله مع الليبراليين أحمد المستيري وحسيب بن عمار ومحمد صالح بلحاج وآخرين.
وفى 2 ديسمبر 1980 وافق على الانضمام إلى حكومة محمد مزالي وشغل في فترة أولى خطة وزير دون حقيبة ثم وزيرا للخارجية غداة انعقاد مؤتمر الحزب في أفريل 1981. وقد قدم استقالته من هذا المنصب في سبتمبر 1986.
وعين الباجي قائد السبسي سفيرا لدى جمهورية ألمانيا الفيدرالية في نوفمبر 1986 وبقي في المنصب حتى نوفمبر 1987، بعد عودته إلى تونس، عين عضوا بالمجلس الدستوري مع حسيب بن عمار ورشيد إدريس وعياض بن عاشور وغيرهم.
أعيد انتخابه نائبا بالبرلمان، وعين في فترة أولى رئيسا للجنة السياسية والشؤون الخارجية ثم في سبتمبر 1990 رئيسا لمجلس النواب حتى أكتوبر 1991، استأنف بعد ذلك مهنة المحاماة حتى غداة الثورة حيث تمت دعوته فى 27 فيفري 2011 إلى رئاسة الحكومة الانتقالية المكلفة بإعداد انتخابات المجلس التأسيسي.
بعد الثورة التونسية
في 27 فيفري 2011 عينه الرئيس المؤقت فؤاد المبزع رئيساً للحكومة المؤقتة وذلك بعد استقالة محمد الغنوشي. و استمر في منصبه حتى 13 ديسمبر 2011 حين قام المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المنتخب في 12 ديسمبر 2011، بتكليف حمادي الجبالي أمين عام حزب حركة النهضة بتشكيل الحكومة الجديدة.
ترشح السبسي للانتخابات الرئاسية التونسية 2014 عن حزب نداء تونس الذي قام بتأسيسه سنة 2012 وتمكن من الفوز في الإنتخابات إثر إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 22 ديسمبر 2014 عن فوزه بشكل أولي قبل الطعون وإعلان النتائج النهائية للدور الثاني للرئاسية بنسبة 55.68 بالمائة من جملة الأصوات مقارنة بـ 44.32 لمنافسه منصف المرزوقي.
وتولى فيما بعد تكليف الحبيب الصيد بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة إثر اختياره من قبل الحزب الأغلبي كمرشح لرئاسة الحكومة من قبل البرلمان التونسي.
وقد تمّ تشييع جثمان رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي الثرى ظهر السبت 27 جويلية 2019 بمربّع آل قايد السبسي بمقبرة الجلاز بالعاصمة في جنازة وطنية مهيبة حضرها ملوك ورؤساء ومسؤولين رفيعي المستوى من الدولة الشقيقة والصديقة.
وواكب الجنازة آلاف التونسيين الذين اصطفوا على جانبي الطريق لالقاء نظرة الوداع على رئيسهم في الموكب المهيب، حيث وضع جثمانه فوق حاضنة المدفع التي جرتها شاحنة عسكرية، تتقدّمه الخيالة الراكبة وانطلق الموكب من الباب الرئيسي للقصر الرئاسي في اتجاه شارع محمد الخامس بالعاصمة، مرورا بقصر المؤتمرات وصولا لشارع منصف باي أين إنسحبت الخيالة وتقدّمته فرقة الموسيقى العسكرية (فوج الشرف بالجيش الوطني) .
''رحم الله الباجي قايد السبسي وغفر له وأسكنه فسيح جناته''