languageFrançais

اليوم العالمي للإذاعة: الذكاء الاصطناعي يقود تحولا جديدا في عالم البثّ

اليوم العالمي للإذاعة: الذكاء الاصطناعي يقود تحولا جديدا في عالم البثّ

في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة وتحديات العصر الرقمي، تظل الإذاعة وسيلة إعلامية حيوية تجمع بين الأصالة والابتكار. 

ويأتي اليوم العالمي للإذاعة فرصة للاحتفاء بتاريخ هذه الوسيلة العريقة وتسليط الضوء على التحولات التي تشهدها، خاصة مع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي في ميادين الإنتاج والبث الإذاعي.

وتدخل الإذاعة قرنها الثاني كواحدة من أكثر وسائل الإعلام التي يعوَّل عليها والأوسع استخداماً في العالم، وذلك في عصر تتسارع فيه عجلة الابتكارات التكنولوجية إلى حد لا يوصف وتتقادم فيه المنصات الرقمية التي سرعان ما يخفت بريقها الصاعد، الواحدة تلو الأخرى. 

وأُعلنت في عام 2011 من قبل الدول الأعضاء في اليونسكو واعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012 كيوم دولي للأمم المتحدة، أصبح يوم 13 فيفري اليوم العالمي للإذاعة. 

ومع اكتساب اتفاق باريس أهمية بالغة، تساهم الإذاعات في تحقيق أهدافه الدولية وترافق المجتمعات في مواجهة التغير المناخي من خلال بث المعلومات الدقيقة، وإتاحة المجال للمستمعين للتعبير عن آرائهم، وتخصيص برامج تتناول هذه القضية

التاريخ العريق والواقع الحديث

منذ نشأتها في أوائل القرن العشرين، لعبت الإذاعة دورًا محوريًا في نقل الأخبار والترفيه وتعزيز التواصل الاجتماعي. 

ووفقًا لتقارير منظمة اليونسكو، يُعتبر الإذاعة المصدر الرئيسي للمعلومات في أكثر من 75% من الدول خلال حالات الطوارئ، مما يبرز أهميتها كوسيلة إعلامية موثوقة وفعالة.

كما تشير إحصائيات هيئة البث الأوروبية (EBU) إلى أن عدد المستمعين اليومي للإذاعة في أوروبا وحدها يتجاوز 70 مليون شخص، بينما تظهر بيانات أخرى أن نحو 60% من سكان المناطق الريفية في دول عدة يعتمدون على الإذاعة للحصول على الأخبار والمعلومات الحيوية.

كما تقدر الدراسات العالمية أن ما يقارب 1.5 مليار شخص حول العالم يتابعون برامج إذاعية بشكل يومي، مما يعكس تأثيرها وانتشارها الواسع.

شريكٌ جديد في عالم الإذاعة

لم يقتصر التحديث في مجال الإذاعة على الوسائل التقليدية فقط، بل شهد العقد الأخير دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحديث المحتوى وتحسين تجربة المستمعين. 

من أبرز مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في الراديو:

- تحليل بيانات المستمعين وتخصيص المحتوى: تستخدم العديد من المحطات الإذاعية تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط الاستماع وتفضيلات الجمهور، حيث تشير تقارير من شركة "Radio AI Insights" إلى أن حوالي 45% من المحطات في أوروبا قد تبنت هذه التقنيات خلال السنوات الأخيرة. 

وقد ساهم ذلك في تقديم برامج أكثر تخصصًا وتفاعلًا، مما أدى إلى زيادة نسب الاستماع بنسبة تصل إلى 20% في بعض الحالات.

- إنتاج المحتوى وتحويل النص إلى كلام: تُعد تقنيات تحويل النص إلى كلام (TTS) واحدة من التطبيقات الناجحة للذكاء الاصطناعي في الإذاعة. 

فقد استطاعت بعض المحطات تقليل الزمن المستغرق في إعداد النشرات الإخبارية وبرامج الترفيه، مع انخفاض التكاليف التشغيلية بنحو 25% وفقًا لبعض الدراسات. 

وتتيح هذه التقنيات إنتاج تقارير سريعة ودقيقة دون الحاجة لتدخل بشري مباشر في جميع مراحل الإنتاج.

- تحسين تجربة التفاعل والتشغيل الآلي: تساعد الأنظمة الذكية في إدارة الجداول الزمنية والعمليات التشغيلية للمحطات الإذاعية، مما يسهم في تقديم بث متواصل ومنظم. 

وتُظهر الإحصائيات أن إدخال الذكاء الاصطناعي قد حسّن معدلات رضا المستمعين بنسبة تصل إلى 15%، بفضل تقديم محتوى يتماشى مع اهتماماتهم وتفضيلاتهم الفردية.

التحديات وآفاق المستقبل

على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، إلا أن دمجه مع الحفاظ على الهوية الإذاعية الأصيلة يشكل تحديًا مهمًا. 

فمن الضروري إيجاد توازن بين الأتمتة والتواصل الإنساني الذي يتميز به المذيعون ذوو الخبرة. 

كما تبرز الحاجة إلى وضع سياسات واضحة لحماية خصوصية بيانات المستمعين وضمان استخدام آمن ومسؤول للتكنولوجيا.

وفي المستقبل، من المتوقع أن يشهد قطاع الإذاعة المزيد من التطورات، إذ تشير توقعات بعض الخبراء إلى أن تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي سيستمر في التوسع، مما سيزيد من قدرة المحطات على جذب جمهور جديد، خاصة من فئة الشباب المرتبطين بالتكنولوجيا والوسائط الرقمية.

ويظل اليوم العالمي للإذاعة مناسبة للاحتفاء بماضي هذه الوسيلة الإعلامية وتطلعاتها المستقبلية.

وتستند الإحصائيات والأرقام إلى أن الإذاعة ما زالت تحتفظ بمكانتها الهامة بين وسائل الإعلام، وتثبت قدرتها على التجديد والابتكار من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي. 

وبينما نتطلع إلى مستقبل رقمي متقدم، فإن دمج التكنولوجيا مع القيم الإذاعية الأصيلة يشكل السبيل لضمان استمرارية وتأثير هذه الوسيلة الحيوية في خدمة المجتمعات وتوصيل المعلومات بدقة وكفاءة.

صلاح الدين كريمي