languageFrançais

الانتدابات والتأجير في الوظيفة العمومية في 2025

الانتدابات والتأجير في الوظيفة العمومية في 2025

 أعيد فتح باب الانتدابات بقرار من رئيس الجمهورية في عدد من المرافق العمومية، نتيجة ما وصفه ب"حصول فراغ في بعض المرافق الحيوية من الإطارات والأعوان التي لم تعُد قادرة على إسداء الخدمات المطلوبة للمواطنين"، 

ويُعدّ ذلك بمثابة إعادة فتح باب الانتدابات في الوظيفة العمومية بعد أن كان شبه مغلق منذ حوالي 8 سنوات وتحديدا منذ سنة 2017 من قِبل حكومة يوسف الشاهد من خلال إصدار منشور ينصّ على تجميد الانتداب في الوظيفة العمومية باستثناء خرّيجي مدارس التكوين، وعدم اللجوء إلى تعويض المحالين على التقاعد وإيقاف العمل بتعويض الشغورات المسجلة في الوظيفة العمومية بسبب الاستقالة أو الوفاة أو الإلحاق. ورغم تغيّر الحكومات منذ سنة 2017، إلاّ أنّ قرار تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية بقي ساري المفعول، وتم تثبيته بهدف الضغط على الأجور والتحكّم في الموازنات العامّة. وتُقدّر نسبة البطالة لسنة 2024 بـ 16 بالمائة، وناهز عدد العاطلين عن العمل الـ 667 ألف و200 عاطل عن العمل، فيما بلغت نسبة البطالة بين حاملي الشهائد العليا نسبة 25 بالمائة، وفق مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء.

الانتدابات والتأجير في الوظيفة العمومية في سنة 2025

وفقا لتقرير وزارة المالية حول ميزانية الدولة لسنة 2025، فإنّه تمّت برمجة 21 ألفا و376 انتدابا موزعة على مجموعة من القطاعات، وهي 9207 خطة انتداب في وزارة التربية. بالإضافة لبرمجة انتداب 2778 خطة لصالح وزارة الدفاع الوطني وانتداب 1529 خطة لصالح وزارة الداخلية، و1080 في وزارة العدل، و863 انتدابا في وزارة المالية، و3500 بوزارة الصحة، و700 انتدابا في وزارة الشباب والرياضة، و370 بوزارة الفلاحة والموارد المائية، و214 انتدابا بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي و175 في وزارة الشؤون الاجتماعية و153 بوزارة النقل، و150 صلب وزارة التشغيل والتكوين المهني، و100 انتدابا بوزارة التجارة وتنمية الصادرات، و الـ557 انتدابا المتبقية سيتم توزيعها على مجموعة من القطاعات.

الكلفة المالية للانتدابات المبرمجة

وفق ميزانية الدولة لسنة 2025 المقدرة بـ 78.2 مليون دينار، فإنّ نفقات التأجير ستكون في مستوى 24389 مليون دينار أيّ بزيادة تمثل نسبة 2.8 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة، وتمثل نفقات التأجير نحو 13.3 بالمائة من الناتج المحلي الخام و40.8 بالمائة من نفقات ميزانية الدولة.

واللافت هنا أنّه بالتوازي مع برمجة 21 ألفا و376 انتدابا جديدا في الوظيفة العمومية، تمّ التأكيد ضمن تقرير نشرته وزارة المالية حول الفرضيات والتوجهات الكبرى لميزانية الدولة لسنة 2025، على ضرورة الشروع في تنفيذ الإصلاحات الضرورية التي تمّ إقرارها على المدى المتوسط ومزيد العمل وبذل الجهد للتحكم في كتلة الأجور والنزول بها تدريجيا إلى نسب معقولة من الناتج المحلي الخام لاستعادة التوازنات المالية وتأمين ديمومة الميزانية. ونصّ تقرير وزارة المالية حول ميزانية الدولة للسنة القادمة، كذلك على مواصلة العمل بالبرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السنّ القانونية ومواصلة العمل بأحكام التراتيب المتعلّقة بالتنقل الوظيفي للأعوان العموميين لفائدة الوزارات والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والتشجيع على الانتفاع بعطلة لبعث مؤسسة.

وتواجه تونس تحديات مالية كبيرة خلال سنة 2025، إذ أنّ الحكومة مطالبة بتوفير 28 مليار دينار، بينها 6.1 مليار دينار اقتراض خارجي و21.8 مليار دينار افتراض داخلي.

ما هو عدد الموظفين في القطاع العام؟

ووفق الأرقام الرسمية والصادرة عن الهيئة العامة للوظيفة العمومية التابعة لرئاسة الحكومة، فإنّ عدد الأعوان في الوظيفة العمومية بلغ إثر الثورة ما يزيد عن 670 ألفا. واعتبرت رئيسة الهيئة العامة للوظيفة العمومية السابقة فضيلة الدريدي، في تصريح لموزاييك سنة 2019، أنّ العدد الكبير للموظفين العموميين يُمثّل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة، بالإضافة لتوزّعهم بطريقة مختلّة، وبيّنت أنّ الإنتدابات التي حدثت منذ سنة 2011 كانت غير مدروسة، وبعد أن كان عدد الموظفين في ديسمبر 2010 يُقدّر بـ 450 ألف موظف، اليوم تجاوز الـ 670 ألفا. وبيّنت أنّ الإنتدابات المرتفعة بعد الثورة لم تُوجّه لقطاعات حيوية كالصحة والتعليم، ولكن كانت أغلبها ذات طابع إجتماعي، منها ما تعلّق بإدماج أعوان المناولة والتنظيف، والعفو التشريعي العام.

وفي السياق ذاته، سبق أن نشرت وزارة الوظيفة العموميّة والحوكمة، بتاريخ 8 نوفمبر 2016، الأرقام والتّفاصيل حول تطوّر أعوان الوظيفة العموميّة من سنة 2011 إلى 2015 من خلال انتداب 200 ألف عون، بينهم 70 ألفا من أعوان المناولة و6 آلاف منتفعين بالعفو العام و235 من ذوي شهداء الثورة و2255 من الجرحى، و10 آلاف من عملة الحضائر، وإدماج 3 آلاف من المنتفعين بالعفو العام المعزولين قبل الثورة، و17 ألفا من عملة الآلية 16، و7 آلاف من الإنتدابات الخصوصية بوزارات الأمن والصحة والتربية.

شروط الانتداب في القانون التونسي

وفق القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرّخ في 12 ديسمبر 1983 والمتعلق بضبط القانون العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، فإنّه لا يمكن لأيّ شخص أن يُعيّن في خطّة موظّف للدولة أو لجماعة عمومية محلية أو لمؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية:

- إذا لم يكن محرزا على الجنسية التونسية مع مراعاة التحاجير المنصوص عليها بمجلة الجنسية التونسية.

- إذا لم يكن متمتعا بحقوقه المدنية وحسن السيرة والأخلاق.

- إذا لم يكن في وضع مطابق لأحكام القانون المتعلق بالتجنيد، ولم يكن له من العمر 18 سنة على الأقلّ، ولم تتوفر فيه المؤهلات البدنية والذهنية المفروضة ليمارس بكامل تراب الجمهورية الوظائف التي يترشح إليها.

ويتم الانتداب عن طريق مناظرات تعتمد الاختبارات أو الشهائد أو الملفات، وتقوم المؤهلات المهنية للمترشحين من قبل لجنة امتحان تعين بقرار من الوزير الأول وتتولى اللجنة ترتيب المترشحين حسب الجدارة.

وينتدب خريجو المدارس المصادق عليها عن طريق التسمية المباشرة وتضبط الأنظمة الأساسية الخاصّة بكلّ سلك كيفية تطبيق هذه الأحكام.

ويجب على كلّ مترشّح نجح في مناظرة أن يكون تحت كامل تصرّف الإدارة بُغْيَة تسميته وتعيين مقرّ عمله، وإذا ما رفض الالتحاق بالمركز المعيّن له يعتبر بعد التنبيه عليه رافضا للتسمية ويحذف من قائمة المترشحين الناجحين في المناظرة.

وفي سنة 2021، تمّ تنقيح الفصل 18 من القانون وأصبح ينصّ على كونه، لا تنطبق صيغة المناظرة الخارجية بالملفات والاختبارات على الانتداب المباشر لعملة الحضائر ممن تجاوز سنهم 45 سنة.

وتُطرح من سنّ العامل الذي تجاوز سنه 45 سنة المدة المساوية لفترة العمل المدني المقضاة بصفة عامل حضائر بالإدارات العمومية أو بالجماعات المحلية أو بالمؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية.

وتتكفّل الدولة بتسوية وضعية عملة الحضائر ممن تجاوز سنهم 45 سنة ودون 55 سنة في تاريخ 20 أكتوبر 2020، وذلك على دفعات سنوية أو بِمَنح صكّ مغادرة لمن اختار منهم الخروج الطوعي. ويتوقّف بعدها العمل بهذا الشكل من الانتداب.

وضبط إجراءات تطبيق هذه الأحكام يكون بمقتضى أمر حكومي، وتستكمل تنفيذها في مدة لا تتجاوز الخمس سنوات من تاريخ دخولها حيّز النفاذ.

مستوى التأجير في تونس مرتفع

من المنتظر أن تكون نفقات التأجير في مستوى 24389 مليون دينار، أيّ بزيادة تمثّل نسبة 2.8 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة، وتمثل نفقات التأجير نحو 13.3 بالمائة من الناتج المحلي الخام و40.8 بالمائة من نفقات ميزانية الدولة.

وهي نسبة تُعتبر مرتفعة، وفقا للمعيار المعتمد اقتصاديا في تقييم كتلة الأجور، والذي يُحتسب من خلال النسبة التي تمثلها من الناتج المحلي الإجمالي، والمعدل المتوسّط يكون ما بين 10 و12 بالمائة في حين بلغ في تونس مستوى 13.3 بالمائة.

وعلى سبيل المثال، في المغرب تُمثّل نسبة الرواتب من ميزانية الدولة 25 بالمائة فقط، ودخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يُمثّل 11.1 ألف دولار سنويا.

والمقصود بالناتج المحلي الإجمالي، هو الثروة التي تنتجها كلّ دولة من منتوجات وخدمات وغيرها.

خليل عماري