languageFrançais

هل تنجح جهود الوساطة في تجاوز خلافات الاتحاد العام التونسي للشغل؟


يعيش الإتحاد العام التونسي للشغل على وقع أزمة داخلية غير مسبوقة وخلافات تعكس انقسامات هيكلية وتجاذبات سياسية، أثرت على أداء المنظمة وفعاليتها وتموقعها وتراجع دورها في المشهد العام في مواجهة الأوضاع الراهنة، وتهدد بتقويض دوره التاريخي بوصفه قوة تعديلية تدافع عن حقوق الطبقة الشغيلة والحريات والديمقراطية .

ففي 15 ديسمبر 2024،  أعلن خمسة أعضاء من المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل وهم أنور بن قدور ومنعم عميرة والطاهر البرباري وصلاح الدين السالمي وعثمان الجلولي، نيتهم الدخول في اعتصام مفتوح بمقر الاتحاد في تونس العاصمة، ابتداءً من 25 ديسمبر 2024، احتجاجًا على ما وصفوه بـ"الوضعية المتردية" التي وصلت إليها المنظمة.

عكس إعلان هذا التحرك ،خلافات داخلية حادة بين قيادات الاتحاد، خاصة فيما يتعلق بتقديم موعد انعقاد المؤتمر الوطني للاتحاد من عام 2027 إلى منتصف عام 2025.

مقترح يطالب به عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد ويرون أنه وسيلة لإصلاح المنظمة بينما يرفض آخرون هذا التقديم. كما دعا بعض النقابيين إلى عدم ترشح أعضاء المكتب التنفيذي الحالي لعضوية المكتب المقبل، بهدف إفساح المجال لقيادات جديدة.

حسين العباسي على الخط

في ظل هذه الأزمة الداخلية، برز دور الأمين العام السابق، حسين العباسي، كوسيط بين الأطراف المتنازعة حيث قاد  جهودًا لتقريب وجهات النظر نتج عنها تأجيل الاعتصام الذي كان مقررًا في 25 ديسمبر 2024 إلى 8 جانفي 2025، بهدف إتاحة الفرصة لمزيد من الحوار والتوافق.

يقول المولدي الجندوبي، الأمين العام المساعد السابق للاتحاد العام التونسي للشغل في تصريح لموزاييك إنه لم يعد يخفى على أحد أن الوضع في الاتحاد أصبح مقلقا لا للنقابيين فقط، بل حتى لعموم الشعب التونسي، مبينا أن الخلافات وصلت إلى أوجها خاصة في ظل التوترات والخلافات وغياب الانسجام بين أعضاء المكتب التنفيذي وتلويح 5 منهم بالدخول في الاعتصام إضافة إلى التوترات مع بعض الهياكل القطاعية والجامعات واتحادات جهوية.

ردة فعل إيجابية

وبيّن الجندوبي أن هذا الوضع يستوجب ردة فعل إيجابية من أجل الخروج من هذا الوضع، كاشفا في هذا الصدد عن محاولات ومبادرته منذ سنة عبر الاتصال بالأمين العام نور الدين الطبوبي وعدد من القيادات الآخرين بهدف تجاوز الخلافات لكن هذه المبادرة لم تلاقي استحسانا كبيرا وفق تأكيده ولم يتم التفاعل معها ايجابيا في ذلك التاريخ.

وفي المقابل، بيّن المولدي الجندوبي أن الوضع تغير اليوم خاصة بعد تدخل الأمين العام السابق للمنظمة حسين العباسي إضافة إلى جهود قادها بنفسه وأنتجت تأجيل الاعتصام الذي كان مقررًا يوم 25 ديسمبر 2024 وهو ما يفتح المجال للتفكير بروية وحل الخلافات داخل الاطر الداخلية الرسمية.

ويعتبر الجندوبي أن قدماء النقابيين ومن تحملوا مسؤوليات صلب المنظمة الشغيلة من واجبهم التدخل بالرأي والنصيحة التي قد تفيد هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل الخروج من الوضع الحالي ومواجهة التحديات التي تواجهها المنظمة اليوم.

جذور الخلافات

وأفاد المولدي الجندوبي أن محور القضية المجلس الوطني الأخير المنعقد في المنستير الذي لم يكن على الوتيرة نفسها لكافة أعضاء المكتب التنفيذي تم إلغاء نقطة تنظيم مؤتمر استثنائي للاتحاد العام التونسي للشغل يتم من خلاله التراجع على الفصل 20 الذي كان يسمى سابقا الفصل 10 والمتعلق بعدم تسقيف دورات عضوية المكتب التنفيذي للمنظمة، مثل ما طالب مجموعة الخمسة الذين لوحوا بالاعتصام.


مضمون المبادرة..

ويرى الجندوبي أنه من الضروري التوصل إلى حل قبل تاريخ 8 جانفي موعد تنفيد الاعتصام المؤجل.

وكشف في هذا الصدد عن دور سيقوم به مع قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل بداية من رأس السنة القادمة معبرا عن أمله في التوصل إلى حل.

وبيّن أنه لا بديل من حلّ الخلافات داخل الأطر النقابية المباشرة مضيفا بأنه يرى أنه من الأفضل أن يجتمع الكتاب العامون للاتحادات الجهوية، وهم يمثلون المكتب التنفيذي الموسع في هيكلة المنظمة، وإن لزم الأمر ليس برئاسة المكتب التنفيذي الوطني الحالي وإنما يتم اختيار الرئاسة من بينهم وذلك بهدف تدارس مضمون الخلاف والنقاط التي شهدت انقساما صلب المجلس الوطني وتقريب وجهات النظر في ما يتعلق بتعيين مؤتمر استثنائي من عدمه.

وأضاف أن هذا المقترح يأتي ضمن تفاصيل أخرى لا يمكن الإفصاح عنها إلا بعد التوصل إلى حلول.

رسالة للفرقاء..''خافوا ربي''

ووجه الأمين العام المساعد السابق للاتحاد العام التونسي للشغل المولدي الجندوبي للفرقاء داخل للاتحاد رسالة مفادها: "خافوا ربي في المنظمة العريقة ودماء الشهداء التي سطرت تاريخها وخافوا ربي من أجل البلاد لأن الإتحاد دوره لا يقتصر على منظوريه وإنما لكافة التونسيين وتذكروا تضحيات قيادات الإتحاد منذ الاستعمار المباشر وصولا إلى بناء الدولة الحديثة وفي مقدمتهم أحمد التليلي والشهيد فرحات حشاد والحبيب العاشور الذي توفي والرصاصة في فخذه.. وغيرهم من النقابيين...ولو دامت لغيرك لما آلت إليك ".

كريم وناس