المساواة في الميراث:جدل قديم ... يتجدّد
أثارت مبادرة المساواة في الميراث بين المرأة والرجل التي أطلقها النائب عن الكتلة الديمقراطية الاجتماعية مهدي بن غربية جدلا واسعا في صفوف مجلس نواب الشعب وأثارت تباينا في الآراء والمواقف بين رافض ومرحّب وداعم لهذه المبادرة .
و يشار إلى أن النقاش حول هذا الموضوع ليس بالجديد فلطالما نادت جمعيات نسوية وشخصيات حقوقية بضرورة ارساء المساواة في الميراث بين المرأة والرجل إلا أن هذا الأمر بقي منحصرا في ما مضى في فضاءات 'النخب ' وملتقياتهم خصوصا في ظل التعتيم الإعلامي الذي كان يفرضه نظام ما قبل 14 جانفي.
الجدل المتجّدد حول هذه المبادرة لم يبق هذه المرة حبيس اروقة مبنى مجلس نواب الشعب ليتحول إلى موضوع كل التونسيين بمختلف شرائحهم الاجتماعية خصوصا في ظل ثورة وسائل التواصل الحديثة وتعدد فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي التي تتيح التعبير للجميع.
التوقيت غير مناسب
ومنذ إعلان مهدي بن غربية عن إطلاقه لمبادرته التشريعية الداعية إلى المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة تسارعت المواقف الرافضة على غرار النائب عن كتلة حركة النهضة يمنية الزغلامي التي اعتبرت أن التوقيت غير مناسب لإطلاق هذه المبادرة وشددت على أنها ستستبيح البلاد للمتطرفين متسائلة عن المنفعة التي ستحصل لتونس من هذه المبادرة .
ويشاطرها في الموقف رئيس كتلة حركتها بمجلس نواب الشعب نور الدين البحيري الذي حذّر من أن '' تتسبب هذه المبادرات في زعزعة ثقة الناس في النخبة السياسية وفي مجلس نواب الشعب''.
واعتبر رئيس مجلس شورى حركة النهضة فتحي العيادي أنّ هذه المبادرة جاءت خارج السياق الوطني ولا تفيد التونسيين في شيء.
الجبهة تسحب توقيعاتها وكتلة الحرة تعتبر إمضاءات نوابها مواقفا شخصية
كتلة الحرة بمجلس نواب الشعب اعتبرت في بيان أنّ المبادرة التشريعية حول المساواة في الإرث لم تُعرض عليها من طرف الجهة التي أصدرت المبادرة ولم تتداول فيها الكتلة ولم تتخذ فيها أي قرار،واعتبرت أنّ الإمضاء على نصّ المبادرة من قبل بعض أعضاء الكتلة يعبّر عن المواقف الشخصية لهم وأنّ ذلك لا يعبّر عن موقفها من هذه المبادرة في هذا التوقيت بالذات.
أما الجبهة الشعبية فقد اعلنت ان أن نوابها الموقّعين قد سحبوا توقيعاتهم من هذه المبادرة التشريعية وعللت ذلك بما يحوم حول هذه المبادرة من أجندات سياسية خطيرة.
سنغزو قبة مجلس النواب بطريقة سلمية
الداعية محمد الهنتاتي رئيس جمعية ملتقى الأيمة أكّد أنه لا مجال للاجتهاد في تفسير وتأويل الآيات القرآنية المتعلقة بتحديد الميراث باعتبار أنها قطعية و ليست ظنية حسب تعبيره.
وشدد الهنتاتي على انه سيتم التصدي لمبادرة النائب المهدي بن غربية عبر الحوار والنقاش وغزو مجلس النواب بطريقة سلمية و حضارية وفق تعبيره.
مفتي الجمهورية: لا مجال لتغيير القرآن أو تحريفه
مفتي الجمهورية التونسية عثمان بطيخ لم يختلف موقفه مخالفا لم سبق ذكره من مواقف وشدد على أنه لا مجال لتغيير القران أو تحريفه في تعليقه على المبادرة التشريعية لبن غربية حول المساواة في الميراث بين المرأة والرجل.
وصرح في السياق ذاته بأنّ الآية القرآنية بيّنة وصريحة ولا تحتمل التأويل أو الاجتهاد ودعا نواب الشعب الى ايجاد حلول للمشاكل الجوهرية بالبلاد بعيدا عن اثارة اشكاليات هامشية نحن في غنى عنها حسب قوله.
المساواة قضيّة ذات أولويّة
وفي المقابل تساءلت الحقوقية والباحثة التونسية والمديرة الحالية لدار الكتب الوطنية رجاء بن سلامة عن المانع من طرح عدّة مواضيع في الوقت نفسه وعن المنع من طرح مواضيع المورطين في وثائق بنما وقضايا الفساد والمساواة في الميراث للنقاش العمومي خارج البرلمان مؤكدة أن عقلية التونسيين بصدد التغيّر إلا أن منطق الأولويات وافتراض المؤامرة لم يتغيّرا.
وشددت بن سلامة على المساواة قضيّة ذات أولويّة في بلد شهد ثورة ويريد إرساء ديمقراطيّ وذكّرت بأن والطّاهر الحدّاد خاطب التونسيّين سنة 1930 وشرح لهم لماذا يجب إرساء المساواة في الميراث، فلم يسمعه تونسيّو ذلك الزّمان. وقالت أنه بإمكاننا الآن أن نسمعه، خاصّة بعد أن تمّ تكريمه وتوسيمه في هذه السّنة.
أما جمعية النساء الديمقراطيات قد "شددت على أن أولوياتها الحالية تتمثل في مطالبة الحكومة بتفعيل ما جاء في دستور ما بعد الثورة في ما يتعلق بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المرأة والرجل، "حتى لا تبقى مجرد حبر على ورق وشعارات رنانة ترفعها الحكومة في بعض المناسبات الوطنية".
واعتبرت ان طرح قضية تتعلق بحقوق المرأة بحجة أنها ستؤلّب الرأي العام "أسطوانة مشروخة" تعوّدنا الجميع على سماعها''.
بإمكانكم المشاركة في النقاش
هذا الموضوع الذي لطالما أثار جدلا ومازال النقاش متواصل حوله، يمكنكم ابداء رأيكم فيه من خلال المشاركة في استطلاع الرأي الموضوع على ذمتكم في موقعنا .