القمّة الإفريقية الإيطالية: ماذا بعد..؟
استضافت روما الاثنين 29 جانفي 2024 القمّة الإفريقية الإيطالية التي جمعت حوالي 27 رئيس دولة وحكومة من أوروبا وأفريقيا، إلى جانب ممثلين عن وكالات تابعة للأمم المتحدة، ومؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي.
وجرى الحديث في خطاب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني عن اتفاقات في مجال الطاقة ضمن ''خطة ماتي من أجل إفريقيا''. وقالت إن خطة التنمية التي تعتزم إيطاليا إطلاقها في أفريقيا ستبلغ قيمتها الأولية أكثر من 5.5 مليار أورو، بما في ذلك الضمانات العامة لمشروعات الاستثمار.
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية عن ميلوني تأكيدها أنّ سلسلة المشاريع بدأت فعلا في تونس، من خلال تعزيز محطات تنقية المياه غير التقليدية لري مساحة 8 آلاف هكتار، وإنشاء مركز تدريب مخصص لقطاع الأغذية الزراعية. كما يشمل المشروع إعادة تطوير المدارس وتدريب المعلمين وتبادل الطلاب والمعلمين بين الدول.
وشاركت تونس، التي سبق لها توقيع مذكرة تفاهم مع ايطاليا والاتحاد الاوروبي في صائفة العام الماضي، في هذه القمة التي إلتأمت تحت شعار ''خطة ماتي لإفريقيا '' وكلها أمل للاستفادة من هذا التجمع الدولي من أجل تحقيق أهدافها التنموية في مجال الطاقة على المستوى البعيد والمتوسط.. لكن ماذا بعد؟
مشاريع ضمن ''خطة ماتي لإفريقيا''..
ناقش المجتمعون في القمة منذ انطلاقتها سبل تعزيز التنمية المستدامة والاستقرار في أفريقيا، ومنها مناقشة قضايا الهجرة والمناخ والأمن الغذائي والتحول في مجال الطاقة، ومن جهتها تعهدت إيطاليا بجعل تنمية أفريقيا موضوعا رئيسيا خلال الفترة القادمة بهدف تعزيز نفوذها في القارة.
وأكدت ميلوني أن هذه "المبادرات الملموسة" التي تعتزم متابعة تنفيذها وتطويرها شخصيا, تتضمن خمسة مجالات رئيسية وهي الزراعة والتعليم والصحة والطاقة والماء, مشيرة الى عدد من المشاريع في مجال الزراعة التي تهدف الى تطوير المنتوجات المحلية وخفض معدلات سوء التغذية وتعزيز تطوير سلاسل الإمداد بالأغذية الزراعية.
إيطاليا همزة وصل بين أوروبا وإفريقيا..
وتسعى ميلوني إلى تحويل إيطاليا إلى جسر بين أوروبا وأفريقيا، من خلال تزويد الأولى بطرق إمداد جديدة لموارد الطاقة، والثانية باستثمارات ضخمة، وهو ما أكدته في مداخلتها أمام القادة الأفارقة التي اعتبرت أنه من الواضح أن الارتباط بين المناخ والطاقة سيكون محوريا، مثل جميع التدخلات التي سيتم تنفيذها لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة من خلال إجراءات تهدف إلى تسريع انتقال أنظمة الكهرباء، لاسيما توليد الكهرباء من مصادر متجددة والبنية التحتية للنقل والتوزيع.
كما تأمل ميلوني في الاستفادة من طلب الدول الأوروبية الأخرى التي تسعى إلى تقليل اعتمادها على الغاز الروسي، في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا في فيفري 2022.
ماذا تخفي القمة..؟
ما تخفيه هذه القمّة أكبر بكثير من مجرّد إعداد خطة لتنمية إفريقيا وإقامة مشاريع تنموية في البدان الافريقية القليلة النموّ، لأن إيطاليا تطمح كغيرها من القوى الدولية المهيمنة مثل روسيا والصين وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية للبحث عن موضع قدم في القارة السمراء التي تخفي في باطنها حوالي 2 بالمائة من إنتاج المعادن عالميا ويصل إنتاج الطاقة فيها حوالي 2.4 تليون دولار وتتنوع فيها الطاقة بين مناجم الألماس والذهب واليورنيوم والغاز والهيدروجين الأخضر، والصراع على أشدّه لاستثمار هذا المخزون.
كما تسعى إيطاليا ومن ورائها دول أوروبا المطلة على البحر الابيض المتوسط للتخلص سريعا وبأيّ وسيلة من كابوس الهجرة غير النظامية والتدفقات الضخمة من المهاجرين القادمين بعشرات الآلاف من شمال افريقيا وجنوب الصحراء بحثا عن عمل وهربا من جحيم الحروب الأهلية والصراعات العرقية والانقلابات العسكرية الدائرة في بعض الدول الافريقية مثل بركينا فاسو ومالي والنيجر، وهي فرصة سانحة لايطاليا لتتموقع من جديد في إفريقيا عبر بوابة الاستثمار بعد الانسحاب العسكري والدبلوماسي الاضطراري لفرنسا من عدة بلدان إفريقية.