languageFrançais

الويكلو : بين ما كان و ما سيكون ؟؟؟

الويكلو : بين ما كان و ما سيكون ؟؟؟

عادة ما يكون لعقوبة اللعب دون حضور جمهور كجزاء عقابي  تأديبيي يسلط ضد الجمعيات نتيجة لأفعال جماهيرها عند مخالفتها للنظام العام داخل الملعب أثر نقاشي على مستوي قانوني ورياضي حول : جدوى العقوبة نفسها أكثر من سندها القانوني .

من ثمة و بعد نقاشات عديدة بين جميع مكونات المشهد الكروي تركزت حول ضرورة إيجاد عقوبة تأديبية بديلة لعقوبة الويكلو, تدخل المكتب الجامعي في اجتماعه المؤرخ في 18 أكتوبر 2017 " لإلغاء عقوبة الويكلو من الجدول التأديبي بالفصل 44 جدول ج وتعويضها بالسماح للمشتركين فقط بالدخول في بعض الحالات و يبقي للهياكل الرياضية المختصة حق اتخاذ عقوبة الويكلو عند وقوع أحداث أو إصابات تقدرها بالخطيرة جدا " ( يراجع في هذا بيان المكتب الجامعي المنشور ).

على أنه و قبل التدقيق في سند الإلغاء و آثاره المنتظرة  (2 ) يجب بداية تفصيل أساس عقوبة الويكلو و تطبيقاتها التي كانت معتمدة قبل الالغاء (1)

أولا :  الأساس القانوني و التطبيقات التي كانت معتمدة لإقرار عقوبة الويكلو :

يعد الفصل 44 من المجلة التأديبية للجامعة التونسية لكرة القدم السند القانوني الأساسي للمؤاخذة التأديبية لأفعال الرياضيين خلال مباراة كرة قدم ممثلين أساسا  في  اللاعبين و الإطار الفني و الإطار الطبي و المسؤولين و الجماهير الرياضية ( مع وجود نصوص تأديبية أخري داخل ذات المجلة بطبيعة الحال )  .

ولئن أقر ذات الفصل "مبدأ المؤاخذة التأديبية الشخصية" بخصوص العقوبات الصادرة ضد اللاعبين أو الإطار الفني أو الطبي أو المسئولين،فإنه بالمقابل أقر استثناءا للمبدأ في فقرته الأخيرة المتعلقة بعقوبة الجمعية الرياضية عن أفعال جماهيرها !!!.

وقد جاءت الفقرة الأخيرةtableau G  من الفصل 44 معنونة بـــــ :"العقوبات ضد النوادي نتيجة لأفعال الجماهير " بمبدأ تأديبي متعسف في حق الجمعيات بضمانها لأفعال جماهيرها  سواء المنخرطة أو العرضية أو حتى غير المنتمية فعليا للنادي مما يجعلها تحت طائلة المؤاخذة التأديبية رغم عدم ارتكابها لخطأ ذاتي / شخصي موجب للعقاب!!!  

وجاء في الفصل 44 في فقرته الأخيرة تفصيل لعدد  11 فعل  لفظي أو مادي يمكن أن يكون صادرا عن جماهير الفرق يمثل خطأ يكون محل مؤاخذة تأديبية متدرجة في عقوبتها عملا" بمبدأ تناسب العقوبة مع الفعل الضار "ممثلة في : الخطية المالية / عقوبة اللعب دون حضور جمهور باختلاف عدد المباريات /ويكلو مع  سحب نقطة أو نقطتين من الترتيب العام بحسب الحالة ( الفرضية عدد 10 و عدد 11 من الفصل 44 ) / ويكلو مع خسارة المباراة تأديبيا .

ومن مجمل عدد 11 حالة تأديبية بالفصل 44 من المجلة التأديبية فإن عدد 09 حالات بتمامها تفضي حال تحققها لتطبيق عقوبة اللعب دون حضور جمهور مما يتسبب في ضرر مادي و رياضي للجمعية نتيجة لخطأ لم ترتكبه إذ هو خطا مرتكب من قبل جماهيرها لتتأسس بذلك العقوبة التأديبية على ضمان الجمعية لأفعال جماهيرها بشكل مخالف لمبدأ شخصية العقوبة الرياضية .

وحالات الفصل 44 من المجلة التأديبية جاءت في صيغة حصرية و وصفية  للأحداث مناط المؤاخذة تفضي عند تحققها إلى عقوبة تأديبية آلية لا تخضع للسلطة التقديرية للهيكل التأديبي مرجع النظر الملزم حال التحقق من وقوع الخطأ من إيقاع العقوبة المنصوص عليها بالفصل دون اجتهاد معتمدا في ذلك  على الأوراق الثبوتية المضمنة بالفصل السادس من المجلة التأديبية مع التأكيد على العلوية الثبوتية للأحداث المنصوص عليها بورقة التحكيم إذ  جاء بصريح عبارة الفصل أنه :


"Les instances compétentes en matière disciplinaire rendent leurs décisions en se basant principalement sur la feuille du match. Elles peuvent, à titre complémentaire et pour qualifier, ou sanctionner une faute non signalée sur la feuille du match, prendre en considération les sources d’informations suivantes :
• Rapport de l’Arbitre et des Arbitres Assistants.
• Rapport du Commissaire au match.
A peine d’inopposabilité, ces rapports complémentaires doivent être signés et parvenus par tous moyens à la FTF ou à la Ligue concernée au plus tard 02 jours ouvrables à compter de la date du match
• Images télévisées et enregistrement vidéo prise par une chaîne publique ou privée conventionnée avec la FTF.
• Rapport de la Police ou de la Garde Nationale.
•  Rapport de tout officiel de la FTF ou de la Ligue dûment mandaté.
En cas de contradiction des faits  portés sur la feuille de match et sur l'un des autres rapports complémentaires, les sanctions seront prises en basant uniquement sur la feuille du match, les autres sources complémentaires ne seront valables que lorsque la feuille de match ou le rapport complémentaire de l'arbitre sont muets, ambiguës ou incomplets "
من ثمة و بعد تفصيل السند القانوني لعقوبة الويكلو المنصوص عليها بالفصل 44 من المجلة التأديبية الملغي بموجب قرار المكتب الجامعي يجب ضبط السند القانوني و الآثار المرتقبة لما سيكون بعد إلغاء العقوبة ( ثانيا ).

ثانيا : إلغاء عقوبة الويكلو : السند القانوني و الآثار المرتقبة :

جاء في بلاغ المكتب الجامعي المؤرخ في 18 أكتوبر 2017 أنه : "تقرر إلغاء عقوبة الويكلو من الجدول التأديبي بالفصل 44 جدول ج و تعويضها بالسماح للمشتركين فقط بالدخول في بعض الحالات و يبقي للهياكل الرياضية المختصة حق اتخاذ عقوبة الويكلو عند وقوع أحداث أو إصابات تقدرها بالخطيرة جدا " , لذلك يجب بداية تحديد السند القانوني لآلية التشريع التأديبي للمكتب الجامعي (1) ثم نقاش المنتظر من بعد إلغاء عقوبة الويكلو على ضوء ما جاء في نص البلاغ (2) .


1/ السند القانوني لآلية التشريع التأديبي للمكتب الجامعي :


بعد صدور بلاغ المكتب الجامعي المشار إليه أعلاه تساؤل عدد كبير من المتابعين للشأن الكروي المحلي عن شرعية القرار نفسه ؟ و هل يمكن للمكتب الجامعي تنقيح المجلة التأديبية دون عرضها على مصادقة الجلسة العامة ؟ و لماذا لم يكن الأمر مناط أعمال الجلسة العامة التقيمية الأخيرة المؤرخة في 13/08/2017 ؟؟؟

تجدر الملاحظة أنه و منذ تنقيح النظام الأساسي للجامعة التونسية لكرة القدم بالجلسة العامة الخارقة للعادة المؤرخة في 06 نوفمبر 2015 أصبحت التعديلات القانونية على فصول المجلة التأديبية غير خاضعة لمصادقة الجلسة العامة و إنما للسلطة التشريعية المحضة للمكتب الجامعي المحمول فقط على إعلام منخرطيه بتلك التنقيحات .

و قد جاء بأحكام الفصل 66 فقرة أولي من النظام الأساسي الجديد أنه :
"Les modifications des réglements sportifs et du code Disciplinaire sont du resort du Bureau Fédéral.
Il est a préciser que le Bureau Fédéral sera tenu de communiqué aux clubs toutes modification introduites aux Réglements Sportifs et au Code Disciplinaire et ce, avant le démarrage de la saison sportive"


و عليه فانه قانونا يخول للمكتب الجامعي اتخاذ قراره موضوع جلسته المؤرخة في 18/10/2017 باعتبار ما له من صلاحيات تشريعية في المادة التأديبية لا تخضع لمصادقة الجلسة العامة مثلما سبق شرحه أعلاه ليبقي التساؤل القانوني قائم حول الآثار المرتقبة بعد إلغاء الويكلو ؟ ( 2) .


2/  الآثار المرتقبة بعد إلغاء الويكلو :


حقيقة فان بلاغ الجامعة التونسية لكرة القدم جاء في صياغة لا تدل قطعا على الإلغاء النهائي لعقوبة الويكلو و إنما يشرع لعقوبة استثنائية  عند وقوع أحداث خطيرة لذلك فان الأمر يتطلب منا تدقيقا لفهم أثر بلاغ إلغاء عقوبة الويكلو مثلما سيقع شرحه أدناه :

لقد جاء في بلاغ المكتب الجامعي المحدد أعلاه أنه : "تقرر إلغاء عقوبة الويكلو من الجدول التأديبي بالفصل 44 جدول ج        و تعويضها بالسماح للمشتركين فقط بالدخول في بعض الحالات و يبقي للهياكل الرياضية المختصة حق اتخاذ عقوبة الويكلو عند وقوع أحداث أو إصابات تقدرها بالخطيرة جدا " وهو الأمر الذي يتطلب إبداء الملاحظات التالية:

* الملاحظة الاولى:

إلغاء عقوبة الويكلو فقط من الجدول التأديبي بالفصل 44 جدول ج دون غيره من الفصول باعتبار إن ذات العقوبة الويكلو  ( كعقوبة تكميلية و ليست أصلية ) لازالت مضمنة صلب أحكام الفصل 57 من المجلة التأديبية الذي جاء فيه أنه :
"Au cas ou l'arbitre ou un de ses assistants ou un officiel est agressé par un joueur ou un officiel du club, l'arbitre doit arrêter la rencontre et les sanctions encourues seront:
•La perte du match par pénalité pour le club auquel appartient l'agresseur et le match joué a domicile succédant le match en question sera transféré sur un terrain neutre a huis-clos. Toutefois, le club concernée désignera le match dans un stade neutre.
•Les sanctions selon le code disciplinaire en vigueur."

*الملاحظة الثانية:

إلغاء عقوبة الويكلو جزئيا و ليس كليا باعتبار أن ذات البلاغ أكد صراحة على " و تعويضها بالسماح للمشتركين فقط بالدخول في بعض الحالات" مما يعني أن إمكانية تسليط ويكلو جزئي مستقبلا ممكن عبر منع الجماهير من الحضور باستثناء المنخرطين .


* الملاحظة الثالثة:

 إلغاء عقوبة الويكلو ليس نهائيا نظرا لان ذات البلاغ أكد صراحة على أن " و يبقي للهياكل الرياضية المختصة حق اتخاذ عقوبة الويكلو عند وقوع أحداث أو إصابات تقدرها بالخطيرة جدا" أي انه هناك إمكانية لإيقاع عقوبة الويكلو نتيجة لأفعال الجماهير عند وقوع أحداث أو إصابات تقدر بالخطيرة  جدا .

و هاته الصياغة الإعلامية الأولية تفترض وجوبا تدقيقا قانونيا عند صياغة الفصل الجديد لتحديد المقصود من أحداث أو إصابات تقدر بالخطيرة جدا خاصة أننا في مادة تأديبية تقوم على مبدأ التأويل الضيق للنص و هو الأمر الموكول اليوم للمكتب الجامعي من اجل صياغة جديدة واضحة تضبط بصفة جلية حالات إيقاع عقوبة الويكلو على ضوء الإلغاء و النص الجديد المرتقب .


*الملاحظة الرابعة :
 إلغاء عقوبة الويكلو كجزاء يسلط على الجمعية الرياضية نتيجة لأفعال جماهيرها لا يعني وفق صيغة البلاغ إلغاء العقوبة المالية الأصلية المترتبة كجزاء عن أفعال الجماهير الرياضية مثال ذلك حالة الفقرة الأولي و الثانية و الثالثة و الرابعة من الفصل 44 جدول "ج" .

وعليه فانه يجب التأكيد على أن إلغاء عقوبة الويكلو لا يشرع للفوضى داخل الملعب و إنما مثلما أكده البلاغ التوضيحي الصادر عن الجامعة التونسية لكرة القدم المؤرخ في 20/10/2017 يفيد في شرح أسبابه أنه :

  *تمت معاينة فشل عقوبة الويكلو في ردع الجماهير الرياضية فـــــــــ"وقع اتخاذ هذا القرار بعد أن لاحظنا وتأكدنا من أن منع الجماهير من حضور المقابلات عقوبة لم تحد من ظاهرة العنف والشغب في الملاعب وخاصة المدارج"

* تمت معاينة الضرر الواقع للجمعيات الرياضية نتيجة إقرار عقوبة الويكلو "وهي عقوبة تضررت منها الأندية ماديا وأساءت للمشاهدة والمتابعة الرياضية بشكل عام دون أن تكون لها جدوى في ردع المخطئين أو منعهم من تكرار الأحداث بمجرد عودة الجماهير"

 لذلك ارتأى المكتب الجامعي مثلما جاء في نص تذكيره " بالإجماع بإلغاء هذه العقوبة من الجدول التأديبي (الفصل 44 ,جدول ج)، وتعول هنا الجامعة التونسية لكرة القدم على تكثيف الأندية لمجهوداتها في تأطير جماهيرها كما تعول على مختلف السلط العمومية المختصة في القيام بالإجراءات والتدابير اللازمة لتكون العقوبة فردية وصارمة."

وهنا يجب التأكيد على أن هذا القرار بالإلغاء يكون ساري المفعول بداية من اتخاذه و الإعلام به و هو ما كان  أي بداية من تاريخ 18/أكتوبر /2017 و ليس بأثر رجعي .  

في المحصلة إلغاء الويكلو و عملا ببلاغ المكتب الجامعي  يستثني منه  حالة أحداث  شديدة الخطورة  التي يجب تفصيلها بصفة مدققة  كما تم شرحه أعلاه , كما يجب في رأينا عند صياغة النص التأديبي الجديد المتعلق بالعقوبات عن أفعال الجماهير أن يقع تفصيل الأخطاء التأديبية الموجبة للخطية المالية ثم تفصيل الأخطاء الموجبة لمنع غير المنخرطين من الدخول للملعب وصولا لتفصيل لحالة شديد الخطورة .

إن تحميل المسؤولية للجمعيات عن أفعال جماهيرها يبقي أمرا مرهقا لها لكنه ضروري في المادة التأديبية الرياضية لكن مع تعديل فيه بإلغاء عقوبة الويكلو و تعويضها بعقوبات آخري تسمح للجماهير بالحضور لعل أهمها :
*تسليط عقاب مالي يستخلص من مداخيل المباراة اللاحقة لإيقاع العقوبة .
*نقل المباراة لملاعب أخري بمسافات تختلف باختلاف نوعية الخطأ المرتكب .
*منع جماهير المدرج موضوع الأحداث التأديبية من الحضور .
*منع غير المنخرطين من الحضور.

كل ذلك في انتظار تأهيل ملاعب كرة قدم تسمح بمراقبة صارمة و عقوبة رياضية شخصية.

ختاما إلغاء عقوبة الويكلو بدرجات مثلما سبق شرحه كان مطلب الجميع لكنه لا يعني تشريعا للعنف الجماهيري داخل ملاعب كرة القدم الذي يبقي و في كل الأحوال مناط مؤاخذة تأديبية جماعية و خاصة مؤاخذة جزائية شخصية بعقوبة يمكن ان تكون سالبة للحرية مثلما جاء بأحكام الفصول 49 و 50 و 51 و 52 و 53 و 54 من القانون الأساسي عدد 104 لسنة 1994 المؤرخ في 03/08/1994 و التي ستكون مناط مقالنا القادم إن شاء الله.
 
بقلم الأستاذ طارق العلائمي
المحام و الخبير في القوانين الرياضية