اكتفيت بالقليل وصنعت الكثير.. أنت لينا حية فينا
بالزغاريد والورود والغناء، أحيت اليوم السبت 19 فيفري 2022 بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافنة عائلة وأصدقاء لينا بن مهني الذكرى الثانية لرحيلها عنا وعن عالمنا الواقعي وصدحوا بشعار "لينا حيّة فينا".
لينا بن مهنى، صوت الحرية ولدت مرتين في الحياة يوم 22 ماي 1983 من رحم والدتها وللمرة الثانية من كلية والدتها التي تبرعت لها بجزء من جسدها لتبعث فيها الحياة في 14 فيفري 2007 وكأن التاريخ جاء ليرسخ قصة حب وعشق بين أم معطائة وابنة ممتنة.
فواصلت لينا الحياة مفعمة بالنشاط ومتحررة الفكر وقائلة للحق ومناشدة للحرية إلى وافتها المنية يوم 27 جانفي 2020 ، لكن سنواتها السبع والثلاثين لم تكن عادية فذات الجسد النحيل والمنهك المريض كانت ذات عزيمة جبّارة وروح قتالية ومدافعة عن الحرية لا حريتها الشخصية فقط بل حرية مجتمع ذو إرث سياسي "قمعي" ثقيل الوطأة.
شاركت لينا بن مهني وأشرفت على العديد من الحركات الشبابية المطالبة بالحرية والمتمردة على الأطر المضيقة للحياة على غرار "سيب عمار " و"سيب الدواء من حقي نعيش" وجمعت الكتب للمساجين لانشاء مكتبات في السجون وفازت بالعديد من الجوائز في الصحافة الحرة.
تلك الفتاة التي تهافتت كل الأمراض على جسدها النحيل، كان سلاحها في الحياة كاميرا وحذاء رياضي فوثقت جزءا من تاريخ الثورة التونسية بصورها إضافة إلى مدونته الشهيرة التي كانت تنادي من خلالها بكسر السائد المقيد للتحليق في سماء حرية التعبير.
وشاركت في أحداث الثورة وساندت عائلات شهداء الثورة وجرحاها رغم انتكاسات المرض وصعوبة أوضاعها الصحية إلا أنها شاركت إلى الأخير في معركة عنوانها الانسانية وحب الحياة والرغبة في السمو نحو الحرية.
مواقف عاشتها لينا بن مهني أثببت للكل من خلالها أنها تونسية حرة الكلمة تعشق هذه البلاد الصغيرة جغرافيا الكبيرة تاريخيا بأسماء أبنائها ورغم أنها علمت من وزارة الداخلية أنه كان على وشك اغتيالها أسبوع بعد اغتيال الشهيد محمد البراهمي وعرض عليها العيش خارج الوطن لضمان سلامتها إلا أنها رفضت وقبلت عن مضض الحماية الأمنية رغم نزوعها إلى حب التحرك بحرية.
كانت آخر تدويناتها يوم قبل وفاتها فكتبت "شعب قصير الذاكرة بل دعوني أقول معدم الذاكرة" وانتقدت فيها الأحزاب التي تدعي بأنها ثورية فقالت"لا تنخدعوا ومن شب على شيء شاب عليه".
لينا بن مهني، حية فينا فعلا ستبقى حية في ذاكرة كل تونسي رغم رحيلها عنا جسديا عاشت 37 ربيعا صحيح أنها كانت مدة قصيرة لكنها كانت كافية لتنحت اسم صاحبتها بالذهب في ذاكرة البلاد شعبا وسلطة وتاريخا ولتكون فكرا تدعو إلى أن يكون الفرد مغيرا وفاعلا داخل المجتمع رغم كل الصعوبات التي يمكن أن يواجهها.
فيا لينا "صيحي وقولي للرياح وذكريهم بمن وقف وقال لا" و" مازلت خضرة الربيع النوار" ولقد "اكتفيت بالقليل فصنعت الكثير"
*هيبة خميري