من جبل السلّوم: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان !
بين الأودية والمرتفعات، يلهو الأطفال حفاة في جبل السلّوم، هناك حيث أصيبت خديجة بأكثر من لغم إرهابيّ على مضيّ السّنوات المنقضية، وفقدت ساقها، مثل عدد كبير من سكان قرى القصرين ومرتفعاتها.
وبين أرجل لم يقدر أصحابها على توفير ما يكسوها، وأقدام بُترت بمفعول الجغرافيا والإرهاب، بكت السيّدة الأربعينية خديجة بحرقة.
تقول في تصريحها لموزاييك "فقدت كل شيء بعد إصابتي، زوجي أيضا يعاني من إعاقة جسدية، ونحن لا نعيش إلاّ بالقليل، وضع سكان الجبل مأساوي، لقد فقدت أقاربي، الألغام تطاردنا في الجبل إذا ما بحثنا عن لقمة العيش بين شعابه...".
نجمة صاحبة الثامنة وثلاثين عاماً، وهي إبنة خالة خديجة، لم تكن أفضل حظّاً من قريبتها، أصيبت بلغم منذ سنوات، لم تلقَ العناية اللاّزمة، وهي اليوم غير قادرة على العلاج.
تتحدث لموزاييك في حزن، وتعبّر عن سخطها من تخلّي الدولة عنها، خصوصاً بعد دخول زوجها السّجن، وعدم قدرتها على الإنفاق من أجل إعالة أطفالها.
الجميع في دوّار الرحيمات من ولاية القصرين يريد التحدّث عبر موزاييك، وكلّ المتساكنين يكررّون الأسئلة نفسها "أين التنمية؟ أين الكرامة؟ أين الدّولة الحاضنة؟".
ويصيح أشقّاء خديجة المعطّلون عن العمل "خديجة هي الشّهيدة الحيّة، لقد ماتت منذ أن قُطعت ساقها، فحرمت من العيش بالنّدر الّذي كان يمن به الجبل علينا، لا حطب ولا "مردومة" بعد إصابتها، أين الرعاية لضحايا العمليات الإرهابية؟ أين الشّغل"، نحن لا نعيش إلاّ من أكوام البلاستيك منذ سنوات...
بعيداً عن تلك المنازل البسيطة الآيلة للسّقوط في جبل السّلوم، تتنقل خديجة باستعمال العصا والسّاق الاصطناعية لتعدّ الرّغيف التقليديّ لأطفالها، فيما تجمع نجمة خلفها،بوجع الذّكرى الأليمة، ما توفّر من حطب "للطّابونة". الخبز وحده هو غاية النّاس في هامش القصرين الممتدّ، لكن "ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان"، أين حقوق النّاس؟
*برهان اليحياوي