ذوات التعليم المحدود وربّات البيوت الأكثر عرضة للتعنيف والتهديد بالقتل
بينت الإحصائيات المتداولة حول قتل النساء في تونس أن هناك 15 ضحية قتل سنة 2022 و25 ضحية سنة 2023 فيما بينت الأرقام إلى حدود أواخر شهر سبتمبر 2024 وجود 20 جريمة قتل.
وفي هذا السياق أعد الإتحاد الوطني للمرأة التونسية دراسة شملت عينة متكونة من 179 امرأة ضحية عنف تعرضن إلى التهديد ومحاولة القتل بوسائل عديدة خلال الفترة المتراوحة من شهر سبتمبر 2023 إلى غاية أوت 2024 وهن نساء معنفات التجأن إلى خلايا الإنصات ومراكز الإيواء التابعة للاتحاد طلبا للإحاطة والإرشاد والحماية والتدخل لفائدتهن.
وبينت رئيسة رابطة النساء الحقوقيات بالاتحاد أسماء بالطيب في تصريح لموزاييك أنه تم الاعتماد على تقنية الاستمارة كطريقة بحث ميداني تم توجيهها للنساء المهددات بالقتل عبر وسائل مختلفة قصد الاستقصاء عن خصائصهن الفئة العمرية، المستوى التعليمي الوضعية الاجتماعية وملامح المعتدين ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والدوافع التي دفعتهم إلى محاولة القتل ، والإجراءات التي قامت بها الضحايا على المستويات الأمنية والقضائية المختصة لتتبع مرتكبي التهديد بالقتل .
وأكدت مؤشرات الدراسة ان التهديد بالقتل يسلط في مرتبة الأولى على الشريحة العمرية ربات بين 51 و60 سنة بنسبة 36% ثم تليها ما بين 41 و50 سنة بنسبة %22 وتليها بين 31 و40 سنة بنسبة %16.
وتبين المؤشرات أيضا أن النسبة الأكبر للنساء ضحايا العنف ذات مستوى تعليمي محدود إما ثانوي بنسبة 28% أو ابتدائي بنسبة 24% أو أمية بنسبة 17% بما جملته 69% بما يعني إن استفحال ظاهرة التهديد محاولة القتل يرتبط ارتباطا وثيقا بضعف المستوى التعليمي والذي يترتب عنه جهل الضحية بالحقوق التي يكفلها لها القانون كما ان الضحايا ذات المستوي التعليمي الجامعي والبالغة 19% هن اقل عرضة العنف والمستنتج انه كلما ارتفع المستوى التعليمي كلما تيسر على المرأة الولوج إلى الهياكل المختصة أو الإجراءات القانونية الكفيلة بحمايتها .
ووفق مؤشرات الوضعية الاجتماعية فإن النسبة المرتفعة للنساء ضحايا العنف كانت من نصيب من لا عمل لهن خارج البيت 31% تليها الضحايا العاطلات عن العمل بنسبة 30% أي أن إجمالي 61% من الضحايا لا يتمتعن بدخل خاص يوفر لهن استقلالية مادية تجنبهم التبعية المالية للقرين مما يجعلهن عرضة للتهديد أو محاولة القتل .
ولاحظت الدراسة كذلك أن اغلب الضحايا هن من المفارقات بنسبة 36% تليها المتزوجات بنسبة 35% وهو ما يوحي بان العنف الزوجي هو الأكثر تواترا بين الأزواج فالمساكنة الموجودة بين الضحية ومرتكب العنف تجعل المرأة المتزوجة عرضة للعنف أكثر مقارنة ببقية الضحايا.
ارتفاع نسبة التهديد بالقتل خاصة في الأحياء الشعبية
كما تشير المؤشرات إلى أن ارتفاع نسبة التهديد بالقتل بالوسط الحضري بلغت 72% وعلى وجه الخصوص في الأحياء الشعبية بنسبة 39% مقارنة بالوسط الريفي 28%.
كما أن اغلب مرتكبي التهديد في محاولة القتل هم من الأزواج بنسبة 54% تليها الآباء 14% ما يفسر ان حالات العنف والتهديد ترتكب غالبا من القرين الزوج أو الخطيب او الخطيب السابق أو الطليق وفي الفضاء العائلي الخاص .
وغالبية مرتكبي العنف والتهديد تتراوح أعمارهم بين 51-60 سنة بنسبة 36% تليها الفئة العمرية التي تتجاوز أكثر من 60 سنة بنسبة 22% وهو ما يدل أن المعتدين من جيل الخمسينات والستينات الذي نشأ على قيم تربوية وثقافية تكرس منطق الهيمنة الذكورية وتفوق الرجل مقابل النظرة الدونية والاقصائية للمرأة تنعدم فيها فكرة المساواة بين الجنسين .
وقد اختلفت وسائل التهديد وفق الدراسة حيث كانت اغلب الضحايا عرضة للتهديد الشفوي بنسبة 64% لكن كانت هناك وسائل أخرى للتهديد بالقتل حسب إفادات الضحايا تتمثل في التهديد بالقتل عبر بندقية صيد و محاولة فقأ عيني الضحية ومحاولة دفع الضحية وإسقاطها من مكان مرتفع والدهس بالسيارة وفتح قارورة غاز منزلي على الضحية.
وفيما يتعلق بالتوصيات ذكرت رئيسة رابطة النساء الحقوقيات بالاتحاد أسماء بالطيب أن أهمها يتمثل في العمل على التمكين الاقتصادي للمرأة ضحية العنف و ضرورة تنظيم دورات وورشات عمل تجمع مختلف الوزارات المتداخلة والمجتمع المدني للتفكير سويا في الوسائل الفعلية الواجب اللجوء إليها للحد من انتشار هذه الظاهرة والعمل على تبسيط وتفسير القانون لكل مكونات المجتمع المؤسسات التربوية للتلاميذ والجامعات للطلبة ومراكز العمل للموظفين والعملة وذوي الاحتياجات الخاصة بالمراكز التكوين الخاصة بهم وكل أفراد المجتمع من خلال وضع إستراتيجية وطينة تقوم على تقريب الحقوق الإنسانية والكونية والنسوية.
بالإضافة الى العمل على تغيير العقلية الذكورية في المجتمع وضرورة القطع مع النظرة الدونية للمرأة والتي تطيع مع ثقافة العنف و العمل على إدماج المعتدين في محيط يحترم حقوق النساء والفتيات والسعي لإقرار مجموعة من الإجراءات التي تسهل تطبيق القانون عدد 58 فيما بين السلط الأمنية والقضائية ومزيد تفعيل الفصول المتعلقة بمطلب الحماية والتأكيد على ضرورة البت فيه بشكل أسرع مع ضرورة إيلاء الأهمية القضائية اللازمة للعنف المعنوي واللفظي وأثارها النفسية وجعل
تقارير الطب النفسي كمؤيد لإصدار الأحكام القضائية
وتجدر الإشارة إلى أن التقرير الأممي كشف من الدراسة التي أعدها تحت عنوان "جرائم قتل النساء في عام 2023 " أن عدد القتلى بلغ 85 ألف امرأة وفتاة عمدا منهم 60% أو ما يقابل 51 ألف امرأة وفتاة يقتلون على يد الشركاء الحميميون أو أفراد من العائلة وأن 140 امرأة وفتاة تقتل بصفة يومية مما يعني مقتل امرأة واحدة كل 10 دقائق وفي هذا الإطار تنزل شعار حملة الأمم المتحدة لسنة 2024 " كل 10 دقائق تقتل امرأة ..لا عذر".
*بشرى السلامي