جواز السفر البيومتري.. بين الضرورة والمخاوف
تعدّ تونس من بين الدول القلائل في العالم التي لم تعتمد بطاقة التعريف والجواز البيومترين، مع ما يمثّله ذلك من تهديد لحرية تنقل المواطنين في العالم بسبب تعطيل القانون الخاص بهذين الوثيقتين، وتحديدا الجواز البيومتري، خاصة مع اقتراب انطلاق اعتماد الجواز البيومتري حصريا للتنقل بين مختلف دول العالم خلال سنة 2024.
ومثّلت موافقة الحكومة على مشروع بطاقة التعريف البيومترية وجواز السفر البيومتري، ليتم عرضه في أقرب الآجال على اجتماع مجلس الوزراء وإحالته في مرحلة نهائية إلى مجلس نواب الشعب، مرحلة مهمّة في انتظار المصادقة على القانون والانطلاق في إصدار هذه الوثائق.
لكن بعض تفاصيل هذا المشروع كانت محلّ خلاف وجدل بين وزارة الداخلية والهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، خاصة في ما يتعلّق بالضمانات الضرورية التي يتعيّن اتخاذها من قبل هيئة الإصدار (وزارة الداخلية) في حماية المعطيات الشخصية توقيا من سوء استخدامها أو قرصنتها.
هذه المخاوف عبّرت عنها مرارا الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، والتي تشدد على ضرورة أن يقع ترشيد معالجة المعطيات الشخصية التي ستتضمّنها الشريحة الالكتونية بأقصى درجات الحماية وأن تتم المعالجة طبقا لأحكام القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية.
وتؤكّد الهيئة، وفقا لتصريح رئيستها حفصية العرضاوي في تصريح لبرنامج "صباح الناس"، الخميس 9 نوفمبر 2023، على أن يكون القارء الآلي الخاص بفكّ محتوى الشريحة تلامسيا وليس عن بعد، وعدم إرساء قاعدة بيانات خاصة بهذه المعطيات الواردة في الشريحة حرصا على عدم إساءة استخدامها من قبل جهات غير مخوّل لها الاطلاع على هذه البيانات.
أيّ ضمانات قدّمتها الداخلية لحماية المعطيات؟
اخضاع الهياكل المعنية بعدم النفاذ للمعطيات الاّ بإذن قضائي .. أثنمنه لأنّه اجراء حمائي
ويبدو أنّ وزارة الداخلية قدّمت تعهّدات بحماية هذا الجانب، من خلال اعتماد شريحة الكترونية غير تلامسية (خلافا لطلب الهيئة) ولكنها لا تقرأ إلا عن بعد لا يتجاوز صم و10 صم على أقصى تقدير، ويتمّ الاستظهار بها لدى من لديه الصلاحيات لطلبها وقراءتها أمام ناظري صاحبها.
وبيّنت حفصية أنّ المخاوف التي عبّرت عنها الهيئة بخصوص القارئ الآلي، هي أنّ تتم قراءة الشريحة عند بعد أينما حلّ المواطن، من جهات غير مخوّل لها ذلك، وهو ما قد يمثّل تعديا على خصوصيته وقراءة الشريحة أثناء ممارسته لحقه في حرية التنقل في الداخل.
أمّا النقطة الثانية التي أبدت الهيئة تحفّظات عليها فتتعلّق بإصرار وزارة الداخلية إعتماد قاعدة بيانات للمعطيات الواردة في الشريحة، إذ تفضّل الهيئة عدم اعتماد قاعدة بيانات احتذاء ببعض التجارب المثلى على غرار التجربة الألمانية.
وقالت حفصية العرضاوي إنّ وزارة الداخلية عبّرت عن عدم امكانية التمشي في هذا الخيار وتصرّ على وجود قاعدة بيانات، لكنّها في المقابل أكّدت أنّها ستتخذ التدابير الهيكلية والفنية بشأن هذه القاعدة بتحديد من هي الجهات التي تطلب كشف الهويات والجهات التي تحفظ قاعدة البيانات واستعمال منظومات حمائية متطوّرة لرصد وتشفير المعطيات المُضمّنة في الشريحة.
إذن قضائي للنفاذ لقاعدة البيانات
كما التزمت بأن تخضع هذه الهياكل المعنية بعدم النفاذ للمعطيات إلاّ بإذن قضائي بعد شرح أسباب طلب الولوج إليها، وفق العرضاوي التي ثمّنت هذا الإجراء نظرا لطبيعته الحمائية الهامة.
كما ستتحمّل الجهات المعنية المسؤولية القانونية وستخضع لقواعد الاجراءات الجزائية والأخلاقية في حال حدوث أيّ إخلالات في استخدام قاعدة البيانات.
لكن العرضاوي تعتبر أنّ التخوفّ من قرصنة قاعدة هذه البيانات واختراقها الخارجي يبقى مشروعا.
شكري اللّجمي