languageFrançais

باتت تُهدّد أمننا الغذائي..أي حلول للتقليص من أثار التغيّرات المناخية؟

يُواجه الأمن الغذائي في تونس تحدّيات كبرى راجعة أساسا إلى التغيّرات المناخية، وارتفاع درجات الحرارة وشحّ المياه التي أثّرت بشكل كبير على الزراعات بشكل عام وعلى زراعات الحبوب الغذاء الأساسي للتونسيين بشكل خاصّ.

ووفق مؤشّر الأمن الغذائي لعام 2022، فقد حلّت تونس في المرتبة 64 عالميا من بين 113 بلدا.

هذا المؤشّر سيزداد خطورة في ظلّ تزايد الطلب العالمي على الحبوب، وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، وهو ما يدفع نحو وضع سياسات عمومية في القطاع الفلاحي تعتمد الموارد الذاتية.

تواتر موجات الجفاف

المهندس البيئي والخبير في الشأن المناخي، حمدي حشاد، أكّد في تصريح لموزاييك، أنّ ما تعيشه تونس من تواتر موجات الجفاف المتواصلة منذ  5 سنوات ، تسبّب في أزمة اقتصادية وبات يهدّد بشكل فعلي الأمن الغذائي للتونسيين.

يذكر أنّ تونس شهدت خلال شهر جويلية الماضي، موجة حر تجاوزت فيها درجات الحرارة 50 درجة في بعض الولايات.

ووفق حشاد، فإنّ الانخفاض في صابة القمح يؤدّي إلى عدم القدرة على توفير الحاجيات الأساسية من الحبوب محليا ويدفع إلى الخروج إلى الأسواق الدولية للتزود بالعملة الصعبة. 

ويضيف المختص في الشأن المناخي ''الأمطار وارتفاع معدلاتها في السدود بإمكانه أن ينعكس ايجابيا على الفلاحة التونسية ويضمن مساحات سقوية وسياسات موجهة لإنتاج بعض المواد الفلاحية.. وفي غياب هذه الأمطار تتقلّص هذه المساحات ويؤدي ذلك إلى مواجهة الفلاح للعديد من الصعوبات على غرار ارتفاع تكلفة الزراعة وينعكس سلبا على وفرة المنتوجات في السوق المحلية وإمكانية الشراء من الخارج تصبح أكثر صعوبة وبأسعار مرتفعة''. 

يذكر أنّ نسبة امتلاء السدود على المستوى الوطني مقدرة في حدود 27% فقط وفق آخر الإحصائيات وهي كميات تنذر بالخطر.

وللتقليص من حدّة تأثيرات التغيّرات المناخية على غذاء التونسيين، يؤكّد المختص في الشأن المناخي ضرورة تغيير الخارطة الزراعية ووضع استراتيجية لوقف استنزاف الموارد المائية وإيجاد البدائل بالاتّجاه نحو زراعات أقلّ استهلاكا للمياه وأكثر مقاومة للجفاف والتقليص من مساحات زراعة الفراولة والكرز والطماطم وغيرها من المنتجات المستهلكة للمياه، وهي في أغلبها معدة للتصدير .

مشكل وطني وإقليمي ودولي

طارق المخزومي عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، بيّن لموزييك، أنّ التغيرات المناخية تعتبر مشكلا وطنيا وإقليميا ودوليا.

وحسب المخزومي، فإنّ التغيّرات المناخية تتسبّب في موجات حرارة مرتفعة وأمطار في غير توقيتها المعتاد على غرار ما وقع السنة الفارطة في تونس بعد هطول كميات من الأمطار أواخر شهر ماي في حين أنّ الزراعات الكبرى تحتاجها في جانفي وفيفري، وهو ما أدّى إلى عدم نجاح الموسم الفارط وضعف صابة الحبوب. 

ووفق معطيات لوزارة الفلاحة، فقد تمّ تسجيل تجميع 2.7 مليون قنطار من الحبوب خلال موسم 2023، منها حوالي 98% من القمح الصلب، ليتم بذلك تسجيل انخفاض بنسبة 60% مقارنة بالموسم الماضي الذي بلغ الإنتاج فيه 7.5 مليون قنطار.

وحسب وزارة الفلاحة، فإنّ انحباس الأمطار خلال أهم مراحل نمو الحبوب أثّر سلبا على الإنتاج كما أثّر نزول كميات من الأمطار خلال أوائل شهر جوان 2023، سلبا على جودة الحبوب.

ويؤكّد طارق مخزومي أنّ التغيّرات المناخية تؤثر على المحاصيل الغذائية بكلّ أنواعها من زراعات كبرى وخضروات وغلال وحتى أعلاف الحيوانات وهو ما يؤثر على الأمن الغذائي للتونسيين الذي بات مهددا بشكل جدي. 

ولمُجابهة هذه التغييرات والحد من تأثيراتها، يؤكّد عضو الإتحاد الفلاحي انعقاد العديد من الملتقيات والمؤتمرات الدولية وعلى مستوى وطني تستدعي هذه التغييرات خطوات فعلية وحملات تحسيسية لترشيد استهلاك المياه واستعمال تقنيات جديدة مقتصدة للماء والتوجه نحو زراعات غير مستهلكة للمياه في إطار حسن التصرف في المخزون المتوفر في انتظار نزول كميات من الغيث النافع بإمكانها الرفع من مستوى السدود لضمان زراعات سقوية على طول السنة وإنقاذ موسم زراعة الحبوب التي تمثل الغذاء الأساسي للتونسيين والذي يعتمد بنسبة 90 بالمائة على الأمطار .

كريم وناس