"الجدار الأخضر النباتي".. مشروع لإعادة استعمال المياه الرمادية
قدّمت لطيفة البوسالمي، المنسقة الوطنية لمشروع إعادة استعمال المياه الرمادية لتثمينها في المناطق الحضرية عبر "الجدار الأخضر النباتي" خلال لقاء إعلامي اليوم الجمعة غرة سبتمبر 2023 أهداف المشروع ومكوناته.
وبينت أن مشروع NAWAMED "الحلول القائمة على الطبيعة (NBS) لإعادة استعمال المياه المنزلية في بلدان البحر الأبيض المتوسط"، يهدف إلى اعتماد تقنيات وتدابير مبتكرة ومستدامة وموفرة للمياه ومنخفضة التكلفة لاستعمال المياه غير التقليدية.
وفي هذا الإطار, أجرى مركز البحوث وتكنولوجيات المياه (CERTE) تجربة نموذجية لمعالجة المياه الرمادية بواسطة جدار أخضر نباتي بالتعاون مع الشريك الفني للمشروع IRIDRA وبدعم من المعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس (INAT).
ويرنو مشروع NAWAMED، الممول بنسبة 90% من برنامج ENI CBC MED وبتمويل مشترك بنسبة 10% من الحكومة التونسية، إلى تعزيز الانتقال إلى نظام متكامل لإدارة المياه وتعزيز الاستعمال الفعال للموارد المائية غير التقليدية في بلدان البحر الأبيض المتوسط.
والتزم مركز بحوث وتكنولوجيات المياه، باعتباره شريكا أساسيا في المشروع، بهذه المبادرة بتنفيذ حلولا مبتكرة تعتمد على الطبيعة لتثمين المياه غير التقليدية.
كيف يعمل هذا النظام؟
وأكدت المنسقة الوطنية للمشروع أنّه تمّ تركيب الجدار الأخضر النباتي التجريبي في "منزل إدارة المياه المستدامة" (SWM House) التابع لمركز البحوث (CERTE)، مبينة أن "أحد المزايا الرئيسية لهذا الجدار الأخضر النباتي هو قدرته على معالجة المياه الرمادية المتأتية من الاستحمام بالمبيت الجامعي لإعادة استعمالها في تزويد خزان طرد المراحيض وإمكانية استعمالها لري الحديقة.
ويعمل هذا الجدار كمفاعل معالجة، حيث تتفاعل المياه الرمادية والنباتات والمواد الداعمة للنباتات لإزالة واستيعاب التلوث أو العناصر الغذائية.
وتتكون هذه الأخيرة من خليط من الرمل والحصى مختارة مع مواد أخرى لقدراتها على الامتزاز والترشيح والتي تلعب دوراً محدداً في عملية المعالجة.
وتسمح كل هذه المواد والنباتات المختلفة التي تم اختيارها باستغلال العديد من البكتيريا التي تتكاثر على مستوى جذور النباتات حتى تساهم في معالجة المياه الرمادية. ويتم بعد ذلك تعقيمها بالأشعة فوق البنفسجية قبل استعمالها.
وبالتالي فإن هذا النظام يجعل من الممكن استعمال المياه غير التقليدية واستغلال الماء بطريقة الاقتصاد الدائري.
"هذا الجدار ليس مجرد حائط به نباتات نتمتع برؤيته في بيئة حضرية، ولكن له مهمة أساسية في تصميمه وحجمه وهي معالجة المياه غير التقليدية مما يسمح باستعمالها وتثمينها" وفق ما أكدته منسقة المشروع لطيفة البوسالمي.
كيف تم تركيز هذا الجدار؟
لم يكن بناء هذا الجدار سهلاً فهو نظام لمعالجة المياه غير التقليدية ولا يعتمد فقط على الخبرة في الهندسة المدنية والهيدروليكية ولكن يُعتمد في تركيزه على التعاون الوثيق بين الخبراء في إدارة المياه وعلم النبات والهندسة الزراعية وهندسة الأساليب والهندسة الصحية والهندسة المعمارية والمختص في الحدائق وبذلك يتيح هذا الجانب المتعدد الاختصاصات إمكانية تطبيق حل شامل لوضع حل مستدام.
ويتكيف هذا الحل بشكل كبير مع البيئة ويمكن مضاعفته بسهولة حيث يوجد إنتاج كبير للمياه الرمادية في أماكن مثل الثكنات والمبيتات والفنادق والملاعب والحمامات وما إلى ذلك ويزود المدينة بمصدر مياه جديد متاح محليًا.
وتبقى إمكانية إعادة رسكلة المياه الرمادية حقيقة، فهي مياه غير ملوثة بقدر كبير ويمكن معالجتها وإعادة تدويرها بسهولة مع التحكم في المخاطر الصحية.
ما هي الوظائف الأخرى للجدار الأخضر؟
يعد الجدار الأخضر حلاً قائمًا على الطبيعة وله العديد من الميزات والتأثيرات. فبالإضافة إلى وظيفته المتمثلة في معالجة المياه غير التقليدية وتعزيز الموارد المائية، يمكن توظيفه أيضا في إنشاء نظام بيئي ذا تنوع بيولوجي. وباعتباره نظامًا نباتيًا، فهو يخفّض من درجة الحرارة محليًا ويمتص تلوث الهواء ونتيجة لذلك، يمكن اعتباره أحد مكونات المدن الخضراء والمستدامة في المستقبل والذي يسمح بالتكيف مع تأثيرات تغير المناخ.
خليل عماري