languageFrançais

كيف ينعكس صعود ترامب على المشهد الانتخابي في ألمانيا؟

كيف ينعكس صعود ترامب على المشهد الانتخابي في ألمانيا؟

مهد انهيار الإئتلاف الحاكم في ألمانيا الطريق لإجراء انتخابات مبكرة في 23 فيفري 2025. وتتزامن الانتخابات الالمانية مع عودة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الى البيت الأبيض وهو ما يمثل مصدر إلهام للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، وعلى رأسها حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD). فماذا نعرف عن الانتخابات الالمانية وما علاقة صعود ترامب بها؟.

ماهي الأحزاب المتنافسة؟

تشارك في هذه الانتخابات أحزاب رئيسية، هي:

الاتحاد الاجتماعي المسيحي والذي من المتوقع أن يحصل على أكثر من 30% حسب استطلاعات الرأي: وهو حزب محافظ يميني، لكنه ليس من اليمين المتطرف، ويدعم القيم المسيحية، الاقتصاد الاجتماعي، وسياسات هجرة أكثر تشددًا مقارنة بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي.

حزب بديل لألمانيا، بنسبة تفوق 20%: تأسس عام 2013 كحزب معارض لسياسات الاتحاد الأوروبي، لكنه تحول لاحقًا إلى حزب يميني متطرف يركز على معارضة الهجرة والإسلام. يتمتع بشعبية متزايدة في بعض الولايات الشرقية من ألمانيا. ويواجه اتهامات بتبني مواقف قومية متطرفة ومعاداة الأجانب.

الحزب الاشتراكي الديمقراطي (حزب المستشار أولاف شولتز) بنسبة قد لا تتجاوز 15%.  هو أحد أقدم وأكبر الأحزاب السياسية في ألمانيا، وهو يمثل اليسار الوسط في السياسة الألمانية. تأسس الحزب في عام 1863، ويُعد من القوى السياسية المؤثرة في تاريخ ألمانيا الحديثة.

يعتمد الحزب على المبادئ الاشتراكية الديمقراطية التي تدعو إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال الاقتصاد المختلط الذي يمزج بين القطاعين العام والخاص. يهدف إلى تحقيق التوازن الاجتماعي من خلال السياسات التي تدعم الطبقات العاملة والفئات الضعيفة.

حزب الخضر، بنسبة تصل أيضا إلى 15%:  هو حزب سياسي بيئي يساري تأسس في أواخر السبعينيات وأصبح قوة سياسية رئيسية في ألمانيا  يركز على حماية المناخ، العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان ويدعو إلى تحول الطاقة نحو المصادر المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري كما يدعم سياسات ليبرالية فيما يتعلق بالهجرة، المساواة، وحقوق الأقليات.

حزب اليسار، بنسبة قد تفوق 6%:  هو حزب سياسي يساري يركز على العدالة الاجتماعية، حقوق العمال، وتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

تحالف سارة فاغنكينشت، الذي يخوض الانتخابات البرلمانية لأول مرة في تاريخه لأنه حديث العهد وأسسته رئيسته فاغنكينشت بعد انشقاقها على اليسار، ومن المتوقع أن يحصل الحزب على نسبة 5% حسب آخر استطلاعات الرأي.

الحزب الديمقراطي الحر والذي قد لا يتجاوز نسبة 5%، وهي النسبة المؤهلة لدخول البرلمان، مما يعني خروجه من التمثيل السياسي.

وتدخل إلى جانب هذه الأحزاب تكتلات وأحزاب صغيرة مثل "إم إيه آر إيه 25" وحزب تودنهوفر، وكلاهما يدعمان القضية الفلسطينية، وكذلك أحزاب بيئية وشيوعية ومسيحية.

طريقة التصويت

تجري عملية التصويت بشكل مباشر عبر صناديق الاقتراع في 16 ولاية أو عبر البريد، من خلال طلب ذلك بشكل رسمي.

وفتحت قاعات الانتخاب أبوابها الساعة 8:00 وتغلق الساعة 18:00. وبمجرد إغلاق صناديق الاقتراع، تبدأ النتائج الأولية بالظهور على شاشات التلفاز وغالبا ما تكون قريبة من الواقع.

تجدر الإشارة إلى أن نسبة التصويت عبر البريد سجلت رقما قياسيا بانتخابات عام 2021، ووصلت إلى 47.3% من أصوات الناخبين، حسب ما نشر مكتب الإحصاء الألماني.

يدخل المرشحون الذين يحصلون على أغلبية الأصوات الأولى في إحدى الدوائر الانتخابية البالغ عددها 299 دائرة إلى البوندستاغ تلقائياً بموجب التفويض المباشر، ما دام حزبهم قد حصل على حد أدنى من المقاعد من خلال الصوت الثاني.

ويبلغ عدد أعضاء البوندستاغ ضعف هذا العدد الإجمالي، لذا تتم إضافة مرشحين آخرين من قوائم الأحزاب في الولايات الست عشرة، بناء على مدى الأداء الجيد للحزب في الصوت الثاني. ويحظى أولئك الذين يقع ترتيبهم بالقرب من أعلى قائمة حزبهم بفرصة أفضل للفوز بمقعد.

ويتعين على الأحزاب أن تحصل على ما لا يقل عن 5 في المائة من الأصوات الثانية حتى تتمكن من الحصول على أي مقعد في البوندستاغ. وتهدف هذه العقبة إلى منع التفتت السياسي؛ لكنها قد تؤدي هذا العام إلى خسارة أحزاب عريقة -مثل الحزب الديمقراطي الحر لجميع مقاعدها.

وبصورة استثنائية يمكن للأحزاب التي تفشل في تخطي عتبة الـ5 في المائة دخول البرلمان إذا حصلت على تفويضات مباشرة في 3 دوائر انتخابية على الأقل، حسبما أفاد تقرير لوكالة الأنباء الألمانية.

كيف ينتخب المستشار الألماني؟

يدلي الألمان بأصواتهم اليوم لانتخاب نواب البرلمان الاتحادي (البوندستاغ)، والذين سينتخبون بدورهم المستشار.  وبناء على الحزب الذي سيحقق أفضل أداء في الانتخابات، سيُطلب من أحد هؤلاء المرشحين محاولة تشكيل حكومة، إما بمفرده حال حصول حزبه على الأغلبية المطلقة، وإما على الأرجح في ائتلاف مع أحزاب أخرى تضمن مجتمعة تحقيق الأغلبية في البرلمان. ولم تطرح بقية الأحزاب مرشحين لمنصب المستشار على افتراض أنها صغيرة جداً، بحيث يكون من المستبعد أن تصبح قوة رئيسية في أي ائتلاف مستقبلي.

 

ترامب والانتخابات الألمانية

حفّز صعود دونالد ترامب في الولايات المتحدة وخطاباته المثيرة للجدل الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، وعلى رأسها حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD).

وتعتمد هذه الأحزاب على الخطاب الشعبوي المناهض للهجرة والمؤسسات الدولية، وهو خطاب مشابه لما يروّج له ترامب. ويعد صعود ترامب فرصة لمنح دفعة لهذه الأحزاب داخل ألمانيا، مما قد يزيد من شعبيتها في الانتخابات التشريعية. الناخبون الذين يشعرون بالإحباط من الأحزاب التقليدية قد يتجهون نحو البدائل الشعبوية، كما حدث في الولايات المتحدة مع قاعدة ترامب الانتخابية.

مستقبل الاتحاد الأوروبي والتكامل الأوروبي

في حال واصلت  إدارة ترامب تبني سياسات أكثر انعزالية، فقد يؤثر ذلك على وحدة الاتحاد الأوروبي، خاصة إذا سعت دول أخرى إلى اتباع نهج وطني مماثل. في ألمانيا، قد يصبح الجدل حول دور الاتحاد الأوروبي محورًا رئيسيًا في الحملات الانتخابية، حيث ستدافع الأحزاب الوسطية مثل الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) عن التكامل الأوروبي، بينما قد تسعى الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى استغلال ضعف التماسك الأوروبي لمصلحتها.

انعكاسات على العلاقات الأمريكية-الألمانية

لطالما شهدت العلاقات بين برلين وواشنطن توترات خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، خاصة فيما يتعلق بحلف الناتو والسياسات التجارية. حيث ستكون ألمانيا أمام عقبة زيادة إنفاقها العسكري، وهو ما قد يصبح محور نقاش داخلي في الحملات الانتخابية الألمانية. الأحزاب المحافظة قد تؤيد تعزيز الإنفاق الدفاعي، بينما قد ترفضه الأحزاب اليسارية مثل حزب اليسار (Die Linke)، مما يعزز الانقسامات السياسية في ألمانيا.

التأثير الاقتصادي على الناخب الألماني

تعتمد ألمانيا على الصادرات، وخاصة في قطاع السيارات، الذي قد يتأثر سلبًا إذا أعاد ترامب فرض رسوم جمركية على المنتجات الأوروبية. مثل هذه الخطوات قد تضعف الاقتصاد الألماني، مما قد يجعل القضايا الاقتصادية أولوية في الحملات الانتخابية. الناخب الألماني قد يبحث عن حزب يوفر حلولًا للتحديات الاقتصادية التي قد تنجم عن السياسات الحمائية الأمريكية، مما قد يعزز مكانة الأحزاب ذات التوجه الاجتماعي مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD).

انعكاسات على سياسات المناخ والطاقة

من المتوقع أن يكون لسياسات ترامب المناهضة لحماية المناخ تأثير غير مباشر على السياسات الأوروبية، خصوصًا بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ. في هذه الحالة، قد تجد ألمانيا نفسها أمام تحديات إضافية في تحقيق أهدافها البيئية، مما قد يؤثر على مكانة حزب الخضر (Die Grünen) في الانتخابات.

قد تستخدم الأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة هذا التراجع الأمريكي كحجة لتخفيف القيود البيئية في ألمانيا، مما يجعل قضايا المناخ أكثر استقطابًا في النقاش السياسي.

الإعلام وانتشار الشعبوية

نجح ترامب في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز شعبيته ونشر أفكاره السياسية، وهو ما قد يتكرر في ألمانيا. انتشار الخطاب الشعبوي عبر المنصات الرقمية قد يؤدي إلى زيادة الاستقطاب السياسي بين الأحزاب التقليدية والتيارات اليمينية المتطرفة. من المحتمل أن يشهد المشهد السياسي الألماني مزيدًا من الحملات الدعائية التي تستوحي أساليب ترامب، مما قد يجعل الانتخابات أكثر حدة وسجالًا.

يمتد تأثير صعود ترامب إلى ما هو أبعد من الولايات المتحدة، ليصل إلى أوروبا وألمانيا بشكل خاص. من تصاعد الشعبوية، ومستقبل الاتحاد الأوروبي، والأمن، والتجارة، إلى السياسات الداخلية، فإن أي تغيير في البيت الأبيض قد يكون له انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على نتائج الانتخابات الألمانية. يبقى السؤال المطروح: كيف ستتعامل ألمانيا مع هذه التحديات المتزايدة في ظل المتغيرات الدولية؟.