مليارديرة إسرائيلية تُخطّط وترامب يُنفّذ.. من هي ميريام أديلسون؟
ميريام أديلسون، إسم تناقلته وتداولته وسائل الإعلام منذ بدء حملة ترشّح دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية في عام 2016، ليعود إسمها للواجهة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض بعد فوزه بولاية ثانية.
إمرأة الظل، التي تقف وراء الستار، هكذا وصفها البعض لما لديها من تأثير على أغلب القرارات ''المجنونة'' للبيت الأبيض في عهدة دونالد ترامب السابقة والحالية، فمن هي ميريام أديلسون؟
ميريام أديلسون، مليارديرة أميركية إسرائيلية صهيونية من مواليد 10 أكتوبر 1945، طبيبة وأرملة رجل الأعمال الأمريكي شيلدون أديلسون الذي تزوجته عام 1991، ومنذ ذلك الحين دخلت عالم السياسة في أمريكا وإسرائيل كداعمة شرسة ومانحة.
تحتل أديلسون المرتبة 44 في قائمة أغنى امرأة وخامس أغنى امرأة وأغنى إسرائيلية في العالم، حيث تقدر ثروتها إجمالا بـ32.4 مليار دولار أمريكي وفقًا لمؤشر بلومبيرغ للمليارديرات من خلال ملكيتها للأغلبية في لاس فيغاس ساندز.

نشأتها؟
ولدت أديلسون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عام 1945، من أبوين يهوديين مستوطنين فرّا من بولندا قبل الهولوكوست. كان والدها عضوا بارزا في حزب مابام السياسي، وفي الخمسينيات استقرت عائلتها في مدينة حيفا المحتلة، حيث كان والد أديلسون يدير العديد من دور السينما.
التحقت بمدرسة 'ريئالي العبرية' لمدة 12 عاما وتطوعت في الخدمة العسكرية الإلزامية كضابط طبي في نيس زيونا، وبعد حصولها على بكالوريوس العلوم في علم الأحياء الدقيقة وعلم الوراثة من الجامعة العبرية في القدس حصلت على شهادة الطب من جامعة تل أبيب في مدرسة ساكلر الطبية.
جعلت من زوجها مؤيدا قويا للاحتلال الصهيوني..
تزوجت أديلسون من أرييل أوكسهورن، وهو طبيب، وأنجبت منه طفلين، قبل أن يحصل الطلاق بينهما في الثمانينيات، وفي عام 1986 ذهبت إلى جامعة روكفلر في، أين التقت بشيلدون أديلسون، الذي تزوجته عام 1991.
يُنسب إليها التأثير على آراء شيلدون السياسية بشأن الاحتلال كداعمة قوية له، حيث استطاعت التأثير على أغلب مواقفه وجعلت منه مؤيدا قويا للاحتلال الصهيوني وأصبح له أصدقاء كثر من النخبة السياسية والاقتصادية الصهيونية.
وتبرعت مؤسسة عائلة أديلسون بـ200 مليون دولار لمنظمة 'تاغليت-بيرثرايت إسرائيل'، وهي مشروع يجلب الشباب اليهود للأراضي الفلسطينية المحتلة كما تبرعت بـ50 مليونا لمؤسسة "ياد فاشيم" بالقدس، والتي أقيمت للحفاظ على ''ذكرى المحرقة'' وإحيائها باستمرار.

مهّدت الطريق لنتانياهو لرئاسة الوزراء
تقول صحيفة إلباييس الإسبانية إنّ الزوجين الصهيونيين دخلا عالم السياسة بعد زواجهما، حيث أقيم حفل الزفاف في الأراضي المحتلة وأثار ضجة هناك لأنهما استخدما مقرا مخصصا للفعاليات الرسمية، وهو ما اضطر رئيس وزراء حكومة الاحتلال الحالي الصهيوني بنيامين نتنياهو الذي كان وزير خارجية آنذاك إلى تقديم اعتذار.
أنشأت المليارديرة رفقة زوجها الراحل شراكة قوية في التجارة والسياسة، فخلال عطلة لهما في مدينة البندقية، أقنعته بتحويل صالة القمار التي يمتلكها إلى منتجع عملاق، وعلى مدى سنوات قاما بتوسيع هذه الإمبراطورية لتصبح أكبر مجموعة لصالات القمار في العالم، حيث تمتد مشاريعها من لاس فيغاس إلى سنغافورة وماكاو.
وبعد مضي سنوات، استخدم الزوجان نفوذهما عبر صحيفتهما "إسرائيل اليوم" التي أسساها بعد محاولة فاشلة لشراء صحيفة معاريف عام 2007، للضغط على إيهود أولمرت الذي كان رئيس وزراء الاحتلال للتنحي عن منصبه من أجل تمهيد الساحة لصعود نتنياهو، وهي قصة تحدث عنها أولمرت في مذكراته.
شيلدون لم يفعل شيئا من دون ميريام، فقد كانت دائما الدافع وراء كثير من قراراته كما يقول فريد زيدمان صديق العائلة، في مقابلة مع مجلة بوليتيكو.

كانت عائلة أديلسون من أكبر المانحين للحزب الجمهوري الأميركي، إذ دعمت حملات عدة مرشحين وربطتها بهم علاقات وطيدة، ومنهم جورج بوش الابن وجون ماكين ورودولف جولياني، ودونالد ترامب، وفق ما صرّحت به المليارديرة لـ "نيويورك ماغازين"، قائلة: "مذهل حقا أن لدينا هذا النفوذ".
عملت ميريام جاهدة بلا كلل أو ملل على جمع اللوبي الصهيوني الاسرائيلي في أمريكا، وأغلبهم من أصحاب الثورة مستغلة تأثيرهم على الإدارة الأمريكية ووزنهم في مجلس الشيوخ، هذا الثراء الفاحش والتمويل المستمر والأموال الطائلة ساعتدها تتحكم في قرارات البيت الأبيض لتكون وراء نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وتفيد بعض المصادر المطّلعة على العلاقة بين ترامب وميريام والقريبة من الإدارة الأمريكية أنّ فكرة ترامب لـ"شراء غزة" وتوطين سكانها في أماكن أخرى، في مشروع سياسي أمريكي صهيوني مجنون لإعادة رسم معالم المنطقة، كان من تخطيط المليارديرة الاسرائيلية، فكيف ذلك؟
كانت وراء نقل السفارة الأميركية إلى القدس
صحيفة إلباييس الإسبانية نشرت قصة المليارديرة الصهيونية ميريام أديلسون والتي أنفقت بسخاء لكي تضمن عودة الرئيس الجمهوري ترامب إلى البيت الأبيض في انتخابات الأمريكية الأخيرة.

أكّدت الصحيفة أنّ ميريام وزوجها شيلدون أديلسون كانا وراء نقل السفارة الأميركية لدى الاحتلال إلى القدس، في خطوة خالفت الإجماع الدولي وتقول إنّه في حفل تدشين السفارة عام 2018 جلست ميريام وزوجها شيلدون أديلسون يصفقان بحماسة ليقوما بعدها بشراء المقر السابق للسفير الأميركي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأكثر من 80 مليون دولار لكي يضمنا ألا تتراجع الإدارة الأميركية المقبلة عن القرار.

وحين نقل ترامب السفارة الأميركية إلى القدس، دفع التحالف اليهودي الجمهوري، الذي يموله آل أديلسون، قيمة إعلان على صفحة كاملة في صحيفة نيويورك تايمز يصور ترامب وهو يرتدي القلنسوة اليهودية ويضع يده على حائط البراق، مع نص يقول "الرئيس ترامب. وعد فأوفى".
كما اعتبر مراقبون أن هذا السخاء المالي كان أحد دوافع اعتراف ترامب بسيادة الاحتلال على مرتفعات الجولان الذي احتلته إسرائيل من سوريا عام 1967.
صاحبة فكرة 'تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة'
في حملة ترامب الأولى تبرعت بـ25 مليون دولار، وبسبب كل هذا الدعم والنفوذ، حصلت ميريام على وسام الحرية من ترامب عام 2018، وبعد سنتين ورد أنها وزوجها أنفقا 172 مليون دولار لدعم مبادرات الحزب الجمهوري.
وبعد وفاة شيلدون أديلسون عام 2021، واصلت ميريام في خطتها ودعمت ترامب ومولت حملته ليعود إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية، لتصبح بعدها من أكثر الشخصيات تأثيرا على الإدارة الحالية. وأنفقت المليارديرة 95 مليون دولار على لجنة "حافظوا على أمريكا" المؤيدة للرئيس دونالد ترامب، وفقًا لإيداع قدمته لجنة الانتخابات الفيدرالية.
تُعرف المليارديرة الصهيونية برفض فكرة حل الدولتين، وأفادت بعض المصادر بأنّ ميريام اقترحت على ترامب أن تكون أكبر متبرعة له في حملته الانتخابية 2024، لكنها اشترطت أن يلتزم بقبول ضم الاحتلال للضفة الغربية إن أصبح رئيسا، وفرض "السيادة الإسرائيلية" على مساحات كبيرة من الأراضي المحتلة وأنه لا مكان للسلطة الفلسطينية ولا مجال للحديث عن تسويات سياسية للصراع. فيما يذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك ويؤكّد انّها وراء قرار 'تهجير الفلسطينيين' من غزة وشرائها' وإعطاء أجزاء من القطاع الساحلي لدول أخرى في الشرق الأوسط للمساعدة في جهود إعادة الإعمار.

وباعتبارها من أكبر حملة الأسهم في إمبراطورية القمار التي أنشأها زوجها، تواصل ميريام أنشطتها في مجال الأعمال، ففي نوفمبر 2023 اشترت فريق كرة السلة "دالاس مافريكس" في دوري المحترفين الأميركي لتعزيز مساعيها لجعل القمار نشاطا قانونيا في تكساس، لكن يبقى تركيزها الأول والأخير هو السياسة ودعم الاحتلال الاسرائيلي الغاصب.
ميريام أديلسون، هي المرأة التي تقف وراء 'رجل البيت الأبيض' وقراراته المجنونة، وكلّما زاد دعمها تعاظم نفوذها، فهل تنجح في مخطّطها أم أنّ رهان هذه المرة غير قابل للمساومة؟
*أميرة عكرمي