languageFrançais

لماذا أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية لأول مرة منذ 1980 ؟

تعتبر كوريا الجنوبية من أبرز القوى الاقتصادية العالمية، حيث يمثل اقتصادها الرابع على مستوى قارة آسيا بقيمة تُقدر بـ1.7 تريليون دولار وفق بيانات البنك الدولي. ورغم هذا الثقل الاقتصادي، تواجه البلاد تطورات سياسية حادة، كان أبرزها إعلان الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، فرض الأحكام العرفية لأول مرة منذ أكثر من 50 عامًا، مما أشعل موجة احتجاجات قرب البرلمان في العاصمة سيول.

خلفية القرار

تم بث الإعلان المفاجئ عبر التلفزيون الوطني في ساعة متأخرة من الليل، ما أثار تكهنات فورية حول احتمال وجود تهديدات أمنية خطيرة مثل هجوم إرهابي أو تصعيد مع كوريا الشمالية. لكن سرعان ما تبين أن الإجراء جاء ردًا على ضغوط سياسية داخلية متصاعدة.

فقدان حكومة يون السيطرة على البرلمان عقب فوز المعارضة في الانتخابات الأخيرة جعل تمرير القوانين أمرًا بالغ الصعوبة، ما دفعه لاتخاذ هذا القرار لتعزيز سلطاته في مواجهة معارضة متزايدة تسعى لعزله.

ردود الفعل والإدانة

واجه قرار فرض الأحكام العرفية إدانات شديدة من قادة المعارضة. زعيم الحزب الديمقراطي، لي جاي ميونغ، دعا إلى اجتماع طارئ في البرلمان للتصويت ضد القرار.

وفي الوقت ذاته، شهد محيط الجمعية الوطنية احتجاجات شعبية رافضة للقرار، حيث ردد المتظاهرون شعارات تطالب بإلغائه.

رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي شملت حافلات الشرطة لمنع الوصول إلى البرلمان، نجحت المعارضة في حشد أعضائها داخل المجلس.

تطورات متسارعة

في ظل ضغط شعبي وسياسي كبير، برزت انقسامات داخل حزب الرئيس الحاكم نفسه، حيث وصف زعيم حزب "قوة الشعب"، هان دونغ هون، القرار بأنه "خاطئ"، وتعهد بالعمل على إلغائه.

وبالفعل، وبعد تصويت البرلمان بأغلبية ساحقة (190 من أصل 190 نائبًا حضروا الجلسة)، تم إلغاء الأحكام العرفية وسحب القوات العسكرية من الشوارع، لتنتهي الأزمة سريعًا.

أزمات متفاقمة

قرار فرض الأحكام العرفية يعكس أزمة أعمق في قيادة يون، إذ تراجعت شعبيته بسبب فضائح فساد واستغلال نفوذ سياسي، أبرزها قضية تورط السيدة الأولى في فضيحة هدايا فاخرة. ورغم اعتذاره العلني، لم تنجح حكومته في استعادة ثقة الشعب أو المعارضة.

المشهد المستقبلي

تؤكد هذه التطورات قدرة الشارع الكوري الجنوبي على التأثير، مع استمرار الاحتجاجات والضغوط السياسية. يبقى السؤال الآن: هل ستتمكن حكومة يون من استعادة زمام الأمور، أم أن هذا القرار سيفاقم أزمتها السياسية ويقود إلى تغييرات جذرية؟.