languageFrançais

الانتخابات الأوروبية: اليمين المتطرف يحقق تقدما كبيرا في فرنسا

أظهرت النتائج غير النهائية للانتخابات الأوروبية، الأحد، تفوق حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة جوردان بارديلا إذ حصل على 31.5 بالمئة من الأصوات مقابل 15.2 بالمئة لصالح فاليري هاير التي ترأست قائمة المترشحين باسم حزب النهضة الرئاسي.

وبهذا يكون حزب التجمع الوطني المتطرف التشكيلة السياسية التي سيكون لديها أكبر قدر من النواب في البرلمان الأوروبي المقبل باسم فرنسا حيث سيتراوح عددهم ما بين 25 إلى 29 نائبا، وفق تقديرات استطلاعات الرأي.

وفور إعلان النتائج، انفجر مناصرو حزب التجمع الوطني في قاعة "موبير موتياليتي" بباريس فرحة، ورفعوا هتافات موالية لجوردان بارديلا وصرخوا "لقد فزنا، لقد فزنا".

وفي كلمته، دعا جوردان بارديلا الرئيس ماكرون إلى تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. وقال: "الفوز الذي حققه حزبنا يترجم إرادة الفرنسيين الراسخة في التغيير وبناء طريق جديد نحو المستقبل".

وبعد أقل من ساعة من هذا الطلب، أعلن الرئيس ماكرون في خطاب مفاجئ حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعة مبكرة في 30 جوان و7 جويلية.

وتابع بارديلا: "نريد تغيير مسار الاتحاد الأوروبي. نريد أن نتحكم في ملف الهجرة وندافع عن صناعتنا واقتصادنا وعن القدرة الشرائية للمواطنين الفرنسيين"، منوها أن عبر هذه الانتخابات "الفرنسيون عبروا عن رفضهم التام لماكرون ولنظامه وتعلقهم بفرنسا وبهويتها وتاريخها وأمنها".

وطالب بارديلا الرئيس الفرنسي أن يتراجع عن الإصلاحات الاجتماعية التي ينوي القيام بها قريبا (إصلاح نظام التعويضات المالية للعاطلين عن العمل) وعدم رفع أسعار الطاقة، مشيرا إلى أن الرئيس الفرنسي أصبح "معزولا في أوروبا وضعيفا في فرنسا".

وأنهى بارديلا الذي قاد قائمة حزب التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية: "مع هذه الهزيمة (يقصد هزيمة حزب النهضة الرئاسي)، انتهت حقبة تاريخية وبدأت حقبة جديدة معنا. أدعو جميع الفرنسيين إلى الانضمام إلينا والعمل معنا من أجل المستقبل".

وجدير بالذكر أن هذا الحزب خرج أيضا منتصرا على حساب حزب ماكرون في الانتخابات الأوروبية في 2019 بفارق نقطة واحدة فقط إذ حصد 23.34 بالمئة من المقاعد مقابل 22.42 لصالح حزب النهضة الذي كانت تقوده آنذك نتالي لوازو.

ووصف النتائج التي حققها حزب "النهضة" الحاكم بـ"الكارثية" كونها لم تتعد 15.5 بالمئة، أي نصف نتائج حزب التجمع الوطني.

وعزا المحللون الفرنسيون ذلك إلى السياسة التي اتبعها الرئيس ماكرون منذ انتخابه في 2017 والتي تمثلت حسب رأيهم في "دعم أرباب العمل ورؤوس الأموال"، إضافة إلى "الإصلاحات غير الشعبية التي قام بها مثل إصلاح نظام التقاعد الذي قامت الحكومة بتمريره بالقوة عبر المادة 49.3".

أما مرشح الاشتراكيين رافائيل غلوكسمان، فلقد حقق نتيجة مرضية مقارنة بما توقعته استطلاعات الرأي إذ فاز بـ14.3 بالمئة من الأصوات. وهي نتيجة لم يتوقعها في البداية.

وقال المرشح الاشتراكي في خطاب أمام مناصريه "أشعر بالفخر، لكن نفسي لا تميل إلى الاحتفال هذا المساء لأن اليمين المتطرف يمثل 40 بالمئة في فرنسا".

وأضاف: "نمر بمرحلة حرجة لأن اليمين المتطرف يحتل المرتبة الأولى في العديد من الدول الأوروبية. سيقومون بتفكيك المؤسسات الأوروبية. هذا هو هدفهم. لكن سنقف بالمرصاد. سنحاربهم يوما بعد يوم على المستوى الأوروبي وفي فرنسا".

وأنهى غلوكسمان: "لن نحتفل بهذا الفوز اليوم، بل سنبني المستقبل ونعمل من أجل فرض بديل سياسي جديد"، بدون أن يكشف بالتحديد ما يقصد بذلك. فهل كان يتحدث عن تأسيس حزب سياسي جديد أو تولي منصب السكرتير العام للحزب الاشتراكي في مكان أوليفييه فور.

أما مانون أوبرى التي تنفست الصعداء بعدما حقق حزب فرنسا الأبية على 9.5 بالمئة من الأصوات، فلقد قرأت على طريقتها الخاصة نتائج الانتخابات واعتبرت أنها تترجم انهيار "نظام الماكرونية" منددة بالسياسة غير "العادلة" التي يتبعها الرئيس الفرنسي.

ودعته إلى التراجع عن الإصلاحات التي ينوي القيام بها في المستقبل القريب. وخصت بذلك إصلاح نظام التعويضات المالية المقدمة للعاطلين عن العمل.

وعلى ضوء النتائج التي حققها اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية، قرر الرئيس ماكرون حل الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في 30 جوان و7 جويلية. فيما صفقت مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني لهذا القرار الذي انتقده ممثل اليسار رافائيل غلوكسمان وسياسيين آخرين.

وبهذا القرار، تدخل فرنسا في نفق سياسي لا يعرف كيف يمكن الخروج منه. فإما أن يفوز اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المقبلة بالغالبية ويقود سياسة البلاد، عبر حكومة تعايش مع ماكرون، حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 2027 أو ربما سيشهد ولادة ائتلاف جمهوري جديد وواسع النطاق هدفه قطع الطريق أمام الأحزاب اليمينية المتطرفة. وتبقى مجموعة من السيناريوهات السياسية ممكنة.

فرانس 24