عملية طوفان الأقصى.. كيف خدع مقاتلو حماس جيش الإحتلال؟
أدّت عمليّة دقيقة نفذتها حركة حماس الفلسطينية إلى مفاجأة دولة الإحتلال ونجح هجومها الذي بدأته يوم السبت 7 أكتوبر 2023، من خلال دفعها للاعتقاد بأنها غير مستعدة للقتال وأنها مهتمة بضمان حصول العمال في قطاع غزة على فرص عمل عبر الحدود.
ونقل موقع ''الشرق'' عن وكالة رويترز تصريح لمصدر مقرّب من ''حماس'' أنّ مقاتلي الحركة غالباً ما كانوا يتدربون على مرأى الجميع، بينما كان يتم دفع الكيان الصهيوني إلى الاعتقاد بأنها تلجم الحركة التي أنهكتها الحرب من خلال تقديم الحوافز الاقتصادية إلى العمال في قطاع غزة.
وأضاف المصدر "الحركة أعطت المحتلّ انطباعاً بأنها غير مستعدة للقتال".
كما تحدّث عن مخطّط الهجوم الذي يعتبر الأكثر مباغتة منذ حرب أكتوبر قبل 50 عاماً، عندما فاجأت مصر وسوريا جيش الإحتلال، قائلا "حماس استخدمت تكتيكاً استخباراتياً غير مسبوق لتضليل المحتل خلال الأشهر الماضية، من خلال إعطاء انطباع بأنها ليست على استعداد لخوض قتال أو مواجهة أثناء التحضير لهذه العملية الضخمة".
وأشار المصدر إلى أن الكيان المحتلّ ومنذ وقت طويل كان يتفاخر بقدرته على اختراق الفصائل ومراقبتها، ولذلك كان تجنب التسريبات جزءاً حاسماً من خطة "حماس"، لافتاً إلى أن العديد من القادة لم يدركوا الخطط، وأن المقاتلين الذين شاركوا في الهجوم والبالغ عددهم ألف مقاتل، لم يكونوا على دراية بالغرض من التدريبات أثناء إجرائها.
خطة من 4 أجزاء
وأكّد المصدر لرويترز أن العملية تم تقسيمها إلى 4 أجزاء، موضحاً أن الخطوة الأولى تمثلت في إطلاق 3000 صاروخ من غزة بالتزامن مع عمليات توغل نفذها مقاتلون باستخدام طائرات شراعية معلقة عبر الحدود.
وأضاف "بمجرد هبوطهم بالطائرات الشراعية المعلقة، عمل المقاتلون على تأمين المناطق لتتمكن قوات الكوماندوز من اقتحام الجدار الخرساني المحصن إلكترونياً، والذي يفصل غزة عن المستوطنات، وبنته دولة الإحتلال لمنع عمليات التسلل، وبعد ذلك استخدم المقاتلون متفجرات لاختراق الحواجز، ثم عبروها مسرعين على دراجات نارية، فيما عملت الجرافات على توسيع الفجوات في الجدار ليتمكن المزيد من المقاتلين من الدخول بسيارات رباعية الدفع".
وقال المصدر إن وحدة كوماندوز هاجمت مقر الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة وشوشت اتصالاته، ومنعت الأفراد من الاتصال بالقادة أو ببعضهم البعض، مشيراً إلى أن الجزء الأخير من العملية تضمن نقل الرهائن إلى غزة، وتحقق ذلك في وقت مبكر من الهجوم.
مستوطنة وهمية
من جانبه أوضح ممثل الحركة في لبنان أسامة حمدان لـ"رويترز" أن الهجوم "أظهر أن الفلسطينيين لديهم الإرادة لتحقيق أهدافهم بغض النظر عن القوة والقدرات العسكرية الإسرائيلية".
وأضاف أن الحركة بنت مستوطنة إسرائيلية وهمية في غزة، حيث أجرى مقاتلوها تدريبات على عمليات إنزال القوات والاقتحام، واصفاً ذلك بأنه "أحد أبرز العناصر في استعداداتهم".
كما لفت إلى أنّ حماس صوّرت مقاطع فيديو للمناورات، قائلاً "من المؤكد أن إسرائيل رأتهم، لكنها كانت مقتنعة بأن الحركة لم تكن متحمسة لخوض مواجهة".
وسعت حماس إلى إقناع دولة الإحتلال بأنها تهتم أكثر بضمان حصول العمال في قطاع غزة على فرص عمل عبر الحدود، وأن ليس لديها مصلحة في بدء حرب جديدة.
الشك في مدى جاهزية تل أبيب لمواجهة حماس
في السياق ذاته اكتسبت أجهزة استخبارات الكيان الصهيوني سمعة باعتبارها قوة لا تقهر على مدى عقود بسبب سلسلة من الإنجازات، مثل إحباط مؤامرات خُطط لها في الضفة الغربية، والمطاردة المزعومة لعناصر "حماس" في دبي، واغتيال علماء نوويين إيرانيين في قلب إيران.
لكن الهجوم الذي وقع السبت ألقى بظلال الشك بشأن هذه السمعة، وأثار تساؤلات عن مدى جاهزية تل أبيب لمواجهة عدو أضعف ولكن يتمتع بالعزيمة، حسب وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية.
ونقلت الوكالة عن مستشار الأمن القومي السابق لدولة الإحتلال يعقوب عميدرور قوله "إنه فشل ذريع، هذه العملية في الواقع تثبت أن القدرات الاستخباراتية في غزة لم تكن جيدة".
ورفض عميدرور تقديم توضيح لأسباب الفشل، مؤكداً على أهمية استخلاص الدروس عندما تهدأ الأوضاع.
وقالت الوكالة إن الافتقار الواضح إلى المعرفة المسبقة بخطة "حماس" من المرجح أن يُنظر إليه باعتباره السبب الرئيسي في سلسلة الأحداث التي أدت إلى الهجوم الأكثر دموية ضد المحتلّ منذ عقود.
وأضافت أن سحب الكيان الصهيوني لقواته ومستوطنيه من غزة عام 2005 جرده من السيطرة الوثيقة على ما يحدث في القطاع، لكن حتى بعد سيطرة "حماس" على غزة عام 2007، بدا أنه حافظ على تفوقه باستخدام الاستخبارات التكنولوجية والبشرية.
التكنولوجيا لا تكفي
ويرى أمير أفيفي، وهو جنرال متقاعد في جيش الإحتلال، أن أجهزة الأمن أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الوسائل التكنولوجية للحصول على معلومات استخباراتية بسبب عدم تواجدها داخل غزة، موضحاً أن المسلحين في غزة وجدوا طرقاً لتفادي الإمكانات التكنولوجية المستخدمة لجمع المعلومات الاستخباراتية، ما أعطى المحتلّ صورة غير كاملة عن أفكارهم.
وقال أفيفي "الجانب الآخر يعلم كيفية التعامل مع هيمنتنا التكنولوجية، وتوقف عن استخدام التقنيات التي يمكن أن تكشفهم".
العصر الحجري
وأضاف "لقد عادوا إلى العصر الحجري"، موضحاً أن المسلحين لم يستخدموا الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر، وكانوا ينفذون أعمالهم الحساسة في غرف محصنة تحصيناً خاصاً من التجسس التكنولوجي أو تحت الأرض.
ومع ذلك، أكد أفيفي أن الفشل لا يقتصر على جمع المعلومات الاستخباراتية فقط، مشيراً إلى فشل أجهزة أمن المحتلّ في تكوين صورة دقيقة من المعلومات الاستخبارية التي كانت يتلقاها.