ميلوني في باريس للمرة الأولى بعد سلسلة أزمات بين البلدين
يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء في باريس للمرة الأولى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في محاولة لتكريس عودة العلاقات إلى طبيعتها بين فرنسا وإيطاليا بعد سلسلة من الأزمات بشأن ملف الهجرة الحساس.
وسيدلي الرئيس الفرنسي ورئيسة الحكومة الإيطالية بتصريحات صحافية قبيل اللقاء المقرر بعد ظهر الثلاثاء في قصر الإليزيه على ما أفاد الجانب الفرنسي.
وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفيه فيران عبر محطة "سي نيوز"، "إيطاليا هي ثاني أكبر شريك اقتصادي لنا هي شقيقتنا الأوروبية، هم جيراننا" مشددا على الإرادة المشتركة لانجاز مشروع خط السكك الحديد المثير للجدل بين ليون وتورينو كدليل على "أن علاقاتنا قوية كما في السابق".
مبدئيا ما من نقاط مشتركة بين ماكرون الذي يعتبر نفسه تقدميا مدافعا شرسا عن الوحدة الأوروبية وبين ميلوني التي تراس ائتلافا محافظا متشددا وتنتمي إلى حزب فاشي النزعة وكان لها في السابق مواقف واضحة مناهضة للبناء الأوروبي.
وقد ظهرت التوترات إلى العلن سريعا.
بعد لقاء قصير غير رسمي في روما في أكتوبر بعيد تعيين ميلوني الفائزة بالانتخابات التشريعية، غذى ملف الهجرة هذه التوترات.
فقد رفضت إيطاليا في نوفمبر استقبال السفينة الإنسانية "أوشن فايكينغ" و230 مهاجرا على متنها ما دفع فرنسا إلى السماح لها بالرسو في موانئها منددة بالوقت نفسه بتصرف روما "غير المقبول".
وأثار وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في ماي الماضي سخط إيطاليا عندما رأى أن ميلوني "عاجزة عن تسوية مشاكل الهجرة التي انتخبت على أساسها".
لكن بموازاة ذلك، عملت الأوساط الدبلوماسية في البلدين على إعادة نسج العلاقات باسم المصالحة التي غالبا ما تتقاطع.
والتقى ماكرون وميلوني على قمم دولية عدة مع لقاء ثنائي استمر 45 دقيقة في هيروشيما خلال قمة مجموعة العشرين في ماي الماضي في اليابان. وأجرى وزيرا خارجية البلدين لقاء "حارا" نهاية ماي في روما بعد ارتفاع منسوب التوتر مجددا.
يقول المؤرخ مارك لازار الاستاذ في كلية العلوم السياسية (سيانس بو) في باريس لوكالة فرانس برس "رغم الاختلافات السياسية والإيديولوجية بين الحكومتين ثمة إدراك لدى ميلوني وماكرون بضرورة أن تتحرك فرنسا وإيطاليا بشكل مشترك. هذا يصب في مصلحة البلدين".
ويرى أن "ثمة وحدة موقف فعلية" بشأن الحرب في أوكرانيا وإعادة التفاوض بشأن الميثاق الأوروبي لاستقرار الميزانيات.
ومنذ توليها رئاسة الحكومة الإيطالية حرصت ميلوني على اظهار دعمها الكبير لكييف فيما أبدت موقفا فاترا حيال بروكسل.
وسيعاد التأكيد الثلاثاء على "الدعم المشترك لأوكرانيا" غداة إعلان الرئيس الفرنسي أن منظومة الصواريخ أرض-جو الفرنسية -الإيطالية "سامب-تي باتت منشورة على الأرض في هذا البلد.
وسيحضّر ماكرون وميلوني كذلك لقمة المجلس الأوروبي في 29 و30 جوان وقمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس في 11 و12 جويلية.
ويرى جان-بيار دارنيس الاستاذ في جامعة لويس في روما "نلاحظ أن العلاقة بين فرنسا وألمانيا في الوقت الراهن ليست في أحسن حالاتها" مضيفا أن "من مصلحة" الثنائي ميلوني-ماكرون تعزيز "التلاقي" على صعيد الاقتصاد الأوروبي.
وهو يعتبر أن هذا اللقاء "ضروري" إلا أنه يعقد "بشكل متكتم تقريبا" على غرار ما حصل في أكتوبر في روما.
فرئيسة الوزراء الإيطالية تتوجه إلى باريس في الأساس للدفاع عن ترشح العاصمة الإيطالية لاستضافة المعرض الدولي في 2030 في حين أن باريس تتقدم بطلب منافس.
وحذر مارك لازار أن "الخلافات والجدل ستستمر بين اليمين الإيطالي وحزب ماكرون" حتى الانتخابات الأوروبية في جوان 2024 إذ "ثمة اختلافات عميقة بينهما حول مستقبل أوروبا ما قد يؤثر على عودة العلاقات إلى طبيعتها".
(أ ف ب)