languageFrançais

تقرير دولي: تونس مؤهلة لتصبح مركزًا إقليميًا للهيدروجين الأخضر

تقرير دولي: تونس مؤهلة لتصبح مركزًا إقليميًا للهيدروجين الأخضر

تسعى تونس إلى دخول سوق الطاقة النظيفة عبر تطوير اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي ومواردها المتجددة الواعدة.

ووفقًا لتقرير صادر عن مؤسّسة Advisian بدعم من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، فإنّ تونس تمتلك إمكانات كبيرة تجعلها مركزًا إقليميًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره، إلاّ أنّ تحقيق هذا الطموح يتطلب تجاوز تحديات عدة.  

طاقات متجددة قوية

يُؤكّد التقرير الذي تحصلت موزاييك على نسخة منه أن تونس تتمتع بموقع جغرافي متميز على البحر الأبيض المتوسط، مما يجعلها بوابة محتملة لنقل الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا، خصوصًا عبر خط أنابيب ترانس ميد الذي يربطها بإيطاليا.

كما أنّ ساحلها الطويل يوفر مساحات ملائمة لمحطات تحلية المياه، وهي ضرورية لإنتاج الهيدروجين عبر تقنية التحليل الكهربائي.  

من ناحية الموارد الطبيعية، تمتلك تونس طاقات متجددة قوية، لا سيما في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، خصوصًا في الجنوب التونسي.

وقد بلغت القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة في البلاد 401 ميغاواط بحلول عام 2020، مع أهداف لرفع النسبة إلى 30% بحلول 2030. 

هذه العوامل تجعل تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس أقل مقارنة بالدول الأوروبية، حيث من المتوقع أن تصل إلى 2.32 يورو لكل كيلوغرام بحلول عام 2030، ما يجعلها منافسة عالميًا.  

الهيدروجين الأخضر: من الإنتاج إلى التصدير

يُبرز التقرير أنّ قطاع الأسمدة في تونس، القائم على صناعة الفوسفاط، يمكن أن يكون المحرك الرئيسي للطلب المحلي على الهيدروجين الأخضر، إذ يعتمد حاليًا بشكل كبير على استيراد الأمونيا.

ويشير التقرير إلى أنّ تونس تستورد سنويًا 62 ألف طن من الأمونيا، مما يجعل إنتاج الأمونيا الخضراء محليًا فرصة لتعزيز الأمن الطاقي وتقليل التبعية للأسواق الخارجية.  

على مستوى التصدير، يشير التقرير إلى أن تونس قادرة على تصدير الهيدروجين ومشتقاته إلى أوروبا، سواء عبر خط أنابيب ترانس ميد أو من خلال تصدير الأمونيا الخضراء والوقود الاصطناعي عبر ميناء قابس، الذي يمتلك بالفعل بنية تحتية لمناولة الأمونيا.  

تحديات تطوير القطاع

رغم هذه الفرص الواعدة، يحدد التقرير عدة تحديات تواجه مشروع الهيدروجين الأخضر في تونس، أبرزها، غياب استراتيجية وطنية واضحة، رغم بعض المبادرات، مثل التحالف التونسي-الألماني للهيدروجين الأخضر، لا تزال تونس بحاجة إلى خارطة طريق متكاملة تحدد الأولويات والسياسات الداعمة لتطوير القطاع.  

إضافة إلى نقص الحوافز المالية والتشريعية، حيث يشير التقرير إلى أن تونس بحاجة إلى آليات تحفيز مثل الإعفاءات الضريبية والدعم المالي لجذب الاستثمارات في مجال الهيدروجين.  
كما أنّ هناك مشكلات للبنية التحتية، حيث يتطلب نقل وتخزين الهيدروجين استثمارات ضخمة، إضافة إلى الحاجة إلى تطوير شبكة الكهرباء لضمان إمدادات مستقرة من الطاقة المتجددة.  
وشحّ الموارد المائية، نظراً لاعتماد إنتاج الهيدروجين الأخضر على التحليل الكهربائي للمياه، فإنّ ندرة المياه في تونس تفرض تحديًا يستدعي التوسع في مشاريع تحلية المياه.  

ما المطلوب لإنجاح المشروع؟

يوصي التقرير بضرورة تبني استراتيجية وطنية واضحة تشمل، إطلاق سياسات مالية وتحفيزية لدعم الاستثمارات في قطاع الهيدروجين الأخضر، وتوسيع شبكة الكهرباء من أجل تعزيز قدرة البلاد على إنتاج الطاقة المتجددة بكفاءة، والاستثمار في البحث والتطوير لضمان تحقيق الجدوى الاقتصادية لمشاريع الهيدروجين، مع تعزيز الشراكات الدولية لضمان نقل التكنولوجيا وتأمين التمويل اللازم.  

ويُمثل الهيدروجين الأخضر فرصة استراتيجية لتونس لتعزيز تحولها نحو اقتصاد منخفض الكربون وتحقيق مكاسب اقتصادية عبر تصدير الطاقة النظيفة.

ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الطموح يتطلب رؤية متكاملة، وإصلاحات هيكلية، واستثمارات ضخمة، لضمان نجاح المشروع والاستفادة من الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها هذا القطاع الواعد.

صلاح الدين كريمي