تمكين النساء في عالم الأعمال: مفتاح للنمو والازدهار الاقتصادي
في ظل التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة، يبرز تمكين المرأة في قطاع الأعمال كأحد العوامل الأساسية لدفع عجلة النمو والتنمية المستدامة.
فقد بات واضحًا أنّ تعزيز مشاركة النساء في قيادة الاقتصاد لا يُمثّل مجرد خطوة نحو تحقيق المساواة، بل هو رافد رئيسي لزيادة الإنتاجية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي العالمي.
ويُشير تقرير حديث صادر عن مركز المشروعات الدولية الخاصة (CIPE) إلى أنّ تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المجال الاقتصادي يمكن أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 20%، وفقًا لتقديرات البنك الدولي.
ومع ذلك، لا تزال النساء تواجه تحديات تعيق وصولهن إلى الموارد والأسواق، مما يقلل من فرصهن في تأسيس مشاريع ناجحة أو توسيع أعمالهن.
عوائق تحول دون مشاركة النساء في الاقتصاد
رغم التقدم المحرز في دعم النساء اقتصاديًا، إلاّ أنّهن يواجهن عقبات متعددة تحدّ من اندماجهن في سوق العمل وريادة الأعمال. ومن أبرز هذه التحديات:
- صعوبة الوصول إلى التمويل: تعدّ القدرة على الحصول على التمويل إحدى العقبات الكبرى التي تواجه النساء الراغبات في تأسيس أعمالهن أو توسيعها.
فغالبًا ما تتردد البنوك والمؤسسات المالية في تقديم القروض لرائدات الأعمال، خاصة في الدول النامية، بسبب عدم امتلاكهن ضمانات كافية أو سجل ائتماني قوي.
- غياب التشريعات الداعمة: لا تزال العديد من الدول تفتقر إلى قوانين وتشريعات تعزز مشاركة المرأة في الاقتصاد، مما يجعل البيئة القانونية غير مواتية لنمو الأعمال النسائية.
كما أنّ بعض القوانين تعيق وصول النساء إلى الملكية العقارية، مما يؤثر على قدرتهن على تأمين القروض وتوسيع مشاريعهن.
- التمييز في سوق العمل: لا تزال الفجوة بين الجنسين في الأجور والفرص الوظيفية قائمة في العديد من القطاعات، حيث تواجه النساء تحديات تتعلق بعدم المساواة في الترقيات والحصول على المناصب القيادية، إضافةً إلى التحيزات المجتمعية التي ترى أن الأدوار القيادية في الاقتصاد تظل حكرًا على الرجال.
- الافتقار إلى الشبكات المهنية: تلعب شبكات العلاقات المهنية دورًا محوريًا في تعزيز فرص النجاح في ريادة الأعمال، إلاّ أنّ العديد من النساء يواجهن صعوبة في الوصول إلى مثل هذه الشبكات، مما يقلل من فرصهن في بناء شراكات استراتيجية تساعد على تنمية أعمالهن.
التأثير على الاقتصاد والأمن العالمي
لا يقتصر دور تمكين المرأة في ريادة الأعمال على الفوائد الاقتصادية فقط، بل يمتد ليشمل تأثيرًا إيجابيًا على الأمن والاستقرار الاجتماعي.
إذ يرى CIPE أنّ تمكين النساء اقتصادياً يمكن أن يكون عاملًا حاسمًا في تقليل دوافع الهجرة غير النظامية والتطرف العنيف، عبر توفير فرص اقتصادية مستدامة تمنح المجتمعات المحلية استقرارا أكبر.
فالبلدان التي تدعم النساء في ريادة الأعمال تشهد معدلات نمو أعلى، وفرصًا أكبر لتطوير الاقتصاد المحلي، مما يقلل من التفاوتات الاقتصادية ويعزز الأمن الاجتماعي.
إلى جانب الدعم المباشر لرائدات الأعمال، دعا CIPE على تحسين البيئة التنظيمية من خلال التعاون مع منظمات دعم الأعمال النسائية، بهدف تسليط الضوء على العقبات القانونية التي تواجه النساء، والعمل على تقديم حلول فعالة.
إنّ تمكين المرأة في عالم الأعمال ليس مجرد قضية حقوقية، بل هو ضرورة اقتصادية تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
ومع استمرار الجهود لدعم النساء وتمكينهن، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان بيئة تنظيمية وتشريعية أكثر دعمًا، تتيح للمرأة دورًا أكثر فاعلية في قيادة الاقتصاد، وتحقق التكافؤ المنشود في عالم الأعمال.
صلاح الدين كريمي