بين فكّي المناخ وغياب النظام: من ينقذ منتجي الطماطم بسيدي بوزيد؟
تشهد مختلف أنحاء سيدي بوزيد هذه الأيام حركية شديدة فرضها موسم جني صابة الطماطم. والملاحظ أن قطاع الطماطم بهذه الربوع يستقطب أجيالا من الناشطين تتكون من الشبان والرجال والنسوة الذين يفدون ويتجندون لها في مثل هذه الأيام من كل سنة من سائر معتمديات الجهة و من الجهات المجاورة.
*اهمها للتحويل..!
وتعد ولاية سيدي بوزيد من أهم الولايات المنتجة للخضروات بصفة عامة و الطماطم خاصة الى جانب ولايتي نابل و القيروان
وتميزت هذه السنة بوفرة كميات الطماطم المعدة للتحويل و التي من المنتظر أن تصل الى 105 ألاف طن حسب وثائق المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسيدي بوزيد فيما يقدرها فلاحون " ميدانيون " بأكثر من ذلك على مساحة جملية تصل إلى 1500 هك تروى كلها بطريقة الري قطرة قطرة من طرف حوالي 1000 منتج وينتظر أن يقع تحويل كل الكميات المنتجة من الطماطم بمعامل التحويل الكائنة بالولايات التونسية المجاورة منها او البعيدة بعد ان اغلقت كل مصانع تحويل الطماطم بالجهة منذ سنوات لاسباب غير معلومة و عزف اصحابها عن ممارسة هذا النشاط الذي كان يضفي في العشرية الماضية على الجهة حركية اقتصادية هامة ويوفر آلاف مواطن الشغل بصفة مباشرة و غير مباشرة
أما عن الأصناف المنتشرة من الطماطم بالجهة فجلها مهجنة و من أبرزها " صفيرة " و " شمس" و " برفكتبيل" و" فرنز" و" كنز" و" هنز" و" هايبيل" و " نادية" و غيرها
وقد انطلقت عمليات الجني و التجميع في أواخر شهر جوان الماضي
*حين تخلت الدولة ..!
وقد أفادنا عدد من المنتجين أن الدولة تخلت عليهم منذ سنوات و حتى هذه السنة و لم تتدخل لفائدتهم لإقرار بعض الاجراءات و القرارات الحازمة للاسهام في انجاح الموسم منذ بداية انطلاقه مما تسبب في ظهور تحركات اجتجاجية نظمها منتجو الطماطم في مناسبات عديدة بالطريق الوطنية عدد 3 الرابطة بين العاصمة و توزر على مستوى مناطق الانتاج بمعتمديتي " بئر الحفي " و " سيدي بوزيد الغربية " خاصة و منعوا إعدادا من الشاحنات المقلة للطماطم من ولاية قفصة من العبور لاخلالات تشوب القطاع سببها " أصحاب مصانع معينة " - وفق تعبيرهم - و قالوا انهم مهددون بالسجن لأنهم " مكبلون " بعقود او " كمبيالات" و "شيكات " محددة بتواريخ يحل أجلها في أعقاب الموسم و ان صابة الطماطم لم يتم وسقها بالوجه المطلوب ما يجعلها مهددة بالآتلاف و الضياع من شدة حرارة هذه الأيام و عدم جنيها في الوقت المناسب و الظروف المنشودة
* أصحاب المعامل اربكوا القطاع
اكد عدد من الفلاحين لموزاييك ان كلفة إنتاج الطماطم أضحت مرتفعة حيث تصل كلفة الهكتار الواحد الى حدود 10 آلاف دينار ساهمت في ارتفاعها أسعار الأدوية و الأسمدة و البذور و اليد العاملة و المحروقات و المصاريف الناجمة عن " هروب " المائدة المائية التي وصلت الى عمق يتجاوز ال100 مترا في العديد من المناطق مما اضطر عددا كبيرا من الفلاحين الى التخلي عن آبارهم نتيجة عجزهم عن استخراج المياه بواسطة المحركات الكهربائية
* صعوبات و" لوبيات "
وأكد بعضهم أنه رغم ميل بعض اصحاب المعامل الى تمويل عملية إنتاج الطماطم قبيل و منذ انطلاق الموسم فالاشكال يبقى قائما بالنسبة للفلاح الذي لا يستطيع أن ينعم بمردود الصابة إذ يتحكم أصحاب المعامل في المداخيل التي غالبا لا تغطي التسبقة التي دفعوها للفلاح من جهة او أن يسعى صاحب المعمل الى بسط نفوذه و توسيع دائرة الانتاج اذ يحاول أن يحتوي اكثر عدد من الهكتارات في أغلب الولايات المنتجة للطماطم العدة للتحويل و التي من اهمها ولايات قفصة وسيدي بوزيد والقيروان والقصرين وجندوبة ونابل ثم لا يستطيع أن يعدل بين الجهات وكذلك بين منتجي الطماطم اثناء عملية الجمع اما لمحدودية الشاحنات المعدة للغرض و خاصة اثناء ذروة الجني سيما وان صابة الطماطم تجهز للقطف في وقت متقارب جدا ولا يمكن الابطاء بجنيها حتى لا تكون عرضة للتلف و الضياع كما أن الكميات المنقولة الى المصنع لا تتوازى و طاقة استيعاب المصنع مهما كان الأمر و هذا ما ادى الى ارباك المشهد و خوف المنتجين من إتلاف الصابة و ضياعها من جهة ثانية
واشار آخرون الى أنه على الرغم من عديد المصاعب التي تعترض عديد المصانع من حيث التمويل في البنوك و في عملية التخزين و غيرها فان مختلف القطاعات الفلاحية و من اهمها قطاع الطماطم تتحكم في " مفاصلها " اللوبيات المحمية بالقرار السياسي فضيع فيها المنتج و المستهلك معا
* قطاع مترد ينشد التنظيم
ومن جهته، أكد اكد الميداني الضاوي فلاح و عضو نقابة الفلاحين أن قطاع الطماطم استراتيجي و هام و هو يوفر مئات الالاف من مواطن الشغل لكنه غير منظم و غير محكم لعدم تدقيق و وضوح نصوص الاتفاقيات المبرمة بين أصحاب المصانع و المنتجين علاوة على تخلي الدولة و تهميشها للقطاع بتعلة أن الطماطم تستنزف المائدة المائية و هذا ما يخدم بدرجةكبيرة " الصنائعي " ( صاحب المال) حيث تعم الفوضى وتطفو الاسواق السوداء والسماسرة وأصحاب النفوذ على السطح ويتسابق الوسطاء لخدمة أصحاب المال ما يفرض حالة من الياس و القلق " يتصادم " من خلالهما صاحب المصنع مع الفلاح في ظل غياب عقود واضحة و قانون واضح يحمي الطرفين على حد السواء .
واضاف الضاوي أن الفلاح ظل منسيا و مهمشا و لم تعره الحكومة ما يستحق من عناية بل غيبته عن كل انتفاع و تركته يصارع بنفسه صعوبات جمة ( ارتفاع أسعارالمشاتل و البذور و كل ما له علاقة بذلك من حيث المواد الاولية و الادوية و الاسمدة و اليد العاملة و الطاقة ... ) على الرغم من انها مست كل الشرائح التي ظل يسهر على توفير سبل امنها الغذائي زمن الكورونا اللعين
هذا و استعرض الميداني الضاوي جملة من المقترحات العملية التي بواستطها يمكن ضمان حق الفلاح و تنظيم عمله و القضاء على سبل تكون و ظهور " اللوبيات " و إزاحة العراقيل و الصعوبات امام كل من صاحب المصنع و المنتج الفلاحي بصفة عامة.
وتتمثل هذه المقترحات في :
- ضرورة التدخل العاجل و السريع من طرف الدولة لجبر الأضرار و وسق المنتوج في وقته الى المعامل قبل حدوث الكارثة التي تحدق بالقطاع
- تنظيم القطاع وإخراجه من الفوضى وسن قوانين وعقود واضحة بين الاطراف المعنية
- تحميل المسؤولية لكل من أخطأ في ضبط برنامج و توزيعية الانتاج في مختلف مناطق الانتاج و عدم تلاؤمها مع التحويل ( طاقة استيعاب المصانع )
- التعجيل بخلاص الفلاح من قبل المصنعين
- احداث صندوق تعويض اضرار على غرار ما هو معمول به قطاع الحبوب
- الترفيع في السعر المرجعي للطماطم مواكبة لارتفاع كلفة الانتاج
- تنظيم القطاع و تشريك الهياكل المهنية للقيام بدراسات علمية و تشخيص استحقاقات البلاد من هذه المادة
- البحث عن اسواق خارجية و عالمية لترويج منتوج الطماطم كلما كانت الصابة وفرة و عدم الاقتصار على الاكتفاء الذاتي و تدعيم الاقتصاد الوطني على مستوى توفيروفير العملة الصعبة و الحد من البطالة
- تشجيع أصحاب معامل لتحويل الطماطم بجهة سيدي بوزيد في محاولة لانعاش الفلاحة خاصة من خلال تطوير زراعة الطماطم من سنة الى أخرى
- تشجيع الفلاح وحثه على خدمة الأرض وتطوير الانتاج وتحسين جودته وتسهيل ترويجه وربط علاقات مع مختلف شركات التمويل بالبذور والمشاتل والأسمدة والمحروقات وتخفيض التسعيرة لتخفيض الكلفة
- تمكين الفلاحين من المشاتل الجديدة المهجنة و التدخلات الميدانية لمقاومة بعض الآفات كحافرة الطماطم عند ظهورها
- تنظيم اسناد التراخيص في الإبان لاقامة المناشر المعدة لتجميع الطماطم في مختلف مناطق الانتاج بالجهات التونسية