أشغال عمومية تطمس تاريخ القصرين وتهدم آثارها..
مشاهد هدم تراث مادي ولا مادي، وتراكم الحجارة التي كانت شاهدة على تأسيس امبراطوريات وسقوط ممالك على قارعة الطريق، بات حدثا عاديا في ولاية القصرين التي تمتلك مخزونا أثريا وطنيا هاما يعود بعضه إلى 8000 سنة.
وما الطريق الجهوية، قيد الإنشاء، التي تمرّ عبر موقع أثري يسمى 'خنقة السلوقي' والتي تهدم مقابر تعود إلى فترة فجر التاريخ ويفوق عمرها ال 7000 سنة إلا عينة بسيطة من دراما رافقت جزء مهما من تاريخ البلاد.
وقال محافظ التراث حمد غضباني في تصريحه لموزاييك أن الانتهاكات التي مورست على مواقع تاريخية مهمة، مثل ما حدث مع هذه المقابر، هو اعتداء صريح على موروث الحضارات التي مرت بالبلاد التونسية.
وشدد على أن المعهد الوطني للتراث قد راسل الهياكل المسؤولة لكن مخطوطات المعهد لم تمنع القائمين على مشروع الطريق الوطنية من طمس جزء من مخزون البلاد من الآثار.
انتهاك طريق رومانية قديمة..
ولم تمس هذه الطريق بموروث فجر التاريخ في البلاد فحسب بل انتهكت طريقا قديمة ولم تبق منها إلا القليل من الحجارة التي لا زالت تتشبث بالأرض رغم ما شهدته من تخريب، لترسم مسارات القدامى من سكان هذه الربوع التي شيدت بحرفية لا محدودة.
غير بعيد عن هذا الموقع وفي معتمدية فوسانة من ولاية القصرين أيضا، بنيت طريق معبدة على أنقاض "رمادية" الحضارة القبصية أين كانوا يحرقون بقايا أكلهم المتمثل في الحلزون أساسا، وفق ما أكده محافظ التراث توفيق حمزاوي.
في هذه المنطقة تتكدس بقايا حلزون محروقة منذ آلاف السنين مهملة على قارعة الطريق كتاريخها المنسي.. جواهر تاريخية لا يدرك قيمتها من يمر بها بشكل يومي.
طريق تعوض موقعا أثريا في فوسانة
وفي فوسانة أيضا، وعلى بعد خطوات من التراب الجزائري، عوضت طريق أخرى موقعا أثريا ففسخته أشغالها من الوجود. ولم يسلم منه إلا بقايا الأواني التاريخية أو "الموزاييك" وسط جبل بات منطقة عسكرية مغلقة.
مئات المواقع الأثرية الأخرى تم الاعتداء عليها في تونس من أجل انجاز مشاريع عمومية أو قصد تحويلها إلى مشاريع فلاحية أو تجارية من قبل المواطنين.. أشغال محدثة بصدد طمس معالم السابقين القدامى، لترتسم صورة أيادي تحاول التخلص مما تركته الحضارات المتعاقبة للإنسانية عبر طمس تاريخها.
*برهان اليحياوي