languageFrançais

نقص الحليب: مصنع سيدي بوعلي للألبان في قلب الأزمة؟

في الوقت الذي تعيش فيه تونس نقصا كبيرا في مادة الحليب منذ عدّة أشهر مما دفع رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى وصف الأزمة بـ''المفتعلة لتأجيج الأوضاع''، مازال أكثر من 250 عاملا في مصنع الألبان الصناعية سيدي بوعلي يأملون في استئناف نشاطهم بعد فترة تسريح لأكثر من أربع سنوات بسبب أزمة ماليّة خانقة دفعت المستثمر إلى إيقاف الإنتاج في سبتمبر 2018.

 الديون تعصف بشركة ألبان سيدي بوعلي

عرفت تونس في فترة التسعينات وبداية الألفينات إلى حدود 2013 فائضا ضخما في إنتاج الحليب وكانت الوحدة الصناعية بسيدي بوعلي من بين أبرز المساهمين في الإنتاج الوطني للحليب ومشتقّاته منذ دخولها حيّز العمل 13 جوان 1978، حيث بلغ الإنتاج في وقت الذروة التي تمتدّ من شهر جانفي إلى أفريل بين 400 و 500 ألف لتر يوميا ليتراجع قليلا في أشهر جوان وجويلية وأوت إلى 300 ألف لتر يوميا.

وذكّر كاتب عام نقابة الشركة محسن جاب اللّه لموزاييك بأنّه وقع خوصصة هذه المنشأة العمومية سنة 2005 والتفويت فيها بالبيع لمستثمريْن تونسييْن بمبلغ 8 مليون دينار فيما حافظت الدولة التونسية من خلال البنك الفلاحي على نسبة 15 بالمائة من رأس المال.

وأضاف أنّ المؤسسة منحت أرضا فلاحيّة بمساحة 2 هكتارات للبنك المذكور مقابل تنازله على ديون مقدرة ب 2 مليون دينار رغم أن قيمة الأرض قيل أنّها أقّل بكثير من هذا المبلغ .

من جهته أفاد معتمد سيدي بوعلي سالم الحاج علي بأنّ ديون الشركة لفائدة ثلاثة بنوك عمومية بلغت 85 مليون دينار وقع إسنادها دون ضمانات وجرى الحسم فيها قضائيا ،فضلا عن إثقال كاهلها بديون المزوّدين والصناديق الاجتماعية فأحْجمت هذه البنوك عن إقراضها لكي تستأنف ديمومة نشاطها


كما عجزت الشركة عن تسديد ديون العملة في حدود 2 مليون دينار ومستحقّات المزوّدين ليتقرّر في جوان 2020 التفويت في المؤسسة للغير بصفة كليّة عملا بأحكام القانون عدد 34 لسنة 1995 المتعلّق بإنقاذ المؤسسات التي تمرّ بصعوبات اقتصاديّة لتكون بذلك محلّ تصفية قضائية .

تغيير صبغة العقار يحسم الإشكال؟

تمّ إعلان طلب عروض، حيث أبدت شركة واحدة رغبتها في اقتناء مصنع ألبان سيدي بوعلي، وهي شركة تعمل في مجال صناعة الألبان، متمركزة في ولاية المهدية.

وأوضح المسؤول المحلي أنّه بتاريخ 4 جويلية 2022 صدر حكم بالتفويت في ألبان الصناعيّة لفائدة هذه الشركة بمبلغ قدره 20 مليون دينار، غير أنّ إتمام إجراءات البيع تعطّلت بفعل بروز إشكال يتمثّل في أنّ جزءا من العقار ذو صبغة فلاحيّة.

كما تبيّن أنّ الشركة الموعود لها بالبيع هي شركة أجنبيّة تملك نسبة 64 بالمائة من رأس المال، و المشرّع التونسي يحجّر التفويت في العقارات الفلاحيّة للأجانب، فحال ذلك دون إستكمال عمليّة البيع.

وأمام هذا الإشكال المعقّد وبسبب تعثّر عمليّة تغيير صبغة العقار من فلاحي إلى صناعي تخلّت الشركة الأجنبيّة عن رغبتها في اقتناء مصنع الألبان بسيدي بوعلي بعد مرور سنة كاملة من دفعها تسبقة على ثمن البيع ب 300 ألف دينار .

وظلّ ملف شركة الألبان الصناعيّة سيدي بوعلي محلّ متابعة متواصلة من السلطتين الجهوية و المحليّة والهيئة العليا للاستثمار إلى أن أفضت إلى اتفاق يوم 7 ديسمبر 2023 يقضي بتغيير صبغة العقار لتسهيل عملية التفويت.

ومن المنتظر انعقاد المجلس الأعلى للإستثمار للمصادقة على تغيير الصبغة الفلاحية إلى صناعيّة ونشره في الرائد الرسمي، كما فتحت محكمة سوسة يوم 11 ديسمبر 2023 باب العروض لإيجاد مستثمر جديد .

رئيس الجمهورية على الخطّ

من جانبه أكّد والي سوسة نبيل الفرجاني لموزاييك أنّ ملف شركة الألبان الصناعيّة سيدي بوعلي هو محلّ متابعة مباشرة من رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد، مضيفا أنّه قد تتشكّل لجنة للبحث في الأسباب الرئيسيّة لغلق المصنع.

وقال والي سوسة أنّ الحل يكمن في خياريْن إما مواصلة الإجراءات القضائية والتفويت في الشركة لفائدة مستثمر أو أن تسترجعه الدولة، والخيار الثاني بصدد الدرس.


إيناس الهمّامي