''الكميون الثّقافيّ'' يقتحم قرى القصرين الحدوديّة مجدّدا..
فكرة طريفة، انطلق في تنفيذها الفنّان الشّاب بلال العلوي، في ولاية القصرين، قبل أن تخمدها أزمة الكوفيد، الّتي نالت من الثّقافة ما أخذتْ، بعد تحوّلها (الثّقافة)، منذ أمد، للأسف، إلى ما اعتبره المفكر إدوارد سعيد "مهنة من مهن التّسليع والتّداول والتّفاوض، المحكوم بالعرض والطّلب"، مثل السّوق تماماً، فكرة تتمّثل في شاحنة لعرض أنشطة، من شأنها أن تملأ فراغ أطفال قرى الحدود النّائية في القصرين، بعد أن تتنقّل إليهم حاملة لتظاهرات وكتب متجوّلة وشاشة لعرض أفلام سنيمائيّة، وغيرها من مكوّنات عروض قد تعتني بأطفال لم يعيشوا من طفولتهم ما يشبه عوالم المدن غير البعيدة عنهم.
يقول العلوي في تصريحه لموزاييك، إنّه لا يزال متشبّثاً بحلمه، رغم مطبّات مسار مشروعه.
صاحب الفكرة يستعدّ في هذه الأيّام لعرض متكامل، ينقله "كميونه الثّقافيّ" الحامل لكلّ ألوان الطّيف، ولأدوات ثقافيّة قد تكون بمثابة جرعات حَصانة ضدّ التطرّف والغلوّ، وفسحة لتثبيت مقوّمات دعم التنوّع والاختلاف منذ النّشأة الأولى، في منطقة عين جنان، في أقصى الحدود الشماليّة لولاية القصرين مع القُطْر الجزائريّ، بعد عرض أوّل كان بأقصى الحدود الجنوبيّة للولاية بمنطقة أمّ القصاب.
مناطق معزولة عن بقيّة العالم، لا تكاد تُستعمل طرقاتها إلاّ لنقل النّاس للتبضّع من أقرب المدن لها، أو لعبور سيّارات التّهريب المجنونة عبر هامشها المنسيّ، سيمرّ بها "الكميون الثّقافيّ"، الوافد عليها من بعيد..
يؤكد العلوي على أنّ مشروعه يتمثّل في زيارة هذه المناطق، وغيرها من أرياف القصرين القاسية، ضمن أيّام ثقافيّة، تحتوي فقارات تنشيطيّة، في أغوار مجال جغرافيّ تناسته الثّقافة، وفيها أيضاً ورشات في المسرح وفي الفنون التشكيليّة، غيرها من الفقرات.
ويضيف محدّثنا "الكميون الثقاقيّ سيلعب دور سينما متجولة، ومسرح ومتحف ومكتبة متحرّكة، هو باختصار ثقافة تدقّ أبواب مناطق النسيان المتعطّشة لأيّ نشاط يملأُ خواءها المميت..."
العرض القادم، للكميون الثقافيّ سيكون في مدرسة عين جنان الحدودية، حيث سيقدّم هذا المشروع عروضاً دسمة، لأكثر من 380 تلميذ، يوم 30 مارس القادم، وفق صاحب الفكرة.
في بداياته، انزلق "الكميون الثقافيّ"، تلك الفكرة الطّريفة، عن طريقه، لعوامل كثيرة، أهمّها أزمة كورونا.
وبعزيمة صاحبه، يعود، اليوم، إلى السّير داخل مسالك القرى والإبداع... مسارات لن تكون معبّدة بالورد، دون أدنى شكّ، لكنّ "الكميون" المُثقل بأحلام الأطفال بعالم تكون فيه الثّقافة حقّ مشروع، سيترك أثراً أينما حلّ، وسيرسم تجربة نجاح لشابّ تشبّث بقيادته إلى ما هو فارق، لو وجد الدّعم اللاّزم...
برهان اليحياوي