languageFrançais

سيغنال.. الأمان المطلق أم ثغرة أمنية؟ خبير تكنولوجيا يفسّر

سيغنال.. الأمان المطلق أم ثغرة أمنية؟ خبير تكنولوجيا يفسّر

في عالم تزداد فيه المخاوف بشأن الخصوصية والأمن الإلكتروني، برز تطبيق "سيغنال" كأحد أكثر منصات المراسلة أمانًا، بفضل نظام التشفير من البداية إلى النهاية.

لكن هذا التطبيق، الذي يستخدمه ناشطون وصحفيون وحتى مسؤولون حكوميون، وجد نفسه مؤخرًا في قلب جدل أمني كبير، بعدما استخدمه كبار مساعدي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمناقشة خطط عسكرية حساسة تتعلق بالحرب في اليمن، ليقعوا في خطأ فادح بإضافة صحفي إلى محادثة مشفرة عن طريق الخطأ.

ما مدى أمان سيغنال؟

قال الاستشاري في إدارة التكنولوجيا وعضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لإدارة التكنولوجيا محمد عزام في تصريح لموزاييك اليوم الأربعاء 26 مارس 2025، إن تطبيق سيغنال يتميّز بتشفير متقدم يحول دون وصول أي طرف ثالث إلى المحادثات، حتى الشركة نفسها لا تستطيع الاطلاع على محتوى الرسائل أو المكالمات، حيث لا يجمع التطبيق بيانات المستخدمين باستثناء أرقام الهواتف وتواريخ تسجيل الدخول، بينما تُحفظ جميع المحادثات على أجهزة المستخدمين وليس على خوادم التطبيق، مع إمكانية تفعيل ميزة الحذف التلقائي للرسائل.

كما لا يعتمد سيغنال على الإعلانات أو بيع البيانات، مما يعزز من سمعته كأحد أكثر التطبيقات أمانًا، غير أن الخبير يؤكد أن أمان أي تطبيق يظل مرتبطا بمدى أمان الهاتف نفسه، إذ أن اختراق الجهاز قد يتيح للقراصنة الوصول إلى جميع الرسائل حتى وإن كانت مشفرة.

ورغم أن شعبيته أقل بكثير من تطبيقات أخرى على غرار واتساب، الذي يضم أكثر من 2 مليار مستخدم، إلا أن سيغنال يُستخدم من قبل حوالي 40 إلى 50 مليون شخص حول العالم، أغلبهم من المهتمين بالخصوصية والصحفيين والناشطين.

وأشار الخبير في التكنولوجيا، إلى أن التطبيق "سيغنال" عاد إلى الواجهة بعد تسريبات أمنية خطيرة كشفت أن كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية من بينهم وزير الخارجية ووزير الدفاع ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، ومستشار الأمن القومي، والمتحدثة باسم البيت الأبيض، كانوا يستخدمون مجموعة دردشة على "سيغنال" لمناقشة مواضيع حساسة تتعلق بمواضيع مصنّفة حساسة جدا على مستوى سياسي وعسكري.

هل يشكل سيغنال خطرًا على أمن الدول؟

الجدل الذي أثاره استخدام كبار المسؤولين في إدارة ترامب للتطبيق يسلط الضوء على قضية حساسة ألا وهي "هل يمكن الوثوق بتطبيقات تجارية لمناقشة قضايا أمنية حساسة"؟ فبينما يوفر سيغنال حماية عالية للبيانات، فإن الخطأ البشري، كما حدث مع مساعدي ترامب، قد يؤدي إلى تسريبات خطيرة.

وحسب ما أكده عضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لإدارة التكنولوجيا محمد عزام فإن هذه الواقعة تُظهر تحديات جديدة في عالم الاتصالات الرقمية، حيث أصبحت التطبيقات المشفرة أداة رئيسية ليس فقط للأفراد، ولكن أيضًا للمسؤولين وصناع القرار، مما يثير تساؤلات حول تأثيرها على الأمن القومي للدول.

ويرى خبراء في هذا السياق، أن الاعتماد على تطبيقات غير خاضعة للرقابة الحكومية في المحادثات الرسمية يشكل خطرًا محتملاً، بينما يرى آخرون أن التطبيقات الحكومية قد تكون أكثر عرضة للاستهداف من قبل القراصنة، مما يجعل استخدام تطبيقات مفتوحة المصدر مثل "سيغنال" خيارًا أكثر أمانًا.

مستقبل سيغنال والتطبيقات المشفرة

منذ تأسيسه عام 2012 على يد Moxie Marlinspike وBrian Acton، اكتسب سيغنال شعبية واسعة، خاصة بعد انسحاب العديد من المستخدمين من واتساب عام 2021 بسبب مخاوف الخصوصية.

ومع ذلك، مازال التطبيق يواجه تحديات تتعلق بالتوازن بين الخصوصية والأمن القومي، في وقت تسعى فيه الحكومات حول العالم إلى فرض مزيد من الرقابة على وسائل الاتصال المشفرة.

ورغم تصنيفه كواحد من أكثر التطبيقات أمانًا، يبقى السؤال مفتوحًا: هل الخصوصية المطلقة ممكنة في عالم تتشابك فيه التكنولوجيا مع السياسة والأمن؟

غفران العكرمي